2024-03-26

تحقيق السيادة الغذائية والاكتفاء الذاتي: ضرورة توجيه الاستثمارات العمومية نحو القطاعات الاستراتيجية

يتفق خبراء الشأن الاقتصادي على أن إسترجاع النسق العادي للنمو الاقتصادي وإستعادة التوازنات المالية، وتجاوز الأزمة الإقتصادية الحالية في بلادنا يمر عبر التسريع في إنجاز الإصلاحات الضرورية التي تعمل على  تحفيز الإستثمار والترفيع في نسق التصدير وتدعيم مصادر الدخل التي تعزز احتياطات البلاد من العملة الصعبة وهو ما يعني التركيز على الحلول التي من شأنها دفع محركات النمو وتحريك عجلة الإقتصاد وإخراجه من انكماشه وجموده الحالي ليصبح اقتصادا منتجا قادرا على خلق الثروة وعلى توفير مواطن الشغل وتحقيق الاكتفاء الذاتي للبلاد. وهذا بدوره مرتبط بمدى التسريع في إنجاز إصلاحات اقتصادية فاعلة وناجعة يمكنها أن تقلب المعادلة وتعطي دفعا لإخراج البلاد مما تردت فيه . والواضح ان نسبة النمو الاقتصادي بـ0,4% لكامل سنة 2023 تبقى نسبة ضعيفة ودون المأمول وهي مؤشر على ان الاقتصاد التونسي غير منتج وغير قادر على خلق الثروة وتوفير مواطن الشغل بالنظر إلى أن نسبة البطالة سجلت ارتفاعا  الى 16,4%. وفي خصوص المؤشرات المتعلقة ببداية العام الجاري فقد أظهرت تحسنا نسبيا لنمو إجمالي الناتج المحلي في الثلاثي الأول من سنة 2024 وفق البنك المركزي التونسي حيث استفاد النشاط الاقتصادي بشكل خاص من الانتعاشة التدريجية للديناميكية المسجلة على مستوى القطاع الفلاحي بعد انكماش تاريخي بنسبة 11% في سنة 2023 والذي قلص النمو الاقتصادي السنوي بمقدار نقطة مئوية.

وعلاوة على ذلك، وبحسب المصدر ذاته فإن ديناميكية كل من صادرات السلع والوفود السياحية، خلال الشهرين الأولين من سنة 2024، من شأنها أن تؤدي إلى تحفيز النمو. كما شهد رصيد العمليات الجارية، في شهر فيفري 2024، تحسنا بالمقارنة مع نفس الفترة من السنة السابقة حيث تقلص العجز الجاري إلى مستوى 163 مليون دينار (أو -0,1٪ من إجمالي الناتج المحلي) في موفى الشهرين الأولين من سنة 2024، مقابل 797 مليون دينار (أو -0,5٪ من إجمالي الناتج المحلي) في العام السابق.

ويعزى ذلك وفق البنك المركزي إلى تراجع العجز التجاري والذي بلغ 1.784 مليون دينار مقابل 2.359 مليون دينار في موفى شهر فيفري 2023.وعلى أهمية هذه المؤشرات فإن الوضع الاقتصادي الحالي مازال يتطلب العمل لتحقيق نقلة نوعية للاقتصاد التونسي. هذا ويأمل متابعو الشأن الاقتصادي أن يكون مشروع مجلة الصرف التي ينتظر أن يصادق عليها مجلس نواب الشعب في الفترة القادمة  بالفعل ثورة تشريعية وتعطي دفعا كبيرا للاستثمار والاقتصاد في البلاد، لكنها تبقى غير كافية من أجل خلق ديناميكية إقتصادية شاملة اذ تتطلب ايضا اصدار مجلة الإستثمارات لتحسين مناخ الإستثمار وتخليص الإقتصاد من مختلف المكبلات والمعرقلات.كما يشترط الخروج من  الوضع الاقتصادي الحالي ايضا وفق قراءات اقتصادية ضرورة إصدار حزمة إصلاحات أخرى تشجيعية ومؤسساتية مصاحبة على المديين القصير والطويل،  ومراجعة الامتيازات والحوافز الجبائية من خلال تقييم فعّال لتأثيرها على المستوى الإجتماعي والإقتصادي والبيئي، وترشيد هذه الامتيازات الجبائية بشكل فعال لتحقيق عدالة جبائية  وتوجيهها نحو القطاعات ذات النفع الاجتماعي وتتخذ إجراءات تحد من التبعية والحاجة إلى العملة الصعبة وذلك عبر توجيه الاستثمارات العمومية نحو قطاعات إستراتيجية لتحقيق السيادة الغذائية والاكتفاء الذاتي في المجال الطاقي،وتوجيه الاستثمارات نحو بنية تحتية مائية وكهربائية مستدامة،بما أنها قطاعات مستنزفة للعملة الصعبة وعاملا رئيسا في تبعية الاقتصاد التونسي وإعتماده على التداين من المؤسسات المالية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

من أجل تحقيق الأمن الغذائي..

 لا شك أن ارتفاع الصادرات الفلاحية التونسية وتحسّن عائداتها  وهو ما أكدته الارقام الاخيرة …