فيلم «أنف وثلاث عيون» يعرض في تونس : عندما تتحول تخوفات الرجال الى انتصار للمشاعر الإنسانية
ترك فيلم«أنف وثلاثة عيون» في نسخته الجديدة انطباعا إيجابيا لدى الجمهور التونسي، في عرضه الأول بقاعة الكوليزي الخميس الفارط، بحضور كل من المخرج أمير رمسيس والمنتجة شاهيناز العقاد والممثل التونسي ظافر العابدين، وهو فيلم سيطرح للعموم في تونس والمغرب العربي، انطلاقا من يوم غد 14 فيفري الجاري بمناسبة عيد الحب.
الممثل التونسي ظافر العابدين بطل الفيلم، قال إن الجمهور التونسي قد تفاعل بشكل إيجابي مع العرض ما قبل الأول لفيلم «أنف وثلاث عيون»، مبينا أن رأي الجمهور التونسي مهم جدّا ويفرحه كثيرا، وأشار الى أن الفيلم مختلف كثيرا عن النسخة القديمة التي جسّد البطولة فيها الفنان المصري، محمود ياسين.
إما مخرج العمل أمير رمسيس فصرح إنه تأثر كثيرا بحضوره للعرض ما قبل الأول للفيلم في تونس، خاصة وأن أول مهرجان دولي شارك فيه في حياته كان منذ 22 سنة في ولاية سوسة وأول جائزة تحصل عليها كانت من ذلك المهرجان.
والنسخة السابقة للفيلم انتجت سنة 1972 حيث حمل الإسم نفسه، وهو مأخوذ عن رواية للروائي الراحل، إحسان عبد القدوس، وأدى بطولته كل من النجوم، محمود ياسين، ونجلاء فتحي، وماجدة، وحمدي أحمد، وكتب السيناريو والحوار له مصطفى كامل، وعاصم توفيق، وهو من إخراج حسين كمال.
فيما كانت البداية من خلال مسلسل إذاعي حمل العنوان ذاته «أنف وثلاث عيون» عام 1969، وقام ببطولته كل من عمر الشريف، نادية لطفي، سميرة أحمد، محسن سرحان، عباس فارس، وعقيلة راتب، وفي معالجة درامية لأحمد صالح، وإخراج محمد علوان.
هذه الرواية تمّ تقديمها أيضا في مسلسل تلفزيوني عام 1980 من إخراج نور الدرمداش عن سيناريو وحوار لأحمد الخطيب، وبطولة كل من كمال الشناوي، يسرا، ليلى علوي، ماجدة الخطيب، وحسن مصطفى.
إما النسخة الجديدة فحملت رؤية معاصرة من تأليف وحوار وائل حمدي، وإخراج أمير رمسيس وبطولة ظافر العابدين، صبا مبارك، سلمى أبوضيف، وأمينة خليل.
الأحداث تدور حول الدكتور «هاشم» جراح التجميل، الشهير، والذي انتصفت أربعينيات عمره دون القدرة على الإلتزام بعلاقة عاطفيّة لمدة طويلة. فيلجأ الى طبيبة نفسية للتخلص من علاقة عاطفية مع فتاة تصغره بــ25 سنة وهي «روبا او ريحاب». وفي رحلته نفهم سر ارتباطه بالفتاة فيكتشف اسرارا بداخله والغازا بماضيه.
صراع نفسي
ينطلق الفيلم بمونولوغ درامي للدكتور «هاشم» (ظافر العابدين) حول طبيعة الإستسلام ودوافعه؛ مستعرضا شخصيته القلقة وصراعه الذاتي لإتخاذ قرارات يمكنها أن تغيّر حياته بالكامل، أو تُعرّضه لخسائر لا يمكن تعويضها، ثم يسرد الفيلم علاقة الدكتور هاشم بالبطلات الثلاث.
ركز الفيلم على فكرة «التروما»، لتكن السبب الذي جعل من ظافر شخصية «توكسيك» او نرجسي، فهو يكرر باستمرار جملة «انا مش بتاع جواز» للفتيات اللاتي اقام معهن علاقات عاطفية…وخلال رحلة الفيلم كان يحاول التعرف على نفسه، ومعرفة نقاط ضعفه وقوته.
«روبا» (سلمى أبو ضيف) الشابة المليئة بالحيوية والمتحررة تغير مجرى حياته، حيث كان يعيش صراعا نفسيا مع ذاته في جواز هذه العلاقة امام فارق السن الذي يبلغ 25 سنة، وبتعمق علاقته بها يطرح تساؤلات لا يجد لها إجابة، فيقرر الخضوع الى علاج نفسي.. وهنا يبرز الحضور المحوري لـشخصية «علياء» (صبا مبارك) الطبيبة النفسية المعالجة لهاشم، والتي تكتشف تدريجيا خلال حصص العلاج أنّه يُعاني كابوسا مستمرّا يُؤرّقه ويستعصي عليه تفسيره، فتُعيد ترتيب حياته..
هاشم يختار في النهاية -وبعد التوصل الى اكتشاف مشكلته النفسية مع الدكتورة علياء- العودة إلى حبيبته أمينة (أمينة خليل) ضيفة شرف الفيلم، المتعلّقة بهاشم، والتي تخلى عنها في السابق عندما قرر الارتباط بها، بعد ان اخبرته انها تعيش مع رجل يصرف عليها وأنها لا تصلح للزواج منه…
وروبا الشابة، تتمكن من انهاء تعدد العلاقات في حياة الدكتور هاشم بطريقة غير مباشرة.
واختار المخرج ان يصور احداث فيلمه في فضاءات مغلقة وأخرى مفتوحة، تتناسب مع البعد النفسي للفيلم فكانت هناك اضاءة وديكور والوان داكنة طيلة مجريات الفيلم الى حين تخلص الدكتور هاشم من عقده النفسية، فتحولت هذه العناصر الى أسلوب اخر يحمل اشراقا وبهجة.
كما تم اعتماد تقنية التعليق الصوتي وعنصر الموسيقى الموظفة في كل مشهد.
انتصار للمشاعر الإنسانية
وعن تقديم نسخة جديدة عصرية من الفيلم، قال المخرج احمد رمسيس في تصريح لـــ«الصحافة اليوم» انه «رغم حجم المسؤولية كنت واثقا ان المقارنة بين النسختين ستزول بمجرد كتابة هذه النسخة التي تتناول الفصل الخاص بالدكتور هاشم فقدمناها برؤيتنا الشخصية، أحب الرواية الأصلية جدا وأرى أنها تتضمن مادة خصبة يمكنها أن تتحول إلى عمل سينمائي مختلف كما أنها قابلة للتناول بأكثر من شكل».
وأوضح: «لما قرأت ما كتبه السيناريست وائل حمدي شعرت أنه قادر على كتابة سرد سينمائي يتضمن رؤية خاصة للرواية..ومن هناك كانت نقطة الانطلاق».
وأشار احمد رمسيس الى ان رمزية العنوان تستمد من الرواية، الانف هو الدكتور هاشم والثلاث عيون هن النساء الثلاث، ولكن في النسخة الجديدة من الفيلم كان هناك معنى مجازيا فأصبحن السيدات يرمزن الى ثلاثي العقل والغريزة والعاطفة، والتي هي ثلاث عيون لدى الانسان تتحكم في قراراته…
وشدد المخرج على ان كل الممثلين قدموا أداء مميزا في المساحة الخاصة بهم وابلغوا الرسائل المنتظرة، سواء الممثلين الرئيسيين او المشاركات الشرفية.
وابرزت من جانبها شاهيناز العقاد منتجة الفيلم، ان عرض انف وثلاث عيون في تونس امر على غاية من الأهمية امام جمهور مميز على حد تعبيرها.
وعن اختيار هذه الرواية بالذات صرحت العقاد لـــ«الصحافة اليوم»، «الرواية انتجت ثلاث مرات وهي رواية طويلة تشمل جزئين ولكنها لم تقل كل شيء، لذلك تم توضيح وجهة نظر الدكتور هاشم من القصة من خلال هذه النسخة والتي انتصرت للشخصيات الأنثوية، سواء في الرواية الأصلية، أو المسلسلين الإذاعي والتلفزيوني وفيلم 1972، ثمّ في النهاية المشاعر الإنسانية هي نفسها.. لكن طريقة معالجتها هي التي تختلف».
ونوهت العقاد بالتعامل الإيجابي مع ظافر العابدين كممثل وكانسان.
معالجة واقعية
وأكّد ظافر العابدين في تصريح لـــ «الصحافة اليوم» أنّ النسخ السابقة للفيلم قدمها ممثلون كبار كانوا من أهم نجوم السينما العربية و أنجزت في وقت مختلف و ظروف مختلفة مشيرا إلى أنّ النسخة الجديدة مختلفة ومناسبة لوقتنا الحالي لذلك يصعب مقارنتها بالنسخ السابقة” على حسب تعبيره..
وتابع : «الفيلم هو رواية لكاتب له مكانة خاصة في العالم العربي، وان البطل في النسخة السابقة كان محمود ياسين لكن في النسخة الحالية يتحدث عن الرومانسية والعلاقات والمشاكل النفسية الخاصة بهذه الحقبة. ولذلك لا تجوز المقارنة»، على حد تعبيره.
ويعتقد ظافر العابدين ان الاختلاف يكمن في تعاطي الرواية مع زاوية الدكتور هاشم وتعامله مع علاقاته الرومانسية ومشاكله النفسية، وهو مختلف عن النسخة القديمة من الفيلم الذي ركز على زاوية النساء الثلاث. ولكنه يبقى فيلم هدفه معالجة قصص العلاقات العاطفية وهي مسالة قريبة من الواقع العربي.
وعن قرب قصص العلاقات من الواقع، يقول ظافر العابدين ان الرجل يقوم باختيارات مبنية على تربية وظروف مر بها في مرحلة الطفولة، وهذا ما يتطرق له الفيلم من خلال البحث عن أسباب العقد النفسية.
وعن المراوحة بين الإخراج والتمثيل أوضح العابدين انه سعيد بتجاربه في فيلم «غدوة» و«إلى ابني» الذي يعرض حاليا في مستوى الاخراج، لكن في نفس الوقت انا ممثل بالأساس ودور «هاشم» تعامل مع رؤية الكاتب والمخرج مشيرا الى ان التجارب المختلفة تطور ملكة التمثيل.
مهمة هيئة الانتخابات: تقديرات نفقات انتخابية محتملة سنة 2025 تتجاوز 74 مليون دينار : نواب يطالبون بتطوير أداء الهيئة لتحسين نسب المشاركة الانتخابية
ناقش أعضاء الغرفتين النيابيتين بقصر باردو أمس مشروع ميزانية الهيئة العليا المستقلة للانتخا…