نورة القاسمي كاهية مدير التعاون مع الدول الإفريقية ونقطة الاتصال الوطنية للكوميسا في تونس لـ«الصحافة اليوم» : الميزان التجاري التونسي مع دول الكوميسا تضاعف إيجابيا ست مرات ما بين 2019 و2023
ترى عديد القراءات أن المعاملات التجارية مع دول السوق المشتركة للشرق والجنوب الافريقي (الكوميسا) وخاصة الصادرات التونسية مازالت ضعيفة ودون المأمول بالمقارنة مع الأهداف الكبرى المرسومة والمزايا المنتظرة لدى مصادقة تونس على اتفاقية الانضمام الى هذه السوق سنة 2019 وذلك في إطار توجهاتها الاستراتيجية لتنويع الأسواق. وتعد هذه السوق من بين أكبر وأهم التجمعات الاقتصادية الإقليمية الافريقية من حيث عدد الدول الأعضاء والمساحة الجغرافية والناتج الداخلي الخام ومن حيث المستهلكين أيضا. وقد تجدد الحديث عن هذه المسألة بمناسبة مصادقة مجلس نواب الشعب الاربعاء المنقضي 21 فيفري 2024 على اتفاقية استضافة جميع اجتماعات وورشات العمل وأنشطة الكوميسا في الجمهورية التونسية وهي عبارة عن أداة أو بروتوكول لدعم تنفيذ الاتفاقية الكبرى مع الكوميسا التي تم توقيعها منذ 2019 ومن شأنها دعم الحضور التونسي في مختلف الأنشطة وتمكين الخبرات التونسية من التواجد الفاعل لخدمة مصالح البلاد. وهو ما يمكن ايضا من فتح آفاق رحبة للصادرات التونسية من سلع وخدمات للتواجد بالأسواق الافريقية.
ولمزيد التوضيح تحدثت «الصحافة اليوم» مع السيدة نورة القاسمي كاهية مدير التعاون مع الدول الإفريقية بوزارة التجارة ونقطة الاتصال الوطنية للكوميسا في تونس التي أكدت أن المبادلات مع الكوميسا منذ 2019 إلى 2023 هي في صعود مستمر وأن هناك دولا لم يكن لنا معها اي تبادل تجاري وأصبحت شريكة لتونس وذلك على الرغم من وجود عائق كبير وهو عائق النقل، مضيفة في نفس السياق أن المنتجات التونسية لها تنافسية على مستوى السعر والتكلفة ولكن إشكال النقل وخاصة النقل البري يحول دون مزيد تطوير المبادلات التجارية مع الدول الافريقية بمجموعة الكوميسا والتي اقتصرت على النقل الجوي الذي هو بدوره مازال يشهد صعوبات سيما باتجاه دول شرق أفريقيا.
ورغم عراقيل النقل القائمة وصعوبة بلوغ السلع التونسية الى دول الكوميسا فندت المتحدثة القول بأن المبادلات بين تونس ومجموعة الكوميسا ضعيفة ودون المأمول منذ انضمام تونس الى هذه المجموعة الاقتصادية قائلة أن الانضمام الى الكوميسا تم سنة 2019 ودخلت حيز التنفيذ سنة 2020 وأن المبادلات منذ ذلك الحين تشهد تطورا من سنة الى أخرى مشددة على أن الميزان التجاري التونسي مع دول الكوميسا تضاعف ايجابيا ست مرات ما بين 2019 و2023 وهذا أول مؤشر ايجابي. كما تمثل صادرات تونس نحو مجموعة الكوميسا حوالي نصف الصادرات التونسية نحو إفريقيا سنة 2023،علما أنه لم يكن هناك أي تعامل تجاري معها قبل انضمام تونس إلى مجموعة الكوميسا. مضيفة أن صادرات تونس نحو الكوميسا تمثل 5 % من إجمالي الصادرات الى العالم، علاوة على أن حجم الصادرات التونسية نحو كينيا (وهي دولة من الكوميسا) تضاعف 12مرة بين 2019 و 2023. من جهة أخرى ابرزت محدثتنا أن قيمة الصادرات التونسية نحو الكوميسا بلغت قرابة 2900 مليون دينار بالنسبة لسنة 2023. وشددت في هذا السياق على أن المهم ليس قيمة المبادلات مع هذه السوق بقدر ما يتمثل في الانضمام الى خارطة هذه السوق، وفي هذا النسق المتصاعد والحجم المتزايد للمعاملات والعمليات معها والذي يوضح تطورا كبيرا ولافتا في بضع سنوات بعد أن كانت منعدمة في2019.
وقالت السيدة نورة ان الزيادة في الصادرات التونسية هو الذي ساهم في تراجع العجز التجاري التونسي سنة 2023 والذي يرى الكثيرون انه مرتبط بخفض الواردات بـ4,4 % لكنه في الواقع يعود الى ارتفاع الصادرات بـ7,7 % وبنسق أكثر من نسق انخفاض الواردات وفق ما صرحت به مؤكدة أن تونس تعمل منذ سنوات على تنويع الأسواق والشركاء التجاريين، مشيرة إلى أن تونس في المقابل تتعامل مع دول غرب افريقيا وهي الدول الفرنكوفونية جنوب الصحراء، في حين تمثل دول مجموعة الكوميسا بشرق افريقيا وجهة جديدة وسوقا مختلفة بالنسبة لتونس خاصة وأنها دول انقلوفونية مضيفة أن النقطة الإيجابية في هذه المسألة أن هذه الدول تريد التعامل مع تونس، وتطوير المبادلات التجارية معها واستقطاب المنتجات والسلع التونسية. وهذا ما يفسر وجود تطور للمبادلات وإن كان بنسق بطيء بفعل عراقيل النقل الحالية. ورغم ذلك فقد تضاعف التبادل مع كينيا بين 2019 و 2023 بـ12 مرة ومع السيشال تضاعف مرتين ومع مدغشقر تضاعف 3 مرات زيادة على انطلاق عمليات تجارية مع دول أخرى.
وفي إطار تذليل العراقيل المتعلقة بالنقل بانواعه سواء منه الجوي أوالبري أوالبحري بهدف الوصول الى دول الكوميسا بأيسر السبل أوضحت القاسمي أن هناك عديد المشاريع بصدد العمل عليها الآن -في إطار اتفاقية الكوميسا- لتفعيل حلول من شأنها تطوير المبادلات البرية من ذلك مثلا تهيئة معبر رأس جدير الذي يعاني حاليا من وضعية صعبة قائلة اننا «طلبنا من الأمانة العامة للكوميسا تقديم الدعم الفني والمالي لهذا المعبر» وهو ماحصل حيث قدمت الكوميسا الموافقة المبدئية، وتم اعتبار المشروع ضمن مشاريع البنية التحتية الإقليمية ذات الأولوية.كما اعتمدته في مجلس وزراء الكوميسا الأخير الذي انتظم في نوفمبر 2023. مشيرة الى أن التفاوض الآن هو في مستوى جلب التمويلات الخارجية لتمويل هذه البرامج الإقليمية.بالإضافة إلى ذلك أكدت كاهية مدير التعاون أن هناك مشروعا ثانيا في ذات الاطار يتمثل في ممرات التجارة والنقل لدعم النقل البري للسلع والبضائع الى الدول الافريقية والذي بمقتضاه سيصبح هناك طريق رسمي مخصص للشاحنات الكبرى التي تنطلق من ميناء رادس الى معبر راس جدير مشيرة الى ان الجانب الليبي من جهته بصدد تهيئة مثل هذه الطرقات انطلاقا من المعبر.
أما بالنسبة إلى دعم وتوفير النقل البحري فقد اكدت متحدثنا على وجود برامج أيضا بصدد العمل عليها من طرف الكوميسا. من ذلك دراسة أعدتها للقيام بربط بحري يصل إلى تونس مشيرة إلى أن تونس طلبت (مصر وكينيا ايضا) أن تشمل هذه الدراسة الدول التي يحدها البحر. واعتبرت ان هذا مشروع على المدى الطويل ولكن المهم ان يحدث خصوصا في ظل انعدام حلول أخرى.
وفي مستوى النقل الجوي قالت المسؤولة ان وزارة النقل بصدد التقدم في إطار العمل على فتح مرحلي وجزئي للمجال الجوي مشيرة الى أنه عند الوصول إلى فتح المجال الجوي يصبح بإمكان الشركات الكبرى الجوية مثل كينيا الجوية واثيوبيا الجوية الرسو في تونس ومن ثمة نقل الأشخاص ونقل السلع والمنتجات التونسية مباشرة إلى دول الكوميسا مؤكدة على أن كل هذه البرامج هي مشاريع كبرى قادمة وتتدخل فيها عديد الاطراف وتتطلب التعاون فيما بينها ومع مجموعة الكوميسا ومع الممولين الدوليين من أجل تنفيذها.
من أجل تحقيق الأمن الغذائي..
لا شك أن ارتفاع الصادرات الفلاحية التونسية وتحسّن عائداتها وهو ما أكدته الارقام الاخيرة …