رئيس الجمهورية يطرح أسئلة الاقتصاد والرياضة والهجرة والإدارة وغيرها: هـــل يـــمـــلك الـــوزراء الإجـــابـــة؟
كان لرئيس الجمهورية قيس سعيد نشاط مكثف مساء الجمعة 9 فيفري 2024 حيث استقبل على التوالي رئيس الحكومة أحمد الحشاني ووزراء الشؤون الخارجية نبيل عمار، والاقتصاد والتخطيط فريال الورغي السبعي والشباب والرياضة كمال دقيش.
وكعادته كان الرئيس صارما في حديثه لضيوفه وجريئا في تشخيص الواقع ووضع الإصبع على الداء كما يقال سواء في ما يهم المسائل الحياتية المعيشية للتونسيين ووضعهم الاقتصادي أو كذلك إمكانيات الاستثمار وإقامة المشاريع في بلادنا علاوة على دور جاليتنا بالخارج دون أن ننسى واقع الرياضة والرياضيين وأزمة النتائج التي تعصف بمشاركاتنا في المحافل الإقليمية والدولية وآخرها نكسة بطولة إفريقيا للأمم لكرة القدم.
في الاقتصاد، وبعد تواتر الحديث في المناسبات السابقة عن وضع الإدارة التونسية وعما يشوبها من نقائص وسلبيات تعيق التقدم، طرح رئيس الجمهورية هذه المرة مع رئيس الحكومة ملف كراسات الشروط التي قال أنها وُضعت على مقاس اللوبيات التي استأثرت بعدد من القطاعات حتى لا يُنافسها فيها أحد وذكّر بأن هذه الكراسات التي وُضعت على أساس كونها بديلا للتراخيص لم تكن في الواقع سوى احتكار مقنّع وفيها شروط لا يستطيع الاستجابة إليها إلا من دأب على المضاربة والإقصاء وكشف ساكن قرطاج أن مجلس الوزراء القادم سينظر في هذه المسألة.
ومع وزير الشؤون الخارجية، أكد رئيس الجمهورية على ضرورة توفير أفضل الخدمات لفائدة التونسيين بالخارج وتقريبها منهم وتسهيل حصولهم على الوثائق التي يحتاجون إليها لقضاء شؤونهم.
وحسب الصفحة الرسمية لرئاسة الجمهورية فإن حديثا مطوّلا مهمّا جرى بين رئيس الجمهورية ووزيرة الاقتصاد والتخطيط حيث ركّز سيادته على أهمية استقلال القرار الوطني وعلى ضرورة التخطيط بناء على اختيارات الشعب. وانتقد الرئيس هنا حديث من لم يذكرهم بالاسم عن المنوال التنموي وقال أنهم لم يقدروا على تقديم أي جواب ولم ينظروا الى الحقائق الماثلة أمامهم ولم ينظروا أيضا في الأسباب التي أدت الى تردّي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية ليخلص الى ان الشعب متمسك بسيادته وحدّد بنفسه ما يوصف بالمنوال ويكفي بالتالي تمكينه من الأدوات القانونية التي تتيح له تحقيق مطالبه المشروعة..
واستشهد الرئيس هنا بمجلس الجهات والأقاليم الذي اعتبره خطوة ضرورية ستسمح للمهمّش بالمشاركة في وضع التشريعات التي ستخرجه من دائرة التهميش الى دائرة الفعل القانوني والفعل الاقتصادي، وخلص الى أهمية الشركات الأهلية داعيا المؤسسات البنكية عموما والبنك التونسي للتضامن على وجه الخصوص لتيسير تمويل آلاف التونسيين المتعطشين لبعث هذه الشركات.
أما المجال الجديد الذي يخوض فيه الرئيس تقريبا للمرة الأولى منذ وصوله الى قصر قرطاج في 2019 فهو المجال الرياضي، صحيح أنه زار الحي الرياضي بالمنزه في الفترة الماضية وتحدث عن تعثر صيانته ووجود شبهة فساد فيه، لكنه تحدث هذه المرة عن شيء يقلق التونسيين أيضا وهو النتائج المخيبة للآمال والتي لا تتناسب مع حجم المصاريف والامتيازات التي توفرها الدولة لجميع الرياضات والرياضيين.
في المحصّلة، لقد طرح رئيس الجمهورية أمام وزراء حكومته أسئلة في الصميم، تمسّ الاقتصاد والرياضة والهجرة والإدارة وغيرها وهي ليست المرة الأولى التي يأتي فيها بمثل هذه الطريقة في العمل مع فريقه الحكومي والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هل يملك الوزراء الإجابة عن هذه الأسئلة؟.
هنا تعود بنا الذاكرة إلى مطلع شهر أوت 2023 والتعليق الشهير لوزير الشباب والرياضة كمال دقيش على النتائج الايجابية التي حققها السباح التونسي الشاب أحمد ايوب الحفناوي آنذاك، يومها تحدث الوزير عن «السياسة الرياضية الناجحة» وها هو رئيس الجمهورية يتقاطع مع طيف واسع من التونسيين في الإقرار بأن السياسة الرياضية ليست ناجحة بل وتشوبها كثير من المساوئ والهنات التي ظهرت بشكل لافت في الانسحابات المرّة لمنتخباتنا في الرياضات الجماعية في التظاهرات الرياضية في الفترة الماضية.
ونفس الملاحظة تنسحب على أوضاع جاليتنا بالخارج حيث تأتي التشكيات بين الفينة والأخرى من صعوبة الحصول على بعض الخدمات في الأوقات المناسبة.
كذلك الأمر في الاقتصاد والتجارة والفلاحة والتربية والتعليم والنقل والصحة وشؤون المرأة والطفولة والقطاعات الخدماتية فالفجوة كبيرة بين ما يطرحه رئيس الجمهورية وبين الوزراء الذين لا نسمع صوتهم ولا ندرك إجاباتهم لسيادته أو حتى لنا بعد اللقاء في القصر الرئاسي والحال أن دستور البلاد الجديد على الأقل واضح في هذا الصدد فالوزراء مدعوون لتنفيذ السياسة العامة للدولة التي يضبطها ساكن قرطاج والشعب يريد معرفة هذه السياسات وينتفع بخراجها.
التشخيص والتوصيف متّفق عليه : كيف سيتمّ إنقاذ المؤسسات العموميّة؟
أشار وزير النقل رشيد عامري مطلع الأسبوع الجاري بأن برنامج مراجعة شاملة لشركة الخطوط التونس…