زيارات ميدانية مكثفة للوقوف على مواقع الخلل والعطالة : هل من «ترجمة فورية» لتوصيات الرئيس وقراراته..؟
يواصل رئيس الجمهورية قيس سعيّد أداء زيارات ميدانية معلنة وغير معلنة الى عدد من المؤسسات للوقوف على أسباب تعطلها او خرابها طيلة السنوات الماضية، ومساء الاثنين 26 فيفري 2024، تحول إلى جامع القصبة بالعاصمة الذي بقي مغلقا منذ سنة 2011 وعاين حالة الإهمال في كل نواحيه.
وأسدى رئيس الجمهورية تعليماته بترميمه فورا، معربا عن شديد الاستياء من هذا الإهمال، قائلا ان المسجد الجامع الذي لم يستغرق تشييده إلا ما يناهز ثلاث سنوات «لم يتم القيام بصيانته وترميمه على مدى أكثر من عقد من الزمن».
ويؤكد رئيس الجمهورية في تصريحاته، أن «الحرب ضد الفساد يجب أن تتواصل في جميع القطاعات دون استثناء.حيث يسعى الى حلحلة جملة من الملفات والاشكاليات التي تهم المؤسسات العمومية والمشاريع المعطلة والشركات التي تواجه صعوبات، بالإضافة الى معالجة قطاعات تمر بأزمات منذ العشرية السابقة في اطار سياسة اصلاح وإعادة بناء، يتولى فيها التدخل بنفسه خلال زياراته الميدانية المتكررة منذ فترة الى عدد من الولايات والمنشآت.
وفي عديد المرات شدد سعيد، على أن الدولة تسابق الزمن للانتصار في حربها على الفساد. وفي هذا الصدد يقول الرئيس:«نتلقى يوميا عشرات التقارير عن ملفات الفساد، لكن هناك مسار طويل يتم سلكه في القضاء للحكم في تلك القضايا رغم توفر الأدلة».
وفي هذه الزيارات يوجه الرئيس رسائل مضمونة الوصول إلى المسؤولين عن مختلف الإدارات العامة وقطاعات الإنتاج، بأن لا أحد فوق المساءلة.
وخلال الأشهر الماضية، أدى الرئيس سعيد زيارات غير معلنة إلى ولايات عديدة منها : صفاقس وقفصة وباجة ونابل والقيروان وسليانة والقصرين، وإلى مناطق داخل إقليم تونس الكبرى، وكان يهدف في كل زيارة إلى تلمسّ الواقع، ليقول للتونسيين انه حريص على إصلاح ما يمكن إصلاحه، في كافة المناطق، وفي مختلف المجالات والميادين سواء كانت اقتصادية أو اجتماعية أو ثقافية، وإن البلاد تحتاج إلى إعادة بناء بالاعتماد على رؤية إصلاحية في إطار ما يعتبره «معركة تحرير» جديدة.
ومن بين الملفات التي شهدت إجراءات وتدخلات نحو الإصلاح، المسبح البلدي بساحة باستور الذي زاره سعيد يوم 15 فيفري الجاري، حيث تم الانطلاق في أشغال إصلاح المسبح من قبل الهندسة العسكرية، بعد 40 عاما من إغلاقه. ونفس الامر بالنسبة للملعب الأولمبي بالمنزه الذي تتواصل اشغال إصلاحه منذ عدة اشهر ووقف الرئيس على أسباب التعطل في انتظار تسريع البناء.
غياب برنامج حكومي
الا ان بقية الملفات لم تعرف متابعة فورية من قبل المسؤولين من ذلك مشروع المدينة الصحية بولاية القيروان المبرمج منذ سنة 2017 والذي انطلق الرئيس في متابعته منذ 2020، مما يطرح التساؤل حول أسباب غياب عملية المتابعة للتوصيات الرئاسية.
في هذا السياق يبين الناطق الرسمي باسم التيار الشعبي محسن النابتي في تصريح لـ«الصحافة اليوم»، ان الرئيس الحالي قيس سعيد واحدة من نقاط قوته هو انه جاء من خارج منظومة الفساد ويعوّل عليه الشعب كثيرا في هذا المجال، ويحاول الرئيس ان يجعل من مكافحة الفساد امرا قارا في خطابه السياسي وفي كل تحركاته، يقوم بجمع ومباشرة الملفات بنفسه في اغلب الأحيان، ولكن وان كان هذا مطلوبا في البداية وشكل مصدر ثقة عند الشعب، فان استمرار الرئيس طويلا بهذا الشكل بات مقلقا، لانه من المفروض أن تتحول مكافحة الفساد من سياسة عامة للرئيس الى برنامج تفصيلي لدى الحكومة وبقية مؤسسات الدولة القضائية والامنية والادارية ويصبح عمل مؤسسات. «فمثلا يتساءل الناس ماذا بعد زيارات الرئيس لبعض المنشآت العمومية مثل معمل السكر ومعمل الحلفاء والفولاذ وغيرها؟».
ويتساءل محسن النابتي :«الم تكن معروفة مشاكل هذه المؤسسات ولماذا ننتظر زيارة الرئيس الم يكن من الأجدى ان تباشر الوزارات والمصالح عملها في حوكمة المؤسسات وتعصيرها واعادتها للحياة بعد ان حسم الامر في عدم التفريط في هذه المؤسسات العمومية».
ويعتقد النابتي ان المشكل الآن يتعلق بكيفية تحويل السياسات العمومية في محاربة الفساد وبناء الاقتصاد الوطني المنتج وتحقيق السيادة الغذائية والطاقية والنقدية ومكافحة الفقر وتطوير التعليم والصحة وغيرها، الى برنامج تفصيلي بأهداف قابلة للقياس تنفذ يوميا من قبل الجهاز التنفيذي للدولة.
وهنا يرى محدثنا ان مكافحة الفساد يجب ان تقترن بإعادة بناء الاقتصاد الى جانب بناء مؤسسات رقابية وطنية وخاصة قضاء مستقل ونزيه.
خلل منهجي
من جانبه أفاد المحلل السياسي المنذر ثابت في تصريح لـ«الصحافة اليوم»، بأن هناك اشكالا منهجيا بخصوص متابعة قرارات رئيس الدولة، موضحا ان رئيس الجمهورية قيس سعيد يتحرك ويتفقد مؤسسات وشركات عمومية وفي كل مناسبة يشير الى مواطن خلل وعطالة داخل هذه المؤسسات وفي الجهات، اين توجد مشاريع معطلة واحيانا يقف على الإهمال في عديد المرافق الحيوية…
ويشدد ثابت على ضرورة ان تكون هذه الزيارات والتصريحات والاشارات موضوع متابعة حكومية في سياق دراسة الملفات والاشكاليات المطروحة، ثم يتم رفع مقترح من الإجراءات من قبل المسؤولين الى رئاسة الحكومة ثم الى رئاسة الجمهورية، لمعالجة هذه الإشكاليات المتعددة والمتنوعة والمتداخلة مع اطراف أخرى، على غرار السلطة المحلية وبوضع المؤسسات العمومية وفي علاقة بتداخل بين القطاع العام والخاص في مجال الاستثمار، وفي علاقة بتشريعات لم تواكب التطور الحاصل في العالم.
ويتابع محدثنا :«المعالجة تحتاج الى عمل حكومي أكثر ديناميكية ومواكبة واحاطة بمضمون القضايا التي يطرحها الرئيس في زياراته».
وفي اجابته على سؤال حول تقييم الرئيس للحكومة في هذا الاطار، يقول المنذر ثابت ان هذا يمكن ان يكون مقياسا لرئيس الجمهورية لتقييم أداء الحكومة والوزراء، وبالتالي أي تحوير وزاري او خطاب نقدي في اتجاه الحكومة يأخذ بعين الاعتبار هذا الجانب في الحكم والحوكمة.
واجمالا يجب الانتباه الى ان افضل المقاربات للإصلاح وإعادة البناء ان تكون للدولة سياسة عامة تندمج فيها كل السلط وكل الأطراف، بشكل متكامل، حتى يلتمس المواطن نتائج توصيات رئيس الدولة المستمرة.
الحكومة تنطلق في تنفيذ 500 مشروع من بين 1000 مشروع معطّل : نحو دفع نسق التأسيس والتنفيذ..
انطلقت الحكومة في تنفيذ 500 مشروع من أصل 1000 مشروع عمومي معطّل، وذلك في إطار تطبيق المنشو…