يعتبرها المزارعون أكثر جودة ومردودية وأقل كلفة : البذور الأصلية سبيل تونس نحو السيادة الغذائية
يشهد قطاع الحبوب أزمة غير مسبوقة يعكسه تراجع الإنتاج للموسم الأخير حيث بلغت حصيلة تجميع موسم الزراعات الكبرى 2.9 مليون قنطار وهي حصية هزيلة أدت إلى تسجيل انخفاض في الإنتاج بنحو 60 % الأمر الذي أدى إلى ضرورة الترفيع من واردات الحبوب وهو ما تؤكده معطيات المرصد الوطني للفلاحة، حيث تم تسجيل ارتفاع في حجم الواردات بنسبة 16 %. وتتعلق الزيادة أساسا بكميات القمح الصلب التي ارتفعت بنسبة 83.4 % علما أن الكميات الموردة خلال الأشهر العشرة المنقضية من السنة الماضية هي الأعلى منذ 2010 و هو ما يبرز بشكل جلي أزمة الحبوب التي هي في الواقع انعكاس لأزمة عالمية تسببت فيها بالأساس من ناحية التغييرات المناخية وتداعياتها السلبية على مردودية أغلب المنتوجات الفلاحية والحرب الروسية الأوكرانية من ناحية ثانية الأمر الذي جعل طرح مسألة السيادة الغذائية والأمن الغذائي وفاقم مشاكل القطاع الفلاحي في تونس مع بروز عديد الحركات الاجتماعية للفلاحين للمطالبة بالحق في مياه الري والحق في الأدوية والأعلاف ومن أجل التصدي للتوريد العشوائي للمنتوجات الفلاحية ولاستيراد القمح الفاسد والبذور التي ترسخ التبعية لبلدان المنشإ.
وانعكس هذا النقص الملحوظ في إنتاج الحبوب ووجود صعوبات في توريد كميات منها على المواطن الذي يواجه صعوبة في النفاذ للمواد الأساسية من الفرينة والخبز والسميد وغيرها من مشتقات الحبوب التي شهدت شحا في السوق في الوقت الذي تطرح فيه بعض الأطراف حلولا بديلة تعتمد على الدعوة إلى العودة للبذور الأصلية التي أثبتت الدراسات والتجارب من باحثين وفلاحين أهمية هذه البذور المحلية وقدرتها على التأقلم مع التغيرات المناخية وخاصة مع الأمراض وندرة المياه من أجل تحسين مردودية قطاع الحبوب .
وفي هذا الإطار أوضح الباحث و المزارع ذو التجربة النموذجية في بذر البذور المحلية حافظ كرباعة في تصريح لـ«الصحافة اليوم» أن كل التجارب والبحوث المنجزة أثبتت نجاعة البذور الأصلية والمحلية من حيث المردودية فقد مكن صنف البذور «المساكني» من القمح الصلب من إنتاج 68.88 قنطار للهكتار بفارق إنتاج يفوق البذور الموردة بـ21 قنطار للهكتار فيما احتل القمح المحسن جينيا المرتبة 11 بإنتاج 21 قنطار في الهكتار موضحا أنه توجد 112 صنف حبوب من بينها 96 صنفا محلية أصلية ذات مردودية ومقاومة للعطش و بالتالي تتأقلم مع شح المياه الذي أفرزته ظاهرة التغيرات المناخية العالمية .
وأشار محدثنا في السياق ذاته إلى أن هناك دراسة علمية بصدد الإنجاز تشتغل عليها جمعيات عالمية تهم 12 صنفا من البذور المقاومة للعقاقير والمواد الكيميائية والتي تتوفر على نسبة ضئيلة من القلوتين وهو أمر مهم سيساعد المصابين بمرض الأبطن على تناول هذا الصنف من الحبوب الأقل تكلفة من الأطعمة المشتقة من الأرز والذرة مضيفا أن سياسة البذر في تونس غلّبت الأهم على المهم إذ تتراوح نسبة الزراعات من القمح اللين بين 92 و 97 بالمائة و 55 بالمائة من الشعير و 37 بالمائة فقط من القمح الصلب .و أبرز السيد كرباعة أنه سيتم تركيز منصة مع مراكز بحث علمية ستوفر للمزارعين آليات بسيطة لزراعة البذور بأصنافها تكون ذات مردودية وأكثر نجاعة و بكلفة إنتاج غير مرتفعة ودعا محدثنا في هذا الإطار إلى ضرورة تثمين البذور الأصلية و المحلية في تونس وفي العالم العربي بشكل عام لأنها بذور ذات تركيبة جيدة قادرة على التأقلم مع التغيرات المناخية وذات مردودية جيدة وأقل تكلفة.
المكلفة بالعلاقات العامة بجمعية «عسلامة» بألمانيا نرجس السويسي لـ «الصحافة اليوم» : منتدى الاستثمار شتوتغارت 2024 فرصة للتحفيز على الاستثمار
في إطار التحفيز والتشجيع الاستثمار الخارجي بتونس خاصة من قبل الجالية التونسية, تحتضن مدينة…