2024-02-16

لتنمية المبادرة الخاصة: معوقات إدارية وإجرائية يتم العمل على تلافيها

أثبت واقع الاقتصاد التونسي أن التشغيل المؤجر في صيغته التقليدية لم يعد كافيا لاستيعاب الطلبات الإضافية للباحثين عن العمل والوافدين الجدد على سوق الشغل خصوصا في ظل الصعوبات التي تشهدها المالية العمومية والتي أدت إلى الحد من الانتدابات في القطاع العمومي ، إضافة إلى تراجع الانتداب في القطاع الخاص بعد الجائحة الصحية مما ساهم في تفاقم ظاهرة البطالة رغم عديد الآليات والبرامج والحوافز التي وفرتها الدولة لدفع نسق إحداث الشغل.

من هذا المنطلق تمحورت خطة العمل بشأن تطوير آليات المبادرة الخاصة منذ سنة 2021 والتي تتواصل ضمن خطة العمل لسنة 2024 .

حيث من مبررات هذه الخطة ، أن السياسة الحالية للتشجيع على بعث المؤسسات الصغرى والمتوسطة تعدّ بمثابة أحد أهم الحلول المعتمدة من قبل الدولة للتخفيف من معضلة البطالة وذلك لما يمتاز به هذا الصنف من المؤسسات من القدرة على خلق مواطن الشغل والتأقلم مع التحولات الاقتصادية .

وتبرز أهميتها من خلال خطة التنمية المستدامة التي رسمت من بين أهدافها الإستراتيجية «تحرير المبادرة وتحسين مناخ الأعمال» ضمن وثيقة «رؤية تونس لسنة 2035» و«وثيقة الإجراءات العاجلة لدفع النموالاقتصادي لسنة 2023» التي خصصت عنصرا يتعلق بالتمكين الاقتصادي للفئات الهشة وتطوير الريادة وقد تضمنت الإجراءات الظرفية محاورا تهم المبادرة الخاصة على غرار تفعيل آليات تشجيع الريادة لدى الفئات الشابة وذات الكفاءة لإنجاز المشاريع وتوفير خدمات الإحاطة والمساندة وتنمية الكفاءات لتطوير ريادة الأعمال لدى الشباب علاوة على تطوير برامج ومبادرات التمكين الاقتصادي في اتجاه تشجيع الريادة وإحداث المشاريع الصغيرة .

ووفق التوجه العام ، يسعى البرنامج إلى وضع الالتزامات الدولية التي صادقت عليها تونس في مجال حقوق المرأة والمساواة بين الجنسين من خلال تحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030 وخصوصا الهدف الخامس «تحقيق المساواة بين الجنسين» وتمكين كل النساء والفتيات ومشاركة بقية البرامج في الهدف المتعلق بمقاومة الفقر  وكذلك الأثر الثالث للخطة الوطنية لمأسسة النوع الاجتماعي .

وفي المقابل وفي مايتعلق بأبرز نقاط الضعف على مستوى السياسة العمومية لهذا المجال ، وفي تشخيص للقائمين عليه ، تم تسجيل ضعف ثقافة المبادرة وغیاب مسار مرافقة متكامل لفائدة الراغبين في إحداث المؤسسات وصعوبة النفاذ إلى مصادر التمويل علاوة على صعوبة النفاذ إلى السوق الداخلية والخارجية وكثرة التعقيدات الإدارية والاجرائية .

كما يعاني البرنامج عديد الإشكاليات التي يعمل على تجاوزها في مجال تكافؤ الفرص من بينها ضعف المبادرة الخاصة لدى النساء مقارنة بالرجال وارتفاع نسبة المرأة النشيطة في القطاع غير المنظم .

وتم تحديد رؤية البرنامج في ثلاث أولويات رئيسية تتعلق بنشر وتنمية ثقافة المبادرة ، تطوير المرافقة ودعم التمويل والنفاذ إلى السوق ثم دفع نسق إحداث المؤسسات ، إذ يعتبر عزوف الباحثين عن شغل من الانتصاب للحساب الخاص وتفضيلهم العمل في القطاع العمومي عاملا لا يساعد على توفير المناخ الملائم لدفع المبادرة الخاصة وفي هذا الإطار سيتم التركيز خلال فترة المخطط القادم على اعتماد مقاربة ترتكز على تطوير ثقافة روح المبادرة وتشجع على إحداث المشاريع الصغرى ومتناهية الصغر كرافد هام لدفع نسق إحداث مواطن الشغل ومنطلقا أساسيا لمعالجة مشكلتي الفقر والبطالة وتعزيز الاندماج الاقتصادي والاجتماعي .

وعلاوة على ما سبق ذكره فإن تطوير الإطار الترتيبي لبرنامج دعم المؤسسات الصغرى صلب البرامج النشيطة للتشغيل يعد أولوية بالنسبة لهذا البرنامج وذلك لاستغلال مكامن المبادرة الخاصة في القطاعات الجديدة والواعدة على غرار الاقتصاد الاجتماعي والتضامني والاقتصاد الأزرق والاقتصاد الأخضر والاقتصاد الدائري ومهن الجوار فضلا عن تيسير استغلال الثروة الغابية وتثمين منتوجاتها من قبل الشباب حاملي الشهائد العليا مع تمكينهم من تكوين ملائم باعتباره مجالا قادرا على خلق الثروة ومواطن الشغل في الجهات ويفتح آفاق الاستثمار أمام متساكني الغابات والقرى المتاخمة لها .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

مشروع الانتقال الطاقي بالمؤسسات العمومية : توجّه لاستدامة الموارد الطاقية وتخفيف الأعباء المالية

تواصل بلادنا تنفيذ مشروع «الانتقال الطاقي في المؤسسات العمومية» الذي سيشمل 22 وزارة، وتهدف…