2024-03-17

المخطط التنموي 2023 / 2025 : هل يمكن التقسيم الترابي الجديد من تحقيق أكثر نجاعة للمنوال الاقتصادي؟

وافق مجلس الوزراء، خلال الاجتماع الذي أشرف عليه رئيس الحكومة، أحمد الحشّاني على مشروع قانون يتعلق بالمصادقة على المخطط التنموي 2023-2025. ويقدر المخطط التنموي الجديد حجم الاستثمارات العمومية الضرورية للعامين القادمين في حدود 38.2 مليار دينار تنقسم إلى 11.2 مليار دينار صادرة عن المؤسسات العمومية، و27 مليار دينار اعتمادات مخصصة من ميزانية الدولة مع تخصيص القسط الأوفر من هذه الاستثمارات والبالغة 18.8 مليار دينار لاستكمال إنجاز المشاريع المتواصل. كما نص على تخصيص ما يقارب 3 مليار دينار مقيمة أولية لصالح الاستثمارات المبرمجة لدعم البرامج الجهوية والمحلية في تونس في اطار تفعيل التوجهات العامة لتكريس اللامركزية ودفع التنمية بالتوازي مع التقسيم الترابي الجديد في شكل 6 اقاليم .
وسيتم العمل على استغلال هذه الموارد المالية بالأساس لتمويل مجموعة من البرامج التنموية من أهمها البرنامج الجهوي للتنمية وبرنامج التنمية المندمجة والبرنامج الخصوصي لتجهيز البلديات بهدف تحسين الخدمات المسداة لفائدة المواطنين وتحسين ظروف عيشهم. ووفق مصادر مطلعة فإن مخطط التنمية للفترة 2023 / 2025 يتضمن محورا استراتيجيا خاصا بالتنمية الجهوية من خلال دعم وتفعيل مبدإ التكامل والتضامن بين الجهات والاستغلال الأمثل للميزات الخصوصية والإمكانيات الطبيعية لكل جهة وتثمينها.
وتفيد المعطيات الأولية بأن تنفيذ المشاريع المبرمجة ضمن هذا المخطط الجديد سيمكن من الترفيع في نسبة النمو الاقتصادي والمحافظة على القدرة الشرائية لانه سيحد من التضخم ويحسن التصرف في الموارد المائية والطاقية. ولئن أكدت السلطات المعنية على أهمية هذا المنوال راهنت على نجاعته الاقتصادية الا ان البعض من المتابعين للوضع الحالي التي تعيشه تونس، ينتقد ما جاء في هذا المنوال من مشاريع وسياسات موضحين أن هذا المنوال الجديد تطغى عليها النظرة القطاعية على مستوى تصور السياسة التنموية.
ومن بين الجهات الناقدة لهدا التمشي الجديد، نذكر المرصد التونسي للاقتصاد الذي اشار في نشرية أصدرها للغرض تحت عنوان «هل ان مخطط التنمية 2025/2023 قادر على احداث التنمية المطلوبة للمناطق المهمشة؟»، أكد فيه ضعف تركيز هذا المنوال على مميزات ومقومات كل جهة وبالتالي ضعف العمل على التسويق الترابي للجهات والعمل على استخراج اهم القطاعات الاقتصادية التي تثمن مميزات ومقومات كل جهة.
وأبرز في السياق، أن تشريك البلديات في اتخاذ القرارات بشأن بعث مشاريع تنموية لصالح الجهات يبقى «محتشما» و«شبه صوري» . كما اكد المرصد أن هذا المخطط التنموي لم يدرس أسباب تراجع مؤشر التنمية الجهوية في جلّ ولايات البلاد وكيفية تقليص الفوراق الجهوية واحداث التنمية المطلوبة للمناطق المهمشة خلال الفترة الممتدة بين 2023 و2025. وبالعودة إلى مؤشرات المخطط التنموي الجديد، فقد قدر هذا الأخير بلوغ معدل نمو في حدود 2.1 % والارتقاء بالدخل الفردي إلى 16 الف دينار في 2025 على أن يتم تحقيق ارتفاع في الاستثمار إلى 17.8 % وتطوير الصادرات وتقليص نسبة البطالة إلى 14 %، غير ان الظروف التي تعيشها تونس هذه الفترة والمتمثلة في ارتفاع كبير في نسبة الفقر والبطالة ونفسي ظاهرة الاحتكار يجعل من تحقيق هذه الأرقام الموجودة «صعبا».
كما يأتي هذا المخطط في ظرف عالمي متذبذب يتميز باستمرار الحروب وتوتر العلاقات السياسية وتباطؤ النمو العالمي وخاصة في منطقة الأورو دون أن ننسى الظروف الداخلية المتمثلة في تأخر تنفيذ الإصلاحات وتزايد الضغوط على التوازنات الجملية واختلال الأمن الغذائي والأمن الطاقي وارتفاع تكلفة التمويل الخارجي وتدهور الترقيم السيادي واشتداد الضغوط على المدخرات من العملة والآثار السلبية .
وفي ظل كل هذه الوقائع المتناقضة بين حكومة تؤكد نجاعة هذا المخطط الجديد الذي بني على انقاض منوال تنموي فاشل وما تؤكده مؤشرات الاقتصاد الوطني، تبقى أهداف المخطط التنموي 2023-2025 «مجرد أرقام» وبلوغها «رهين» الاستقرار الاقتصادي وتيسير عملية التمويل وعودة ثقافة العمل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

بحلول سنة 2030 : الاقتصاد الأخضر سيوفر حوالي 12 الف موطن شغل

«تؤثر التغيرات المناخية على الاقتصاد التونسي بنسبة 2.1% من الناتج المحلي الإجمالي. وتعد ال…