الأسرة التونسية : تحدّيات جمّة تتهدّدها رغم البرامج والآليات
تواجه الأسرة التونسية اليوم العديد من التحديات من أجل المحافظة على تماسكها واستقرارها ورغم الآليات والبرامج التي وضعتها الدولة الا ان العديد من الظواهر مازالت تهدد هذا الاستقرار.
ومن أبرز هذه التحديات ارتفاع تكلفة المعيشة التي اثرت على مستويات عيش أغلب الأسر من كلتا الطبقتين الفقيرة والمتوسطة إضافة إلى تداعيات التحولات الديموغرافية التي تؤشر إلى بداية تهرم المجتمع التونسي وما سينجر عنه من مخاطر جانبية ومن أهمها انخفاض مؤشر الخصوبة وزيادة الاعباء على الدولة، ويفسر العديد من المختصين تزايد نسبة تهرم السكان في تونس إلى السياسات السكانية التي تتبعها الدولة لتحديد النسل والتّحكّم في الزّيادة السّكّانيّة، وسط إقرار بتراجع نسبة الشباب في المجتمع التونسي مقابل ارتفاع نسبتي الكهول والشيوخ الى جانب هذه التحديات الديموغرافية تعيش الأسرة التونسية اليوم حالة من انعدام التماسك والتشتت بسبب تفاقم الكثير من الظواهر المجتمعية.وأمام هذا الكم الهائل من التحديات نتساءل هل سيكون بإمكان البرامج ومختلف الاليات التي وضعتها الدولة للنهوض بأوضاع الأسرة القدرة على المجابهة وتحقيق التماسك والاستقرار المنشودين ام أن تفشي ظواهر العنف والانتحار والهجرة غير الامنة وارتفاع نسب الطلاق وتزايد نسب العنوسة وارتفاع نسبة عزوف الشباب عن الاقدام على تكوين مؤسسة الزواج وتزايد الانجاب خارج اطر الزواج وتفشي الادمان بمختلف انواعه كلها نواقيس خطر من اجل اعادة النظر في مختلف السياسات المعتمدة ؟
وباعتبار أن الأسرة هي الخليّة الأساسية للمجتمع وعلى الدولة حمايتها أكدت آمال بلحاج موسى، وزيرة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السنّ، صباح السبت الماضي ،لدى افتتاحها أشغال الندوة الوطنيّة حول «الأسرة التونسيّة: الآليّات الوطنيّة للمرافقة والحماية» التي انتظمت بمناسبة إحياء تونس لليوم العربيّ لحقوق الإنسان على المنزلة الاستراتيجيّة التي تحظى بها الأسرة وكافة أفرادها ضمن مشروع تونس المجتمعيّ والتزام الدولة التونسيّة بتعزيز قدرات الأسرة وحمايتها ودعم استقرارها وتوازنها مشددة على أهمية ارتفاع عدد المنتفعات من برامج التمكين الاقتصادي وأيضا تضاعف عدد الأطفال المنتفعين ببرامج الطفولة المبكرة منذ سنة 2022مؤكدة أنّ الوزارة تسعى عبر الآليات المختلفة للاضطلاع بدورها الاجتماعي إزاء الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن والمحافظة على تماسك الأسرة عبر التوعية من خلال برنامج التمكين الاجتماعي للأسر في 19 ولاية والذي استهدف ما يناهز 71 ألف أسرة منذ إحداثه و10 آلاف أسرة خلال سنة 2023 وسيشمل سنة 2024 ولايات بن عروس وتونس وتطاوين ونابل.
وتعمل الوزارة أيضا على تكريس حقّ كل الأطفال دون تمييز في الرفاه والنّماء داخل محيط أسريّ متوازن، من خلال وضع جملة من السّياسات والاستراتيجيّات من أهمّها برامج النّهوض بالطّفولة المبكّرة من ذلك برنامج الرّوضة العموميّة بإحداث 49 روضة عموميّة إلى حدود 2023، وبرمجة إحداث 20 روضة عموميّة جديدة سنة 2024 وبرنامج روضتنا في حومتنا الذي استفاد منه 20 الف طفل سنة 2023 مقابل 15 الف طفل سنة 2022 ومن المبرمج انتفاع 25 ألف طفل سنة 2024 و30 ألف طفل سنة 2025، إلى جانب برنامج إعادة إحياء رياض الأطفال البلديّة وبرنامج الدّمج التّربوي لأطفال طيف التّوحّد ضمن مؤسّسات الطّفولة المبكّرة.
من جانبها تعمل وزارة الشؤون الاجتماعيةعلى تأمين برامج النهوض الاجتماعي من تأهيل وإدماج إجتماعي لفائدة الأسر والأطفال المهدّدين والشبّان والنساء والكهول والمسنين والأجانب وذوي الإعاقة.ففي إطار منظومة «الأمان الاجتماعي»أكدت السيدة منى بوشلغومة، مديرة بوزارة الشؤون الاجتماعيّة ان عدد 340 ألف انتفعوا بالمنحة المالية الشهرية للأسر الفقيرة في موفّى سنة 2023 ويبلغ عدد الأسر الفقيرة المنتفعة بمجانية العلاج والإقامة بالهياكل الصّحية العمومية خلال سنة 2024 حوالي 345 ألف عائلة، وتنتفع حوالي 620 ألف عائلة محدودة الدخل بالعلاج بالتعريفة المنخفضة وانتفع 156418 طفل البالغين عددهم بين 0-5 سنوات إلى غاية ديسمبر 2023 بالمنحة العائلية وحوالي 217157 أسرة إنتفعت بالمنحة العائلية لفائدة 422542 طفل في الفئة العمريّة 18-6 سنة. وبخصوص برنامج إيداع الأشخاص ذوي الإعاقة فاقدي السند لدى أسر بيّنت ممثلة وزارة الشؤون الاجتماعيّة أنّه، خلال سنة 2023 بلغ عدد المعاقين المتكفل بهم 310 وعدد الأسر الكافلة 298 باسناد منحة تكفل تقدر بـ 350 دينار شهريا بهدف إبقاء الشخص ذي الاعاقة قدر الإمكان بمحيطه الطبيعي.
وفي ما يتعلق بآلية الوساطة العائليّة التي تهدف إلى إعادة الإدماج الأسري وحماية الأسرة وأفرادها من التفكّك والتصدّع تمّ سنة 2023 التدخّل لفائدة 5330 وضعيّة تعيش صعوبات علائقيّة متعهّد بها من قبل مراكز الدفاع والإدماج الاجتماعي ووحدات الدفاع الاجتماعي من بينها 1044 أسرة و92 وضعيّة تشكوخلافات زوجيّة.
وتشير مختلف النتائج الإحصائية التي أنجزها المعهد الوطني للإحصاء على غرار المسح العنقودي لسنة 2023 والمسح الوطني حول العنف المسلط على المرأة الذي تم إنجازه في 7 مارس الجاري إلى تراجع كل من حجم الأسرة من 5 أفراد في منصف التسعينات إلى أقل من 4 أفراد في السنوات الأخيرة (3.8)، وتأخر سن الزواج في السنوات الأخيرة ليصبح 30 سنة بعد ما كان 24 سنة، وتراجع ملحوظ لنسبة الولادات من 225 ألف إلى 160ألف ولادة سنة 2023.
التطورات الجديدة في ملف الأعوان المتعاقدين بوزارة التربية : هل هي بداية الانفراج للقطع النهائي مع آليات التشغيل الهش؟
بعد سنوات طويلة من النضالات المتواصلة من أجل حلحلة ملفهم الذي ظل يراوح مكانه بسبب عدم تجا…