عبّرت عن مساندتها وتعاطفها في المحافل الدولية : هل أصبحت الشخصيات الاعتبارية التونسية ناطقة باسم المقاومة؟
من قال إن «للقوة الناعمة» دورا هامشيا في معادلات السياسة؟ ومن قال أن الشخصيات الاعتبارية غير قادرة على قلب موازين القوى ولو بشكل رمزي إذا ما صدحت برأيها وانحازت للحق والعدل؟ والى أي مدى يبدو طرح هذه الأسئلة وجيها بشأن دور محتمل للنخب العربية إزاء ما يحدث في غزة؟
وهل يجوز القول ان تونس الصغيرة مساحة والتي كان لها ثقل في اكثر من محفل دولي في سياقات تاريخية معلومة يمكن ان تلعب دورا مركزيا بفضل نخبها خاصة في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية؟
هذه الأسئلة وغيرها تأتينا الإجابة عنها بأشكال مختلفة فرغم التخاذل الذي لمسناه في بعض الأوساط النخبوية ورغم التواطؤ المفضوح للإعلام الغربي وللكثير من رموزه الذين كنا نراهن على مهنيتهم مع الكيان الصهيوني في حرب الإبادة التي يشنها على غزة منذ حوالي أربعة اشهر بالتمام والكمال دك خلالها المدينة بالقنابل وقطّع أوصال أطفالها ونسائها وشيوخها وجوّع من بقي على قيد الحياة إلا ان هناك استثناءات تبرز الوجه المشرق حقا لبعض النخب والتي ما تزال منحازة للقيم الإنسانية الخالدة مهما حدث.
وهنا يحق لنا ان نفخر بأداء بعض الشخصيات الاعتبارية التونسية في هذه المحنة والمواقف المشرفة التي تم التعبير عنها في اكثر من مقام وبأكثر من مقال.
ومن المهم هنا ان نستعرض البعض منها.
إذن هناك صورة طافت ارجاء المعمورة تناقلتها مواقع التواصل الاجتماعي تعبر فيها المخرجة التونسية كوثر بن هنية عن دعمها وتعاطفها ومساندتها لغزة الباسلة وتدين بكل قوة حرب الإبادة هناك مؤكدة ان الفنان ابداع وموقف أيضا. وذلك لدى تسلمها جائزة افضل فيلم وثائقي سيزار 2024 عن فيلمها بنات ألفة وهي بذلك تؤكد ان الأفلام يمكن ان تغير علاقتنا بالعالم.
وقبل ذلك عبر فنان الراب التونسي غالي والمقيم في إيطاليا عن ادانته لما يحدث في غزة بطريقته وأمام ملايين المحبين له.
ولا أحد يستطيع أن ينسى الدموع التي ذرفتها بطلة التنس التونسي أنس جابر لدى تتويجها في احدى المباريات معلنة ان فرحتها منقوصة لأنها حزينة من اجل أطفال غزة الذي تقتلهم الة القمع الصهيوني ببرودة دم.
أما النجمة التونسية هند صبري فقد استقالت من منصبها كسفيرة للنوايا الحسنة لدى الأمم المتحدة منذ اندلاع الحرب على غزة وتخاذل المنتظم الاممي عن نجدة أطفال غزة.
أما العرض الشفوي لتونس الذي أعدّه و قدمه الاكاديمي والخبير في القانون الدولي الأستاذ سليم اللغماني بتكليف من رئيس الجمهوريةلطلب الرأي الاستشاري الذي عرضته الجمعية العامة للأمم المتحدة على محكمة العدل الدولية فقد كان بمثابة مرافعة حقيقية داعمة ومساندة للحق الفلسطيني ومنددة بالمجازر التي تحدث في الأراضي المحتلة. وكان هذا العرض موسوما بـ «العواقب القانونية الناشئة عن سياسات إسرائيل وممارساتها في الأرض الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشرقية».
إذن كل هذه المواقف الداعمة والمساندة بشكل لا مشروط والتي احتضنتها سياقات بالغة الأهمية لا تبدو مشرّفة لتونس فقط بل هي بمثابة صوت حر ينطق باسم المقاومة الفلسطينية التي هي الآن في اشد الحاجة الى كل مظاهر الدعم لاسيما دعم القوة الناعمة من فنانين ومفكرين واكاديميين ورياضيين لأن لهذه الشخصيات الاعتبارية مكانة وثقلا مهما ويصغى اليها في المحافل الدولية أكثر حتى من الفاعلين السياسيين.
وهذا يحسب لتونس التي انحازت منذ اللحظة الأولى للمقاومة قيادة وشعبا ونخبا وكان دعما غير مشروط ودونما مواربة. ثم تمت ترجمة ذلك الموقف المشرّف بشكل ملموس عبر ارسال المساعدات الطبية والغذائية للأشقاء الفلسطينيين عندما سنحت الفرصة عبر معبر رفح. وكذلك من خلال استقبال الجرحى القادمين من غزة ومداواتهم في المستشفيات التونسية عمومية وخاصة.
اتّساقا مع الرهانات الوطنية والإقليمية والدولية : المضيّ بخطى ثابتة نحو أفق جديد
على الجميع ان يحثّ الخطى في الاتجاه الذي رسمه الشعب لبناء تاريخ جديد … هذه الجملة هي…