قاسم سليم رئيس الجمعية التونسية لجودة التعليم لـ«الصحافة اليوم» : منح مشروع إصلاح منظومتنا التّربويّة ما يلزم من الوقت حتّى تكتمل مقوّماته…
« أين الإصلاح التربوي…؟» سؤال يطرح يوميا من قبل الأولياء بعد أن أعيتهم المشاكل المتراكمة في المؤسسات التربوية الحالية وبات الإصلاح المنقذ الوحيد والآلية الناجعة للنهوض بالقطاع ولكن لا جديد يذكر بعد انتهاء مدة الاستشارة الوطنية ولا أخبار مطمئنة بالنسبة للعائلات التونسية التي أثبتت من خلال نسب المشاركة في الاستشارة الوطنية أن الشأن التربوي يعنيها ويحظى بالأولويّة.
الإصلاح التربوي مطلب شعبي والاستشارة لم تكن سوى محطّة من المحطّات الأولى للإصلاح التي يرافقها مسار بناء الإصلاح وتنفيذه لذلك تطرح سيلا من الأسئلة عن مآلات الإصلاح وهي أسئلة مشروعة يراد من خلالها تعجيل الإصلاح واستبعاد فكرة الخذلان التي طالما رافقت جل الإصلاحات السابقة.
يقول في هذا السياق السيد سليم قاسم رئيس الجمعية التونسية لجودة التعليم إنّ مشروعا مصيريّا بحجم مشروع إصلاح منظومة التّربية والتّعليم والتّكوين لا بدّ أن يحاط بكلّ أسباب النّجاح وأن يتمّ اتّخاذ كلّ خطوة فيه بما يلزم من التّأنّي والتّروّي، وبعد الإحاطة الدّقيقة بكلّ المعطيات ووضع مختلف السّيناريوهات ودراسة كلّ المآلات، ونحن لا نبالغ في شيء إذا قلنا بأنّ بناء مدرسة تونس المستقبل هو من أدقّ المشاريع وأعقدها، بالنّظر إلى تعدّد مدخلاته وأركانه وكثافة ما يقوم بينها من علاقات تأثّر وتأثير، وإلى الأهمّيّة القصوى لما ينبغي أن يترتّب عنه من مخرجات تهم الفرد والمجموعة.
إنّ الدّعوات إلى استعجال الإصلاح، وإن كانت تعبّر في عديد الأحيان عن رغبةٍ جامحة في تخليص مدرسة الجمهوريّة ممّا لحقها من أدران خلال العقدين الأخيرين، فإنّها قد لا تنمّ عن إدراك حقيقيّ بحجم الرّهان ومقتضياته، ومن شأنها أن تدفع بشكل غير مباشر نحو تأبيد حالة التّسرّع والارتجال التي ميّزت منظومة أخذ القرار التّربويّ في عديد المناسبات، مع ما نتج عن ذلك من إرباك لمنظومتنا التّربويّة ومن هدر للوقت والجهد والموارد الماليّة، بل إنّنا نتساءل عن غاية بعض الأطراف، وهي التي لا يمكن أن تخفى عنها هذه الحقائق والبديهيّات، من إطلاق الحملات التي تركّز على عرض نقاط ضعف المنظومة الحاليّة والمطالبة في المقابل بالإعلان الفوريّ عن خطّة إصلاحها.
إنّ أبرز التّقييمات الدّوليّة واسعة النّطاق، على غرار بيزا وتيمس وبيرلس، ورغم ما يتوفّر لديها من إمكانيّات مادّيّة وبشريّة هائلة، وما راكمته من تجارب طويلة في مجال تقييم النّظم التّربويّة وتطويرها، تنفق أشهرا عديدة في دراسة ما تجمعه من بيانات قبل الشّروع في نشر أولى النّتائج والتّوصيات، لتتواصل عمليّات التّحليل والدّراسة بعد ذلك على مدى سنوات، فلماذا لا نمنح لمشروع إصلاح منظومتنا التّربويّة ما يلزم من وقت حتّى تكتمل مقوّماته ويتسنّى بناؤه على أمتن الأسس.
إنّ أخذ القرارات المستندة إلى البيانات والأدلّة والدّراسات الاستشرافيّة والدّراسات المقارنة والميدانيّة هي من القواسم المشتركة بين جميع النّظم التّربويّة عالية الأداء عبر العالم، لذلك فقد عبّرنا في الجمعيّة التّونسيّة لجودة التّعليم منذ اليوم الأوّل عن مساندة المبادرة الإستراتيجية لسيادة رئيس الجمهوريّة بإحداث المجلس الأعلى للتّربية والتّعليم، باعتبار هذا المجلس هيكلا قادرا على القطع مع القرارات المتسرّعة والمرتجلة. ولا شكّ أن رفد هذا المجلس بمركز وطنيّ للدّراسات والتّطوير في التّربية ومركز وطنيّ للتّقييم والجودة في التّربية، يعملان تحت إشرافه المباشر، من شأنه أن يساعد على بناء إصلاح المنظومة التّربويّة على أساس علميّ متين، كما سيمنح المجلس القادم الآليّات اللاّزمة والمتابعة الدّقيقة لخطوات تنفيذ هذا الإصلاح وتقييمها وتحسينها المستمر، حتّى يكون إصلاحا تونسيّا صميما، قادرا على تحقيق ما رُسم له من أهداف، بما يضمن رفاه الفرد ومصلحة المجموعة ومناعة الوطن وعزّته وازدهاره.
الدكاترة الباحثون المعطلون عن العمل : المراهنة على البحث العلمي آلية للبناء على أسس صلبة
نظم أمس الأربعاء الدكاترة الباحثون المعطلون عن العمل مسيرة انطلقت من وزارة التعليم العالي…