الفسفاط بين رهانات التنمية وضمانات الاستقرار : مقدمات انفراج بطيئة تبشّر بعودة سريعة للإنتاج..!
يُجمع التونسيون بمختلف مشاربهم على أن الفسفاط كان له الدور الرئيسي في رهانات التنمية التي طرحتها الحكومات المتعاقبة على تونس منذ فجر الاستقلال الى حدود 2007.
كما يجمع التونسيون أيضا على أن القطاع بات يعاني كمّا هائلا من المشاكل الهيكلية ومشاكل الانتاج والعمالة الزائدة والاضطرابات الاجتماعية والنقل والتكرير والتسويق، فأكثر من خمسة عشر عاما من التوقف شبه التام انجرت عنه تبعات لا يمكن محوها أو اصلاحها في أيام، بل تتطلب مجهودا استثنائيا، وقرارا سياسيا لا رجعة فيه، ودعما ماليا أيضا باعتبار التبعات الناجمة عن سنوات توقف الانتاج.
الحكومات التي تعاقبت على ادارة شؤون البلاد في العشرية التي تلت 14 جانفي، لم تتمكن من حلّ معضلة الفسفاط، وفيها من لم تحاول حتى مجرد الاقتراب من الملف، وفيها التي حاولت وفشلت، على غرار حكومة يوسف الشاهد وقبله الحبيب الصيد. لكن يبدو ان الحكومة الحالية مقرّة العزم على اصلاح هذا القطاع واعادته الى نسق انتاجه السابق او حتى أفضل، حسب التصريحات الرسمية، وقد برهنت على هذه الجدية من خلال عدة معطيات لعل أهمها:
٭ رصد مبلغ ألف مليار من المليمات، يُقتطع من السلفة التي ستتسلمها الدولة من البنك المركزي، من أجل اعادة هيكلة شركة فسفاط قفصة واصلاح الادارة واقتناء المعدات الضرورية لعودة الانتاج.
٭ نجاح الشركة في جعل محطة التعبئة بالمتلوي تستأنف نشاطها، حيث أعلنت وزارة النقل عن «عودة محطة التعبئة الأوتوماتيكية للفسفاط المجفف بالمغسلة عدد 4 بالمتلوي، إلى سالف نشاطها، بعد انقطاع دام سنوات».
وهي خطوة هامة على طريق استئناف الفسفاط لنسقه العادي، والذي تراهن الحكومة الحالية على مداخيله كضامن للاستقرار المالي، بعد ان كان عند حكومات بورقيبة وبن علي رهانا للتنمية، واعتمدت عليه في بناء وتشييد عديد المنجزات والبنى الأساسية للدولة العصرية، وخاصة في مجالات التعليم والصحة والسياحة والطرقات، حيث كانت مداخيل الفسفاط المرتفعة وأثمانه الباهظة في الاسواق العالمية، هي المحرك الاساسي في فترات عديدة للاقتصاد الوطني.
وزارة النقل قالت أيضا في بلاغها «أنّ الشركة الوطنيّة للسّكك الحديديّة التونسيّة ستتمكن بفضل إعادة استغلال محطة التعبئة الأوتوماتيكية للفسفاط المجفف بالمغسلة عدد 4 بالمتلوي من تطوير وسائل العمل، بما سينعكس ايجابيا على مؤشرات الأداء في مجال نقل الفسفاط، وتحقيق ربح هام للوقت على مستوى تعبئة العربات بعد التخلي عن استعمال الجرافات بما يسهم في تحسين جودة المادة المعدة للتصدير».
ولئن بدا بلاغ الوزارة متفائلا، الا انه تفاؤل له ما يبرره خاصة مع انتظارات الجميع لعودة هذا القطاع الى مكانته الطبيعية كقاطرة للتنمية ومحرك للاقتصاد وضامن للخزينة، وهي رهانات يمكن للفسفاط ان يحقق فيها نجاحات كبيرة اذا ما توفرت الرغبة الصادقة لدى الجميع في تدارك ما فات من وقت وما ضاع من جهد ومداخيل على الدولة التونسية.
والتفاؤل أيضا يجب ان يكون مصحوبا برؤية شاملة لإصلاح القطاع واعادته الى دوره الريادي في الاقتصاد الوطني حيث ان مجرد إصلاح الاعطاب او اقتناء المعدات وحدها لا تكفي، بل لا بد من اصلاح العقلية التواكلية لكثير من المرتبطين بالشركة ممن يعتقدون انها وجدت لخدمتهم واصلاح الواقع الاجتماعي الصعب لأهالي الحوض المنجمي وكذلك اصلاح الادارة وجعلها ادارة منتجة لا شركة مفلسة، وإبعاد كل تجاذب سياسي أو نقابي أو «عروشي» على الانتاج وجعل الشركة فقط مؤسسة لإنتاج الفسفاط ونقله وتسويقه، وإبعادها عن كل الصراعات، ومكافحة الفساد في داخلها وإبعاد العناصر التي أساءت اليها والى الجهة عموما ومحاسبة كل من ساهم من قريب او بعيد في تعطيل الانتاج وخسارة الدولة طيلة هذه السنوات.
مهرجان السينما المتوسطية بشنني «الأرض أنا، الفيلم أنا.. إنا باقون على العهد»: تطور كبير وحضور مؤثّر وفاعل للمخرج السوري سموءل سخية
استطاع المدير الفني لمهرجان السينما المتوسطية بشنني في الدورة 19 المخرج السوري سموءل سخية …