بنك خاص وآخر عمومي يعلنان المساهمة في المجهود التنموي للبلاد والانخراط في دعم الاقتصاد الوطني : هل ستصبح المنظومة البنكية محرّكا للتنمية؟
أعلن البنك التونسي للتضامن اعتزامه تمويل 100 شركة أهلية سنة 2024 في مختلف المجالات الاقتصادية خصوصا المتعلقة بالإنتاج والخدمات الفلاحية والصناعات التحويلية الصغرى والنقل والخدمات وغيرها، مع التركيز أساسا على الجهات الداخلية والمناطق ذات الأولوية التنموية. هذا وقد انطلق البنك منذ أواخر السنة المنقضية في تنفيذ برنامج لتمويل الشركات الأهلية بتمويل 15 شركة أهلية بكلفة استثمار تفوق 4 مليون دينار.
وحسب منشور لهذا البنك فانه كمؤسسة مصرفية عمومية تمثل أحد الهياكل الهامة في تجسيم خيارات الدولة في دعم الإدماج المالي ودفع التنمية الجهوية واستحثاث مواطن الشغل سيحرص عبر كافة فروعه ومصالحه المركزية على تيسير حصول الشركات الأهلية على التمويلات اللازمة، مع اتخاذ عدد من الإجراءات العملية التي ترمي إلى تبسيط الإجراءات واختصار الآجال للبتّ في ملفات هذه الشركات. ليدعو من جهة أخرى أصحاب الشركات الأهلية الى استيفاء شروط الحصول على التمويل وتسجيل المطالب بالمنصة الإلكترونية التي تم تخصيصها لهم، لتقييمها والبت فيها والمصادقة عليها في أجل لا يتجاوز سبعة أيام من تاريخ ايداع المطالب.
وينضاف البنك التونسي للتضامن كمؤسسة مالية عمومية الى البنك الخاص الذي أعلن منذ يومين انخراطه في انجاز عدد من المشاريع. ويأتي ذلك استجابة لدعوة رئيس الجمهورية قيس سعيد كان قد وجهها في وقت سابق الى كافة البنوك العمومية والخاصة ومختلف المؤسسات المالية للمساهمة في المجهود التنموي للبلاد والانخراط في دعم الاقتصاد الوطني. وذلك في ظل الضائقة المالية التي تعاني منها بسبب تعثر مفاوضاتها مع صندوق النقد الدولي وما تواجهه من صعوبات في الحصول على تمويلات خارجية. وكان أحد أكبر البنوك الخاصة قد أعلن يوم الأربعاء الفارط انه في إطار التناسق والتناغم مع توجهات رئيس الدولة، يعتزم وضع آلية دعم لإنشاء الشركات الاهلية الى جانب حزمة من الاجراءات والتدابير الاخرى التي تندرج ضمن التزامات البنك المجتمعية ودعم الاقتصاد الوطني.
ويعتبر تدخل هاتين المؤسستين البنكيتين وما قد ينسج على منوالها من مؤسسات أخرى خاصة وعمومية ضرورة يفرضها الواقع المالي والاقتصادي ببلادنا الذي بات من الصعب ان يتمكن من جلب رأس المال الأجنبي لتمويل المشاريع الوطنية في القطاعين العام والخاص. خاصة وان هذه المؤسسات ما انفكت تحقق نتائج مالية إيجابية وأرباحا عالية رغم الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تمر بها بلادنا. فالقطاع البنكي عموما مطالب اليوم وأكثر من أي وقت مضى بأن يكون المحرك الرئيسي لعجلة التنمية الاقتصادية ويوفر باستمرار ما تحتاجه المؤسسات الاقتصادية والأفراد من سيولة لتمويل مشاريعهم وأنشطتهم.
وبالرغم من انه لا يمكن الرجم بالغيب ولا قراءة النوايا وخلفيات التحرك الأخير من قبل البنكين وما قد يتبعها من بنوك أخرى لتحمل مسؤوليتها المجتمعية، الا انه من اللافت ان هذا التحرك جاء في خضم المعركة المعلنة ضد الفساد، علما وان عددا لا بأس به من المسؤولين البنكيين والماليين والمساهمين في المؤسسات المالية والبنكية هم اليوم امام القطب القضائي المالي بسبب شبهة الفساد والتورط في جرائم مالية.
وهنا لابد من التذكير انه في سنة 2018 تم صلب البرلمان ومن قبل عدد من النواب بعد دراسة أرباح البنوك اقتراح أن يقع اقتطاع 1 بالمائة منها من أجل مساهمة استثنائية في الصناديق الاجتماعية. وتم تقديم هذا المقترح وتمت المصادقة عليه في جلسة عامة، ولكن بعد ذلك وفي سابقة هي الأولى من نوعها وبتدخل المتحكمين في القطاع البنكي جاء طلب من وزير المالية لإعادة التصويت على مشروع القانون وتمت الاستجابة له واعيدت عملية التصويت التي كانت نتيجتها اسقاط المقترح.
وبالتالي اليوم قد يجوز التساؤل عن مدى «طيبة النوايا» في الاستجابة لدعوة الرئيس للمساهمة في المجهود التنموي للبلاد والانخراط في دعم الاقتصاد الوطني، وان كان ذلك نابع عن قناعة من مجالس إدارة هذه المؤسسات المالية والمساهمين فيها ام هي محاولة للتملص والهروب مما قد يلحقهم من مساءلات قضائية.
قد تصعب الإجابة عن هذا التساؤل باعتبار انه لا يمكن التكهن او الحكم على النوايا، غير ان المؤكد هو ان بناء تونس الجديدة يقتضي مجهودا جماعيا وإنقاذ اقتصادها وماليتها العمومية يتطلب حالة وعي جماعي من مختلف المتدخلين بغض الطرف عن المصالح والحسابات الضيقة وان ذلك لا يتطلب تدخلا من الرئيس ولا دعوة منه للمشاركة لا في عملية البناء ولا في عملية الإنقاذ.
تسهيلات وامتيازات مالية وتطوير الإطار التشريعي لفائدتها : رفع كل الإشكاليات التي تعطّل بعث الشركات الأهلية..
في لقاء جمعه أمس الأول بوزير التشغيل والتكوين المهني وكاتبة الدولة المكلفة بالشركات الأهلي…