الرئيس يحسم الجدل حول الانتخابات الرئاسية ..ولا تعارض بين الدستور والقانون الانتخابي..
حسم رئيس الجمهورية قيس سعيد مسألة النقاش الدائر في الأوساط السياسية حول تعديل القانون الانتخابي، بتأكيده عدم وجود مبررات لتعديل القانون الانتخابي لأنه لا تعارض بين دستور 25 جويلية2022 وقانون الانتخابات الرئاسية، المزمع إجراؤها بين شهري سبتمبر وأكتوبر القادمين.جاء ذلك خلال استقباله رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات التونسية فاروق بوعسكر في قصر قرطاج مساء الاربعاء الماضي.
وقال «إن كان هناك من يتوهم وجود مثل هذا التعارض فعليه أن يتذكر أن قواعد الدستور أعلى درجة من القواعد التي تتضمنها أحكام دونه مرتبة».
ويأتي ردّ الرئيس في وقت تدعو فيه أحزاب سياسية معارضة للقيام بتعديل القانون الانتخابي حتى يتلاءم مع دستور 2022 والذي جاء بشروط جديدة للترشح للانتخابات الرئاسية.
وتتراوح الآراء القانونية بين من يرى انه لا داعي لتغيير القانون الانتخابي، وبين من يعتبر ان القانون الانتخابي لسنة 2014 لا يتلاءم مع دستور 2022 وبالتالي وجب تنقيحه.
وكان أعلن رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات فاروق بوعسكر في تصريحات سابقة، أن الانتخابات الرئاسية ستُجرى في موعدها بين سبتمبر وأكتوبر المقبلين، مشيرا الى ان الهيئة ستصدر القرار الترتيبي المتعلق بضبط شروط الترشح للانتخابات الرئاسية بهدف جعله يتلاءم مع دستور البلاد لسنة 2022.
واعتبر بوعسكر أن «الإطار القانوني لهذه الانتخابات واضح وموعدها أيضا واضح، ومَن يريد الترشح لهذه الانتخابات فعليه الانطلاق في الاستعداد لذلك».
ويتمحور الجدل القانوي حول شروط الترشح التي شملت السن والجنسية، لتبقى مسألة الحصول على البطاقة عدد 3 والمتعلقة بالحقوق السياسية غامضة.
في هذا السياق أوضح المتحدث باسم الهيئة العليا المستقلة للانتخابات محمد التليلي المنصري، في تصريح اعلامي، أن شروط الترشح للاستحقاق الرئاسي التي ينص عليها القانون الأساسي عدد 16 المؤرخ في 26 ماي 2014 المتعلق بالانتخابات والاستفتاء، لا يتضمن الاستظهار أو تقديم البطاقة عدد 3 (بطاقة السوابق العدلية)، وبالتالي فإن أي شخص يستجيب لشروط الترشح الواردة في القانون الانتخابي بامكانه تقديم ترشحه للانتخابات الرئاسية.
كما أكد أن دستور سنة 2022 قد أقرّ شروطا جديدة للترشح للانتخابات الرئاسية، من ذلك أن يكون سن الراغب في الترشح لهذه الانتخابات 40 سنة عند تقديم ترشحه، وأن يكون مولودا لوالدين وجدين يحملون الجنسية التونسية.
قانون انتخابي يتلاءم مع الدستور
ويوضح أستاذ القانون الدستوري أمين محفوظ في حديثه لـ«الصحافة اليوم»، ان الاطار القانوني للانتخابات الرئاسية يشمل الدستور ثم القانون الانتخابي ثم السلطة التنفيذية وهيئة الانتخابات، وبالتالي يجب احترام الدستور والقانون بدرجة أولى.
وأبرز أمين محفوظ ان رئيس الدولة يطالب بضمان علوية الدستور وهذا يترجم بالضرورة بتعديل القانون الانتخابي لجعله يتلاءم مع الدستور، ولكن كذلك بتدخل القضاء الذي يضمن علوية الدستور ويجب على القاضي سواء العدلي او الإداري ان يضمن علوية الدستور بتسليط الرقابة على دستورية القوانين، ففي ظل غياب المحكمة الدستورية يجب على القضاء ان يضطلع بهذا الواجب، عن طريق آلية رقابة دستورية القوانين.
وتابع محدثنا ان :«الإشكال يتعلق بوجود دستور جديد لسنة 2022 وقانون انتخابي يعود لسنة 2014 وهذا يحتم على الدولة السعي الى تطابق القواعد القانونية مع الدستور خاصة وان الفصل 88 من الدستور يقول ان تقديم الترشح يتم بالقواعد المنصوص عليها في القوانين الجاري بها العمل، يعني يحيل المسألة للمشرّع وهو مجلس نواب الشعب».
ويعتبر أستاذ القانون الدستوري ان «المجال الانتخابي من مهام الوظيفة التشريعية، وبالتالي على البرلمان ان يتدخل ليتولى وضع تاريخ للانتخابات الرئاسية بما ان دستور 2022 لم يحدد التاريخ، وفي هذه الحالة البرلمان هو الذي يحدد الموعد الانتخابي باعتباره يختص دون سواه بالمجال الانتخابي حسب الدستور».
وحسب تقدير محفوظ فإن الإشكال يتعلق أيضا بهيئة الانتخابات التي ليس من مهامها تحديد موعد الانتخابات لأنه جاء بها مرسوم صدر على أساس الامر 117 لسنة 2022 الذي يطرح إشكالا قانونيا باعتباره صادرا في حالة الاستثناء المستندة على دستور 2014. وبالتالي هي مراسيم تنتهي بزوال أسبابها، حسب نظرية إدارة الازمات. وانتهت بانتخاب البرلمان وبصريح الاحكام الانتقالية لدستور 2022.
ويشدد محفوظ على ان الاطار القانوني يلزم المشرّع بإصدار قانون جديد لهيئة الانتخابات يتطابق مع الدستور وتعديل القانون الانتخابي ليتلاءم مع الشروط الواردة في الانتخابات الرئاسية.
التباس في شروط الترشح
في المقابل يبين أستاذ القانون الدستوري رابح الخرايفي في حديثه لـ«الصحافة اليوم» ان الاطار القانوني للانتخابات الرئاسية واضح، وفق الترتيب من الأعلى الى الاسفل: دستور 2022 وقانون 26 ماي 2014 الانتخابي وقرارات الهيئة العليا المستقلة للانتخابات الصادرة عنها طبقا لسلطتها الترتيبية وكل الاحكام القانونية التي لا تتعارص مع الدستور.
وأبرز رابح الخرايفي ان «الالتباس وقع في شروط الترشح بالنسبة لدستور 2022 نقح شرط الجنسية الذي اصبح لأب وأم تونسيين دون انقطاع، وشرط السن الذي رفع فيه لـ 40 سنة…وهي مسائل لا تحتاج الى تدخل تشريعي في زمن الانتخابات، حتى لا تغير قواعد اللعبة». وذكرالخرايفي ان الشروط التي تنطبق هي النص الأعلى وليس النص الادنى وبالتالي فانه يجوز لهيئة الانتخابات بما تملكه من سلطة ترتيبية ان تصدر قرارا حول تحديد شروط الترشح، تنزيلا لما جاء به دستور 2022.
ويعتقد أستاذ القانون الدستوري ان هناك غموضا في مستوى شروط الترشح حول «البطاقة عدد 3»، اذ ان الدستور والقانون الانتخابي نص على الحقوق السياسية والمدنية للنواب وليس للمترشحين للرئاسية.
وحول هذه النقطة يفيد الخرايفي، ان الحقوق السياسية اذا كان واضحا وجود حكم قضائي يحرم المترشح او الناخب من التصويت والترشح ويمكن لهيئة الانتخابات ان تفسر نقاوة السوابق العدلية التي تثبتها البطاقة عدد 3 . وفي تطبيق هذا الشرط فان «البطاقة عدد3» تسلمها وزارة الداخلية بناء على جرد السجل العدلي للمترشح، ولا يمكن الاحتجاج بأنها تدخل في خانة المعطيات الشخصية.
وبخصوص الوضعيات الحالية للمترشحين من المعارضة الموجودين في السجن على غرار عبير موسي وعصام الشابي… فان القانون ينص على ان المترشحين المحكوم عليهم غيابيا او حضوريا لن يتسلموا البطاقة عدد 3. اما المترشحون الموجودون تحت مفعول بطاقة إيداع او لديهم أبحاث تحقيقية مفتوحة او لهم قضايا جناحية او جنائية مفتوحة، فستكون لديهم صعوبة في الحصول على البطاقة عدد 3. وهذا الرفض سيكون قرارا إداريا، والقرار الإداري يمكن الطعن فيه،كما يمكن الطعن أيضا في قرار هيئة الانتخابات.
غدا الاثنين وفي جلسة عامة مشتركة : قانون المالية والميزانية تحت مجهر المجلسين…
ينطلق يوم غد الاثنين الجزء الثاني من الجلسة العامة المشتركة لأعضاء مجلس نواب الشعب وأعضاء …