2024-02-25

ملفات ضحايا التعذيب امام جلسة العدالة الانتقالية

نظرت مؤخرا هيئة الدائرة المتخصصة بالنظر في قضايا العدالة الانتقالية في ملف قتل معارض سياسي بزنزانة امن الدولة فترة حكم بن علي تحت التعذيب على خلفية اتهامه بمحاولة قلب نظام الحكم في تلك الفترة .
وقد قررت الدائرة تأجيل المحاكمة لانتظار اكتمال النصاب القانوني للهيئة…

وكان العريبي من بين العناصر القيادية التي نشطت أجهزة البوليس السياسي في البحث عنها لذلك فر إلى بلجيكا خاصة بعد صدور حكم يقضي بسجنه لمدة ثمانية أعوام غيابيا الا أنه عاد إلى تونس عام 1984 بعد قرار النظام الإفراج عن كل المعتقلين من التيار السياسي والمصالحة غير أن البوليس السياسي سرعان ما عاد لمطاردة المعارضين وتحديدا عام 1987 وتضييق الخناق عليهم فقرر العريبي مجددا التخفي ومواصلة نشاطه في سرية رفقة بقية رفاقه.
وفي سنة 1988 كان الضحية بصدد مغادرة معهد ثانوي خاص بجهة الحلفاوين بالعاصمة بعد إتمامه الدروس عندما فوجئ بعدد من أعوان الأمن بزيهم المدني يحاصرونه ثم يعتقلونه وينقلونه إلى أحد المقرات الأمنية قبل أن يتوجه بعد نحو أربع ساعات ثلاثة أعوان أمن من البوليس السياسي إلى منزل الشهيد بباردو حيث قاموا بتفتيشه ثم غادروه دون تقديم أية توضيحات عن الوجهة التي نقل إليها.

واثر ذلك حلّ عونا أمن بالزي المدني بمنزل عائلة عبد الرؤوف العريبي واصطحبا والده إلى مقر منطقة الأمن ببوشوشة حيث وقع إشعاره من طرف أحد المسؤولين الأمنيين بوفاة ابنه لدى إحدى المصالح الأمنية بوزارة الداخلية وحدد له موعد الجنازة ورغم محاولة العائلة عن طريق أحد المحامين تأخير موعد الجنازة إلى موعد لاحق لترتيب بعض الأمور إلا أن محاولتها باءت بالفشل فتحول أفرادها في الموعد المحدد إلى المقبرة وقام الأستاذ عبد الفتاح مورو بمواراة عبد الرؤوف الثرى حيث عاين رفقة عائلة الشهيد آثار كدمات وزرقة في الوجه والرقبة والكتفين والصدر إضافة إلى آثار عنف في الساقين و«زلعة» في القصبتين، فيما شوه قميص الأستاذ مورو بالدم من جراء جرح في الجهة الخلفية من رقبة الشهيد .

جلسات استماع..

وخلال جلسة سابقة تم سماع شهادة عبد الناصر شامخ وبعد أداء اليمين وتحذيره من مغبة شهادة الزور وسلامته من القوادح القانونية وبسؤاله إذا كان يعرف الشهيد قبل وفاته لاحظ أنه لم يتقابل معه أبدا في سابق حياته وذكر بما تعرض له من تعذيب في مجموعة براكة الساحل باستعمال الضرب والتعرية «ووضع الدجاجة» وغيرها من أساليب التعذيب ممن يسمون أنفسهم «مجموعة بربروس» وهو الإسم المخطوط على العصي التي كانوا يستعملونها طوال مدة إيقافه في 29 أفريل 1991 بقبو وزارة الداخلية الي تاريخ 17 جوان 1991 مصرحا أن محمد الصالح الحيدري أعلمه ان أحد الموقوفين توفي تحت تأثير التعذيب وأن جسم الضحية كانت تبدو عليها آثار التعذيب مؤكدا أن هذا كل ما يعرفه عن المرحوم ولم يعلم باسم الشهيد إلا بعد الثورة بحكمه أصبح ناشطا في مجال حقوق الإنسان وبمقارنة تاريخ الحادثة وتاريخ إيقافه نافيا أن يكون شاهد جثة العريبي ملاحظا أنه قدم ملفا في العدالة الانتقالية وتحصل على مقرر جبر الضرر بقي دون تنفيذ إلى حد اليوم وطلب عدم تتبع من عذبوه جزائيا.

كما استمعت المحكمة في جلسة سابقة الى أقوال المنسوب إليه الانتهاك الصادق شعبان الذي كان زمن الواقعة مستشارا لحقوق الإنسان لدى رئيس الجمهورية من 20 جوان 1991 الى 8 جوان 1992 ثم وزيرا للعدل بداية من 9 إلى 7 جانفي 1997 وقد ذكر صلب أقواله بانه عندما كان مستشارا تتمثل مهمته في تطوير المجال التشريعي في علاقة بقوانين حقوق الإنسان وأوضح في خصوص الإجتماعات في علاقة بحقوق الإنسان بأنه كانت تتم دعوته من قبل رئيس الجمهورية، اما في خصوص مقابلته لوالدي الشهيد عبد الرؤوف العريبي فان ذلك كان بتكليف من رئيس الجمهورية ملاحظا أنه فعلا أعلمهما بأن الوفاة جائز جدا أن تكون تجاوزا مرتكبا من قبل أحد الأعوان وان الدولة كلفت جهة بالتحري في مثل هذه التجاوزات.
وأوضح شعبان في خصوص ما نسب له عند توليه لوزارة العدل بان اللجنة صلب وزارته مختصة في متابعة مجرى القضايا المرفوعة من قبل الضحايا والمراسلة المرفقة كانت إجابة على مذكرة من رئاسة الجمهورية للرد على التقارير الواردة من المنظمات الدولية نافيا عن نفسه التستر أو المشاركة من قريب أو بعيد في التعذيب وطلب على ذلك الأساس بالحكم بعدم سماع الدعوى في شأنها.
طالب الهندسة عثمان بن محمود ..

هذا وقررت الدائرة أيضا تأجيل قضية قتل طالب الهندسة عثمان بن محمود رميا بالرصاص أثناء مطاردته من قبل أعوان أمن سنة 1986 والتي شملت الأبحاث فيها ستة متهمين من بينهم الرئيس الراحل بن علي ووجهت اليهم تهم القتل العمد والشهادة زورا والمشاركة في ذلك.
وورد قرارا التاخير بسبب عدم اكتمال النصاب القانوني للهيئة..
وللتذكير فأن الضحية طالب في الهندسة قتل بالرصاص يوم 18 افريل 1984 على يد فرقة أمنية كوّنها الرئيس الراحل بن علي لما كان مديرا عاما للأمن الوطني في تلك الفترة ويطلق عليها فرقة «النمور السود» وهي فرقة مختصة في تعقبّ المعارضين، وقد قام اعوان تلك الفرقة بمطاردة الشهيد بأحد الازقّة بحي الزهور بالعاصمة وقتلته ثم تم اخفاء الأمر.
في الأثناء كانت عائلة الشهيد تبحث عنه وبعد ثلاثة ايام أعلمها مستشفى شارل نيكول بأن جثة ابنهم داخل المشرحة.
وادعى اعوان الأمن الذين قتلوا الشهيد أنهم ضبطوه وهو يحاول سرقة منزل بمنطقة حي الزهور فطاردوه ولما رفض أطلقوا عليه الرصاص فأصيب عن طريق الخطأ برصاصة في رأسه وتوفي.
ولكن تقرير الطبيب الشرعي فنّد رواية الأعوان واثبت أن وفاة الشهيد كانت بسبب تلقيه رصاصات كثيفة من مسافة قريبة جدا كانت موجّهة الى أماكن حساسة في جسده على غرار الصدر.

تنديد

وكانت المنظمات والجمعيات المدافعة عن العدالة الانتقالية سبق لها وان نددت بالتعطيل المتكرر الناتج عن الحركة القضائية والمطالبة بتثبيت القضاة الجالسين بالدوائر الجنائية المتخصصة في قضايا العدالة الانتقالية وتمتيعهم بترقياتهم تجنبا لإطالة المسار والتسريع بالبت في القضايا المنشورة لديها والجاهزة للفصل حماية لحقوق الضحايا والمنسوب لهم الانتهاك على حد السواء خاصة وأن إطالة آجال التقاضي يعد نكرانا للعدالة في حق كل المتقاضين.
وعلقت الشبكة التونسية للعدالة الانتقالية قائلة «في حركة غير مسبوقة ومنذ تركيز الدوائر الجنائية للعدالة الانتقالية بموجب الأمر عدد 2887 المؤرخ في 8 أوت 2014 وشروعها في العمل بعد القيام بالتكوين اللازم لرؤسائها وأعضائها منذ 29 ماي 2018 تم بموجب الحركة القضائية تغيير سبعة رؤساء دوائر جنائية للعدالة الانتقالية من مجموع 13 دائرة بكل من بنزرت والكاف ومدنين وقابس وصفاقس وسوسة ونابل أي بنسبة 53.8 % وتغيير عدد من أعضائها ومن أعضاء باقي الدوائر مثل دائرة العدالة الانتقالية بتونس».

وقفة احتجاجية امام وزارة العدل

هذا ونظم ناشطون بالمجتمع المدني وعائلات ضحايا القتل والتعذيب ومتضررين فترة حكم بن علي وقفة احتجاجية رمزية امام وزارة العدل وذلك للاحتجاج على عدم اكتمال النصاب القانوني للدوائر القضائية المتخصصة في العدالة الإنتقالية منذ 6 أشهر وفي تصريح لـ«الصحافة اليوم» أفاد علمي حضري عضو الائتلاف المدافع عن العدالة الانتقالية انه منذ بداية السنة القضائية إثر الحركة القضائية 2023 – 2024 تشهد الدائرة الجنائية المختصة في النظر في قضايا العدالة الانتقالية شغورا في تركيبة هيئاتها وقد تواصلت منذ شهر سبتمبر 2023 مما خلف شعورا بنكران العدالة لدى الضحايا خاصة وان ملفاتهم منشورة لما يزيد عن الخمس سنوات ونصف ولم يفصل في أي منها وعددها 200 ملف ما بين الإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والفساد المالي بمختلف مجالاته مؤكدا انه للغرض نفذت مجموعة من الضحايا من مودعي الملفات وقفة رمزية أمام وزارة العدل للمطالبة بالتسريع في سد شغور تركيبة هيئات الدوائر واتخاذ الإجراءات الكفيلة بالفصل في الملفات.
ودعا محدثنا وزيرة العدل ليلى جفال بالنظر في وضعية الدائرة القضائية وتعيين مستشارين بها في اقرب الاجال للفصل في القضايا والحكم فيها تكريسا لمبدأ للعدالة وعدم الآفلات من العقاب ..

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

شمل 20 متهما من بينهم وزراء ومسؤولون : أخطر ملف فساد عقاري في عهد بن علي أمام القضاء

  ستنظر  هيئة الدائرة الجنائية المختصة بالنظر في قضايا العدالة الانتقالية بالمحكمة الابتدا…