2024-02-25

لإنهاء أشكال التشغيل الهش : الحكومة تحجّر إبرام عقود المناولة في الوظيفة العمومية

قرّرت رئاسة الحكومة، الجمعة 23 فيفري، تحجير إبرام عقود المناولة في الوظيفة العمومية، على أن يدخل حيّز التنفيذ بشكل فوري. كما يشمل القرار إلغاء كافة التدابير المخالفة لهذا المبدإ وخاصة منها المنشور عدد 35 المؤرخ في 30 جويلية 1999 المتعلق بالمناولة في الإدارة والمنشآت العمومية، وفق بلاغ رئاسة الحكومة.
وقال البلاغ إن الغاية من هذا القرار تتمثل في «توفير ظروف العمل اللاّئق للعمّال بالقطاع العموميّ والقضاء على مختلف أشكال التّشغيل الهشّ مع ضمان استمرارية المؤسّسات والمنشآت العموميّة وديمومتها».
وكان رئيس الجمهورية قيس سعيّد قد انتقد بشدة العمل وفق عقود المناولة، معتبرا إياها إهانة للعامل ومسّا من كرامته، داعيا إلى وضع حدّ لها.
ويعاني آلاف العمال من التشغيل الهش في تونس بسبب شركات المناولة، خاصة عمّال الحضائر الذين يسعون وراء تسوية وضعياتهم المهنية منذ سنوات.
وقبل أيام، تحادث رئيس الدولة قيس سعيد على هامش زيارته الأسبوع الماضي إلى ساحة باستور والمسبح البلدي مع جمع من المواطنين الذين اشتكوا له من غياب النقل العمومي ووضعياتهم الاجتماعية من ذلك أن أحدهم لم يحصل على الترسيم رغم تمضيته لـ18 سنة بتلك الوظيفة.

رئيس الدولة شدد على أن آلية المناولة ورغم تقنينها في تونس يجب إنهاء العمل بها، لأنها شكل من أشكال الاستعباد، فالأجير يتحصل على حفنة من الدنانير لا تكفيه أبسط متطلبات حياته والوسيط يحصل بفضل عرق هذا العامل على أضعاف مضاعفة، والامر ذاته ينسحب على العقود محددة المدة التي تنتهي بالتخلي عن العامل وانتداب غيره وهكذا دواليك.
وبين الرئيس في السياق ذاته على أن العلاقة الربحية يجب أن تكون متبادلة بين صاحب المؤسسة أو رأس المال من جهة والعمال من جهة ثانية.
وتجدر الإشارة الى ان الدولة أمضت اتفاقية سابقة مع الاتحاد العام التونسي للشغل لانتداب حوالي 60 ألف عون مناولة وإخراجهم من دائرة الاستغلال إلى دائرة الوظيفة القارة ولكن لم يتم تفعيلها.
وتبقى آلية عقود المناولة معتمدة في القطاع الخاص. وهي آلية للتشغيل عن طريق مناولة اليد العاملة وهي أكثر أشكال التشغيل تداولا اليوم، تديرها مؤسسات مختصة في توظيف اليد العاملة. فكلّما احتاجت المؤسسة الصناعية أو التجارية لعمّال فإنّها تطلب من إحدى هذه المؤسسات المختصّة أن تضع على ذمّتها اليد العاملة المطلوبة.
والمشرّع التونسي لم ينظّم بشكل كاف مسألة التشغيل في إطار عقود مناولة اليد العاملة بالرغم من تفاقم الظاهرة في سوق الشغل.
وقد ناقشت حكومات ما بعد الثورة قضية عمال المناولة الذين يبلغ عددهم أكثرمن 75 ألف عامل من دون التوصل الى حل. وتعمل هذه الفئة في المستشفيات والمؤسسات التجارية ومحطات النقل والمؤسسات الحكومية، خاصة في مجالي الحراسة والتنظيف. يقدمون الخدمات من دون الحصول على أي حقوق تضمن لهم العيش الكريم.

وكان رئيس الجمهورية قد طالب في لقائه، مالك الزاهي، وزير الشؤون الاجتماعية، و لطفي ذياب، وزير التشغيل والتكوين المهني، بضرورة وضع حدّ لما يسمى بالمناولة.
واعتبر سعيد، أن المناولة نوع من أنواع الاتجار بالبشر، اتجار ببؤس الفقراء وبعرقهم «فلماذا لا يتقاضى العامل أجره كاملا ومنصفا بل يتقاضى من يؤجره بل ويتاجر به أضعاف ما يحصل عليه العامل؟ فالعمل حق لكل مواطن ومواطنة».
ويرى الخبير المالي والاقتصادي معز حديدان ان عقود المناولة هي شكل من اشكال التشغيل الهش الذي يوفر يدا عاملة في القطاع العام والقطاع الخاص وأبرز في تصريح لـ«الصحافة اليوم» ان انهاء المناولة في القطاع العام لن يثقل كاهل الميزانية على المدى القصير.
وأضاف معز حديدان ان قرار الحكومة بإنهاء عقود المناولة لا يشمل القطاع الخاص الذي تنتشر فيه هذه الآلية باعتبار احتياجاته المكثفة لليد العاملة، مشيرا الى ان تسوية وضعية العاملين في اطار القطاع العام تمشّ إيجابي يعكس توجه رئيس الدولة المتعلق بضمان كرامة الشغالين في سياق دولة اجتماعية ترعى مواطنيها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

مهمة هيئة الانتخابات: تقديرات نفقات انتخابية محتملة سنة 2025 تتجاوز 74 مليون دينار : نواب يطالبون بتطوير أداء الهيئة لتحسين نسب المشاركة الانتخابية

ناقش أعضاء الغرفتين النيابيتين بقصر باردو أمس مشروع ميزانية الهيئة العليا المستقلة للانتخا…