قدّمه أربعون نائبا من كتل مختلفة : مشروع قانون لتعديل المرسوم 54..بين رفض وقبول..!
أثار اقتراح مجموعة من النواب تعديل المرسوم الرئاسي 54 الذي أصدره الرئيس قيس سعيد والمتعلق بمكافحة الجرائم الالكترونية جدلاً بين أنصار مسار 25 جويلية حول أسباب هذه التعديلات وتبعاتها السياسية.
ويوم الاربعاء عرض 40 نائباً من مختلف الكتل البرلمانية، مقترح قانون لتعديل المرسوم 54، لما ساهم فيه من توظيف لملاحقات قضائية مخالفة لدستور 2022 ولاتفاقية بودابست التي صادقت عليها تونس مؤخرا.
فيما يرى مساندون للرئيس من خارج البرلمان أن هذه التعديلات على المرسوم الرئاسي 54 «تحركها أطراف خارجية»، هدفها إرباك «المسار الإصلاحي» الذي ينتهجه الرئيس. حيث ذكر أمين عام حزب «مسار 25 جويلية» محمود بن مبروك، في تصريح اعلامي أن «هذا التعديل المطروح يدار من قبل كتلة موالية لأطراف خارجية، قدمت هذا المقترح لإرباك مسار 25 جويلية»، ورأى في المرسوم الرئاسي 54 «ثغرات وسلبيات، وكذلك إيجابيات، ولكن هذه الطريقة التي قُدم بها فيها ضرب لرئيس الجمهورية، وضرب المسار».
وصدر المرسوم 54 في 13 سبتمبر 2022 في اطار الامر 117، ويتعلق بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال، واستخدم المرسوم لتحريك دعاوى قضائية ضد صحافيين ونشطاء ومواطنين خاصة باعتماد الفصل 24 منه الذي ينص على عقوبات تصل أقصاها إلى السجن خمس سنوات، وغرامات مالية تصل إلى 50 ألف دينار ضد من ينشر أخبارا كاذبة أو إشاعات بهدف الإضرار بالأمن العام، وتضاعف العقوبات إذا كان الشخص المستهدف موظفا عموميا أو شبهه.
ويفسر رئيس المكتب السياسي لحركة الشعب، نائب رئيس كتلة الخط الوطني السيادي في البرلمان عبد الرزاق عويدات، في تصريح لـ«الصحافة اليوم»، اسباب التعديل بالسعي الى تناغم المرسوم مع دستور 2022 ومع اتفاقية بودابست التي أمضت عليها تونس مؤخرا إثر مصادقة البرلمان على القانون.
وأكد عبد الرزاق عويدات أن مقترح التعديل ليس خاصاً بكتلة دون غيرها، وقد قدمته مجموعة تتكون من 40 نائبا من مختلف الكتل البرلمانية، وهي كتلة صوت الجمهورية وكتلة الاحرار والكتلة الوطنية المستقلة وكتلة لينتصر الشعب و كتلة امانة وعمل ونواب مستقلون.
وعن مسار دراسة المقترح، يفيد عويدات بأن لجنة الحقوق والحريات ستقوم بمجموعة من السماعات للمختصين على غرار وزارة العدل ووزارة تكنولوجيا الاتصال حول الفصول التعديلية، ومختلف الكتل ستحضر النقاش وامكانية الاستشارة بين اللجان بين مثلا لجنة الحقوق والحريات ولجنة التشريع العام…وبعدما تنتهي دراسة المشروع ستتم احالته الى الجلسة العامة التي هي سيدة نفسها، ثم يمضي عليه رئيس الجمهورية وفي حال اعترض على بعض الفصول سيرجع القانون الى البرلمان من اجل قراءة ثانية.
وستشمل فصول التعديل حسب مقترح النواب، الفقرة الرابعة من الفصل 5 والفصل 9 و10 و 21 و22 و 23 مع الغاء الفصل 24 من المرسوم 54. ويعتبر النائب ان المرسوم 54 جيد في مجمله، ولكن يجب ان تتم تدقيقات في بعض الفصول.
وشدد عويدات على أن «التعديل يهدف إلى تحقيق التجانس والتطابق بين الدستور التونسي الذي يؤكد على احترام الحريات وهذا المرسوم، خاصة بعد التجاوزات التي حصلت ومست بأناس لا يجدر أن يشملهم المرسوم الرئاسي 54. على سبيل الذكر، الطلبة في كلية نابل الذين وجدوا أنفسهم في السجن بسبب أغنية، لولا تدخل رئيس الجمهورية».
واستغرب النائب الاتهامات الموجهة للبرلمان، قائلاً:«رئيس الجمهورية أكد أن أي قانون أو مرسوم ليس قرآنا منزّلاً، وإذا بيّن الواقع قصوراً في قانون ما يمكن تعديله، وقد ذهب البرلمان في نفس توجه الرئيس»، مذكراً بـ «مصادقة البرلمان على تحويل مرسوم الصلح الجزائي إلى قانون بعد تعديله، فليس تعديل المراسيم إشكالاً»، حسب توصيفه.
وقال في اجابته على المعارضين لهذا التعديل، «لن نزايد على بعضنا البعض وهذا التعديل سيخدم المسار لان التوافق مع الدستور هو جوهر خدمة المسار».
البرلمان له حق تعديل المراسيم
وعلى المستوى القانوني الذي طرح جدلا بخصوص جواز تعديل المرسوم 54 من البرلمان، أوضح أستاذ القانون العام والخبير في مجال حرية التعبير أيمن الزغدودي، في تصريح لـ «الصحافة اليوم» انه «يحق للبرلمان تنقيح المرسوم 54 وفقا لإرادة النواب، لأن الفصل 75 من الدستور ينص على أن المجلس هو الوحيد المخول بالتشريع في مجالات متعددة، من بينها الحريات وحقوق الإنسان، وبالتالي يمكن تعديل المرسوم الذي تتعلل به الدولة لمحاربة الجريمة الإلكترونية» وفق تعبيره.
وذكر الزغدودي أن «الدستور التونسي الجديد جاء فيه أن الأمر 117 ينتهي بتولي مجلس نواب الشعب وظائفه، وبالتالي رئيس الجمهورية لم يعد لديه الحق في إصدار مراسيم خارج الفرضيات الثلاث التي جاء بها الدستور. وأبرز دليل على ذلك أن مرسوم الصلح الجزائي مرّ بالبرلمان لإدخال التعديلات عليه والمصادقة عليها، وغداً المرسوم المتعلق بالانتخابات سينظر فيه البرلمان، وهو الذي سيضع شروط الترشح لرئاسة الجمهورية وفقا لأحكام الدستور»، حسب تفسيره.
وأبرز في ذات الصدد ان عبارة «لا تقبل الطعن بالإلغاء الواردة في الأمر 117» يقصد بها الطعن أمام المحاكم، وان السلطة التشريعية هي صاحبة الاختصاص الأصلي في المجالات المتصلة بالإعلام والصحافة والنشر والحريات وحقوق الإنسان.
مهمة هيئة الانتخابات: تقديرات نفقات انتخابية محتملة سنة 2025 تتجاوز 74 مليون دينار : نواب يطالبون بتطوير أداء الهيئة لتحسين نسب المشاركة الانتخابية
ناقش أعضاء الغرفتين النيابيتين بقصر باردو أمس مشروع ميزانية الهيئة العليا المستقلة للانتخا…