شملت الابحاث فيه كوادر عليا بالداخلية و تضرر منه 244 عسكري : ملف براكة الساحل امام جلسة العدالة الانتقالية
باشرت صباح يوم الخميس 21 مارس 2024 هيئة الدائرة الجنائية المتخصصة في العدالة الانتقالية بالمحكمة الابتدائية بتونس النظر في ملف قضية «براكة الساحل» التي تضرر منها 244 عسكري والتي أحالتها عليها هيئة الحقيقة والكرامة وضمت لائحة الاتهام 15 متهما بينهم الرئيس الراحل بن علي وعبد الله القلال ومحمد علي القنزوعي وعز الدين جنيح وعدة قيادات أمنية وجهت إليهم تهم التعذيب والإيقاف التعسفي وإلقاء القبض على شخص واحتجازه دون إذن قضائي صاحبه العنف والتهديد والمشاركة في ذلك.
وبالمناداة على المنسوب لهم الانتهاك حضر البعض في حين تخلف البعض الاخر عن الحضور وتبين انه صدرت بطاقة جلب في حق محمد علي القنزوعي وعز الدين جنيح.
وبينت النيابة العمومية ان النصاب القانوني للهيئة غير مكتمل فطلبت التأخير لانتظار اكتمال النصاب القانوني للهيئة أثر التحاق بعض اعضائها للعمل بمحاكم أخرى فقررت الدائرة تأجيل المحاكمة لجلسة 6 جوان المقبل.
وللتذكير فأن ملف قضية «براكة الساحل» من أبرز القضايا التي شهدت عمليات تعذيب ممنهجة وفظيعة وعددا كبيرا من المتضررين من العسكريين ففي 22 ماي 1991 قال وزير الداخلية عبد الله القلال في ندوة صحفية أنه تم اكتشاف مؤامرة كانت تحاك للانقلاب على نظام «بن علي» واتهم حركة النهضة ذات التوجه الإسلامي بالتحضير للانقلاب العسكري واختراق المؤسسة العسكرية هذا التلاعب المحاك من قبل أجهزة أمن الدولة استطاع أن يقنع الرأي العام، وفي هذا الإطار تم إيقاف العسكريين زورا وتم اقتيادهم إلى وزارة الداخلية أين خضعوا إلى شتى أنواع التعذيب، بعد ذلك تم إطلاق سراح 151 منهم بينما اقتيد 93 آخرين للمحكمة أين حكم عليهم بأحكام تراوحت بين ثلاثة و16 سنة سجنا.
من جهة أخرى خسر كل المتهمين مناصبهم في الجيش ولم يعودوا يتمتعون بحقوقهم القانونية.
ونفذت العملية من قبل وزير الداخلية عبد الله القلال ووزير الدفاع الوطني حينها فأما الأول فقد تحمل مسؤوليته القانونية في الاستعمال الممنهج للتعذيب ضد العسكريين والثاني تحمل مسؤوليته القانونية والأخلاقية.
وفي 23 جوان1991 استقبل القلال وفدا من كبار الضباط من بين الذين وقع توقيفهم وتعذيبهم وقدم لهم اعتذاراته واعترف لهم ببراءتهم وذلك بحضور ممثلي وزارة الدفاع ومن بينهم المدير العام للقضاء العسكري والمدير العام للأمن العسكري إلا أنه حتى بعد إعلان براءتهم لم يسمح للعسكريين بالرجوع لمناصبهم في صفوف الجيش وذلك بأمر خاص من بن علي القائد الأعلى للقوات المسلحة دستوريا ولمدة عقدين شهد العسكريون هرسلة متواصلة من قبل قوات الأمن وتم منعهم كذلك من العمل والسفر وأشياء أخرى أثناء هذه المدة وتم الاحتفاظ بهذه القضية تحت جدار من الصمت من قبل النظام.
وفي سنة 2011 اثر اندلاع الثورة تم إنشاء جمعية «إنصاف قدماء العسكريين» من قبل عدة ضباط متقاعدين والذين تضرروا في قضية «براكة الساحل» وأخذت هذه الجمعية على عاتقها الدفاع عن قضيتهم لدى المؤسسة العسكرية من أجل تحقيق إعادة التأهيل الرسمي للضحايا واسترداد جميع حقوقهم مع تعويض عادل عن الأضرار التي لحقت بهم وعملت أيضا على إيصال قضيتهم حول الانتهاكات التي تعرضوا لها.
شهادات ..
وقد فسحت الهيئة في جلسة سابقة واكبتها «الصحافة اليوم» المجال للمتضررين للإدلاء بشهاداتهم واستمعت إلى شهادة المتضرر الشاذلي الخميري الذي لاحظ أنه أنتدب سنة 1977 وكيلا مساعدا في البحرية وفي تاريخ 08 ماي 1991 لما كان يهم بمغادرة ثكنة منزل جميل تم إعلامه أنه مكلف بالتنقل في مهمة وتم نقله إلى المثلث العسكري باب سعدون أين نقل إلى إدارة الأمن العسكري وخضع إلى أسئلة إرشادية قبل نقله إلى ثكنة العوينة أين انتزع منه زيه العسكري بقي فيها لمدة حوالي 20 يوما في ظروف سيئة للغاية وأعيد له زيه وتم نقله إلى وزارة الداخلية أين انتزع منه زيه مرة أخرى وخضع إلى البحث حول انتمائه ونشاطه السياسي ولم يوجه له أي سؤال حول براكة الساحل، ملاحظا أنه يمارس واجباته الدينية وليس له أي نشاط فكري أو سياسي بقي «بمخافر» الداخلية لمدة 20 يوما خضع فيها إلى التعذيب كوضع الدجاجة فضلا عن السب والشتم على فترات ولا يذكر أسماء من عذبه غير أنه تردد ذكر اسم يكنى «الزوو» كان يقوم بتفقد مقرات الإيقاف ولم يتعرض من قبله إلى التعذيب وتم إخلاء سبيله على إثره برغم آثار التعذيب البادية عليه وتم تمكينه من تذكرة النقل إلى مسقط رأسه بجندوبة وبقي يتقاضى جراية عمرية 90دينارا، وبقي عاطلاً عن العمل رغم أنه عائل لزوجة وثلاثة أطفال وتم إخضاعه للمراقبة وبقي على تلك الحال إلى حدود الثورة ولاحظ أنه تحصل على مقرر جبر الضرر 74 % وطلب محاسبة من تسبب في حرمانه من العمل وعزله من وظيفته وما تعرض له من انتهاكات حتى لا يتم تكرار ذلك.
وأما الشاذلي الخميري فذكر في شهادته انه عمل سنة 1983 برتبة ضابط صف إلى حدود 1991 حيث عمل عريف أول وفي 21 ماي 1991 تم إيقافه من ثكنة المدرعات ثم تم إيقافه بسجن الثكنة مع مجموعة من الشباب وضباط الصف لمدة شهر ثم وقع نقله مع ثلاثة آخرين مكبلي الأيدي إلى إدارة الأمن العسكري أين تم أخذ إرشادات وتسليمهم في نفس اليوم إلى وزارة الداخلية بعد نزع ملابسهم الداخلية واخضعوا إلى البحث ونالوا ألوانا شتى من أنواع التعذيب.
النهضة..
وتمحورت الأسئلة الموجهة إليه حول تمويل حركة النهضة آنذاك بالتبرع بجزء من جرايته حسب ادعاء النقيب محسن وبمكافحته به كان لا يرد إلا بالإيماء وبادية عليه الانتهاكات ملاحظا أنه لا يعرف معذبيه الذين كانوا يرتدون ملابس مدنية وأمضى على محضر البحث دون الإطلاع عليه وتم نقله إلى السجن المدني بمرناق قبل عرضه على التحقيق العسكري الذي أذن بإيداعه بالسجن قضاها بين سجن 09 أفريل وسجن برج الرومي، وتعرض خلال فترة إيقافه إلى العديد من الإهانات والتعذيب النفسي والسب والشتم قضاها في رعب وجميع الموقوفين معه من قضية براكة الساحل تواصل إلى حوالي سنة قبل أن يتم الإفراج عنه دون محاكمة.
وبعد خروجه من السجن أوقف عن العمل وأصبح يتقاضى جراية بسيطة عن الفترة التي قضاها لقاء مساهمته بالصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الإجتماعية مضيفا أنه تم منعه من العمل وتعرض لصعوبات في الاندماج في الحياة بسبب ملاحقته وإخضاعه للمراقبة الإدارية المشددة.
وبالسماع الی شهادة عبد الرزاق العبیدي من قبل رئيس الدائرة صرح انه انخرط بالجیش أواخر سنة 1977 بمدرسة ضباط الصف ببنزرت في اختصاص الإدارة من المدرسة التقنیة للجیوش وتنقل في عدید المهمات العسكریة المنوطة باختصاصه في عدید الوحدات داخل الجمهوریة من رمادة الی باجة الی تطاوین إلی حدود یوم 17 جوان 1991 حیث تم خفر إلی دار الباهي الأدغم بباب سعدون أین خضع الی أبحاث عادیة ثم توجه من الغد إلی ثكنة العوینة دون أن یعرف سبب خضوعه لهذا الإجراء وخلال سنة 1991 نقل إلی وزارة الداخلية أین خضع إلی عملیات التعذیب بالطابق الثاني كإخضاعه لوضع الدجاجة المصلیة والتعریة والصفع والكلام البذيء.
وقد استمر علی تلك الحالة لمدة 5 أیام وتعلقت أبحاثه عن انتمائه الی حركة الاتجاه الإسلامی (النهضة) حاليا وادائه للصلاة موضحا انه لم یتمكن من قراءة محضره وأمضی علیه مجبرا.
مشيرا الى انه بعد عشرة ایام أعید إلی باب سعدون وقدم له اعتذار وتمتع بترخيص یمدد في كل مرة إلی حدود أواخر دیسمبر 1991 تاریخ إعلامه بعزله من صفوف الجیش ورغم التجائه إلی المحكمة الإداریة والتي قضت لفائدته بالعودة إلی العمل إلا أن وزارة الدفاع لم تستجب لذلك لتنطلق المعاناة الجدیدة مع المراقبة الإداریة الیومیة إضافة إلی الزیارات الفجئية الأمنیة لمحل سكناه والمحاصرة الإقتصادیة حیث وقع قرار غلق محل زوجته من قبل والي سیدي بوزید مما اضطره إلی فتح محل لبیع المواد المدرسیة باسم صهره كما افاد انه لا یعرف معذبیه وتمسك بتصریحاته بهیئة الحقیقة والكرامة..
محاكمة رجل الأعمال ورئيس الملعب التونسي سابقا جلال بن عيسى
نظرت ظهر أمس الخميس 21 نوفمبر 2024 هيئة الدائرة الجنائية المختصة في النظر في قضايا الفسا…