العنف الجنسي مسكوت عنه : تطور إلى حدّ التهديد عبر الفبركة بالذكاء الاصطناعي
الأرقام المسجلة خلال الأشهر الأخيرة «مفزعة»، خاصة مع تصاعد حالات العنف الجنسي وعدد عمليات القتل التي تفاقمت بشكل لافت ودون تفسير يذكر من السلطات المعنية إذ لا يكاد يمر أسبوع واحد دون تسجيل جريمة قتل ضد النساء وقد بينت الاحصائيات والدراسات أن نسبة 75.4 ٪ من النساء صرحن بأنهن تعرضن للعنف الجنسي في الأماكن العامة و15.7 ٪ تعرضن له في المجال الخاص.
وقد عرف الفصل 3 من القانون الأساسي عدد 58 لسنة 2017 العنف الجنسي بأنه «كل فعل أو قول يهدف مرتكبه إلى إخضاع المرأة لرغباته أورغبات غيره الجنسية باستخدام الإكراه أو التغرير أوالضغط وغيرها من وسائل إضعاف وسلب الإرادة وذلك بغض النظر عن علاقة الفاعل بالضحية».
وفي متابعة لهذه الظاهرة التي لا تهدد فقط النساء انما الأطفال أيضا أكدت السيدة سوسن الجعدي ناشطة حقوقية والمسؤولة عن مشروع دعم مناهضة العنف للاورومتوسطية للحقوق في تصريح خاص لـ «الصحافة اليوم» أن النساء قد حظين في تونس بترسانة قانونية تحمي حقوقهن ،غير انهن مازلن عرضة للانتهاكات في غياب ثقافة المساواة الفعلية بين الجنسين وفي غياب قوانين صارمة تمنع انتهاك اعراضهن وحقوقهن مؤكدة انه مع كل تغيير او ازمة تكون المرأة الحلقة الأضعف والاكثر عرضة للاستغلال والاستضعاف وأشارت الجعدي في السياق إلى ارتفاع منسوب جميع أشكال العنف اللفظي والجسدي والمعنوي والإلكتروني والجنسي الذي تفاقم خاصة مع الأطفال .
وافادت الجعدي انها حرصت خلال ورشة تفاعلية تم تنظيمها مؤخرا تحت عنوان «اتكلم ما تسكتش احمي حرمتك الجسدية قول لا للعنف والتحرش! الحق معاك والقانون يحميك» على التصدي لكل أشكال العنف والتحرش وذلك عبر مبادرة تحسيسية قامت بها مع الاطراف المعنية في مؤسسة تربوية وتم التركيز خلالها على العنف الجنسي الموجه ضد الأطفال واليافعين لكي يحموا حرمتهم الجسدية وتوعيتهم بخطورة هذه الظاهرة وبكيفية التصدي لها مبينة أنها أرادت أن تنطلق بتوعية الناشئة حتي تكون النتائج مثمرة .
ومن جانب آخر أكدت الجعدي انه تم في اطار مشروع دعم مناهضة العنف ضد النساء عبر الحوار وتعزيز القدرات للاورومتوسطية للحقوق الذي يتم تنفيذه في أربع ولايات هي توزر جندوبة سيدي بوزيد القيروان تنظيم الدورة الثانية للحلقات التكوينية التي شاركت فيها اكثر من مائة امرأة من جميع الاعمار والاختصاصات وذلك بهدف تمكين النساء من التعامل مع اهم التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي نعيشها على مستوى وطني اضافة إلى مناهضة جميع انواع العنف ومنها العنف الاقتصادي وخاصة التحرش والعنف الجنسي مبينة أن هذا النوع من العنف المسكوت عنه تفاقم في ولاية القيروان بشكل كبير مؤكدة انه تم في لقاء مع رئيس طب التشريح في المستشفى الجهوي بالقيروان الكشف عن تسجيل ما بين 300 و400 حالة عنف جنسي مقارنة بما تتلقاه اقسام الطب الشرعي في ولايات أخرى وهوما يعرّي حسب قولها تفاقم هذه الظاهرة في كل الفضاءات الخاص منها والعام وفي مؤسسات العمل لذلك تقول الجعدي انها عاينت في اطار عملها في هذا المشروع الكثير من أشكال العنف ولكن بصفة خاصة تزايد حالات العنف الجنسي لا سيما في ولاية القيروان التي توجد فيها العديد من الظواهر الأخرى مثل الانتحار وأكدت سوسن الجعدي المسؤولة عن مشروع دعم مناهضة العنف ضد النساء أنها ولاية تونسية تسجل نسبا عالية وقياسية في مسألة العنف المسلط ضد النساء،في ظاهرة لافتة للانتباه..
وأوضحت الجعدي أن ولاية القيروان هي الأولى وطنيا في العنف ضد المرأة،وقد لاحظت الدراسة الميدانية التي قام بها المشروع لجوء النساء المعنّفات إلى الصمت والتطبيع مع الظاهرة…
ورغم تنامي ظاهرة العنف ضد ّالنساء بالقيروان إلاّ أنّ هناك مركزا وحيدا بالجهة لإيوائهن وهو غير قادر على إستيعاب كافّة المتضرّرات بحكم طاقته المحدودة. وقد يطرح هذا الإشكال تساؤلا حول مدى قدرة المؤسسات التي تحتضن المرأة المعنّفة على توفير الحماية لهنّ جميعا وفق الجعدي.
وأوضحت سوسن الجعدي أنّ النساءيتعرضّن إلى شتّى أنواع العنف وبالخصوص العنف الاقتصادي والاستغلال من قبل أرباب الأعمال في القطاع الفلاحي وفي القطاعات الهشّة.
العنف الجنسي المفبرك
وكشفت ايضا سوسن الجعدي عن وجود تهديدات تطال الفتيات القصر والنساء اللاتي تقمن بنشر صورهن عبر الفايسبوك اوالانستقرام ،اذ يمكن تحويل اي صورة عادية الى صور أو فيديوهات «إباحية» أو يمكن اضافة اي وجه الى صور عارية او في اوضاع مخلة مؤكدة أن الأدهى من كل ذلك انه يصعب اكتشاف انها مركبة اوغير حقيقية مضيفة بان النساء والفتيات اصبحن اولى ضحايا الذكاء الاصطناعي وهو شكل جديد للعنف ينتج عن مجتمع ذكوري مازال يحمل نظرة دونية للنساء يجعل منها متاعاً للمتعة فيسلبها انسانيتها وكرامتها.
هوعنف ينتقل من الواقع الى الفضاء الرقمي وان كان الفضاء الرقمي هو فضاء عام ايضا ،وهوعنف اكثر خطورة اذ سيتسبب في تداعيات واضرار نفسية واجتماعية يصعب اصلاحها خاصة ان اصبح اداة لاقصاء النساء من الشأن العام عمومًا ومن العمل السياسي والمدني …قائلة «سيُرهب حتمًا كل النساء وسيحد من مشاركتهن في الشان العام» .
وتضيف الجعدي بأن المقلق حقا اليوم هو بطء التشريعات في مواكبة هذا التقدم العلمي والتقني لحماية النساء ،وهي معضلة تُطرح في كل بلدان العالم فقد اشارت دراسة قامت بها الشركة الهولندية “Sensity”لكشف الفبركة بالذكاء الاصطناعي ان 96 % من الفيديوهات المفبركة والمنشورة على الانترنات هي «إباحية» وقد اكتشفت عديد النساء المشهورات فيديوهات مفبركة لهن منشورة على الواب.
وتؤكد الجعدي في قراءتها للظاهرة بان المطلوب الان هو التفكير لا فقط في تجريم فبركة الصور ولكن ايضا تجريم نشرها ومشاركتها للعموم . وتقول « فان كان 89 % من ضحايا العنف السيبرني في تونس هن النساء (حسب دراسة قام بها الكريديف ),فاننا قد لا نكون قادرين على تحديد نسب من سيكن ضحايا هذا الشكل الجديد من العنف خاصةً ان كان الجاني يعيش في بلد اخر او يقوم بترويج الفيديوهات المفبركة في بلدان مختلفة بقوانين مختلفة».
وبينت الاحصائيات والدراسات أن نسبة 75.4 ٪ من النساء صرحن بأنهن تعرضن للعنف الجنسي في الأماكن العامة و15.7 ٪ تعرضن له في المجال الخاص. فهو العنف الأكثر انتهاكا للسلامة الجنسية للمرأة وهو يتجاوز الحياة الجنسية بحد ذاتها لكونه يهدف إلى السيطرة على الآخر في الجانب الأكثر حميمية.
تعتبر الجريمة الإلكترونية أو الابتزاز الإلكتروني وانتهاك الخصوصية من الجرائم الحديثة التي انتشرت في تونس بشكل مفاجئ وحديث نتيجة التطور المعلوماتي والتكنولوجي وانتشار استخدام الإنترنات ومواقع التواصل الاجتماعي فهي من الأشياء التي ساعدت كثيرًا في ظهور هذه الجريمة في المجتمع.
وتختلف عقوبة الابتزاز الإلكتروني في تونس، باختلاف أنواعه فمنه الابتزاز بالصور أي حصول الجاني على صور خاصة بالمجني عليه، ويمكن أن تكون هذه الصور عادية للبعض إلا أن الجاني يعلم أنها قد تسبب مشكلات عديدة للمجني عليه والابتزاز بالفيديوهات المصورة حيث يمكن للجاني أن يبتز المجني عليه بفيديوهات قد تكون خاصة وأحيانًا مخجلة للمجني عليه ويكون الهدف من هذا الابتزاز الدافع المادي أوالجنسي للحصول على خِدْمَات غير شريفة من المجني عليه علاوة على وجود حالات الابتزاز بالعواطف اذ تتعرض النساء لهذا النوع من الابتزاز، ويوهم الجاني الضحية بالحب والعاطفة وبذلك يستغلها في الحصول على صور أو مقاطع صوتية ثم يستخدمها ضدها.
مكافحة فيروس فقدان المناعة المكتسبة : مجهودات توعوية متواصلة من أجل القضاء عليه
قريبا ستحتفل بلادنا كغيرها من الدول باليوم العالمي للسيدا الموافق لغرة ديسمبر من كل سنة و…