شاحنات الموت تواصل حصد الأرواح : عن « المـنــســيــّات » مرّة أخرى ضـحـايـا الـنـقـل العـشـوائـي..!
ضحايا النقل العشوائي للنساء العاملات في القطاع الفلاحي تتكرر ، فصباح أمس الاثنين شهدت معتمدية جلمة من ولاية سيدي بوزيد حادث مرور مروّع جدّ على مستوى منعرج دوار العلاقية وأسفر عن وفاة إحدى العاملات وإصابة 17 عاملة ، بينهن 4 حالات وصفت بالخطيرة جدا ، حيث تتمثل صورة الحادث وفق بعض المصادر في انقلاب شاحنة خفيفة كانت تقلّ 32 عاملة فلاحية .
تساؤلات عديدة تطرح من جديد بشأن جديّة الأطراف المعنية بحقوق هؤلاء العاملات وصيانة كرامتهن بأكثر صرامة من حيث القوانين والتشريعات لحماية أرواحهن في ظل تواصل المآسي في حقّهن . سنويا تحصد شاحنات الموت أرواح العشرات من النساء العاملات في القطاع الفلاحي وظل القانون عدد 51 لسنة 2019 المتعلق بإحداث صنف نقل خاص بالعملة والعاملات في القطاع الفلاحي قيد الرفوف دون تطبيق ولا تنفيذ ، هذا القانون الذي صدر إثر فاجعة معتمدية السبالة من ولاية سيدي بوزيد والتي راحت ضحيتها 12 عاملا وعاملة إلى جانب وقوع 20 جريحا ، لتتواصل مآسي هذه الظاهرة في غياب تام لأي أثر زجري يحمي النساء ممن أجبرتهن الظروف الاقتصادية والاجتماعية القاسية على عمل فرض عليهن والحال أن هذا العمل لم يعد مقتصرا على النساء فحسب بل تدخل في غماره تلميذات وطالبات وخريجات الجامعات في المناطق الريفية بحثا عن لقمة العيش .
وبين المقاربات القانونية للسلطة وواقع النقل غير الآمن في القرى والأرياف مع تداخل عديد الأسباب وضعف تطبيق القانون تتواصل المأساة ويتواصل معها ما يسمى بالتواطؤ من الأجهزة الرسمية العاجزة عن صون حياة المهمشات رغم عديد الصرخات لأجل توفير أدنى محددات النقل الآمن الذي يستجيب لنقل البشر بما أنهم يمثلون اليوم الحلقة الأضعف في اقتصاد إجتماعي يقوم على الربح وتغييب الجانب الإنساني كرأس مال لليد العاملة ، إذ أن المرأة العاملة في القطاع الفلاحي ولئن تجبرها الظروف المادية الصعبة على القبول بأجر لا يتجاوز 20 دينارا يوميا من ساعات الفجر الأولى إلى مغيب الشمس ، تعوّض بذلك ما يرفضه الرجل الذي يفرض أجرة لا تقل عن الـ 40 دينارا في اليوم ، وهي المسألة التي يستسيغها أصحاب الإنتاج والثروة على حساب ضعف حلقة المرأة واستغلال جهدها .
حرّي بوزاراتي النقل والشؤون الإجتماعية أن تتحركا قبل مزيد حصد الأرواح المنهكة ، ذلك أن فرض تطبيق القانون والقضاء على المساومات كما يأتي ذلك في تصريحات بعض ممثلي المجتمع المدني (بين أصحاب الشاحنات العشوائية وأصحاب الأرض وبعض المسؤولين…) يجب أن يتم وضع حد لذلك، إذ لا يخفى على أحد أن هذه الشاحنات تمر يوميا أمام أعين الأجهزة الأمنية ولكن دون تحرك يذكر.
تشير آخر أرقام المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية إلى أن العمل الفلاحي يستأثر بنحو80 % من اليد العاملة للمرأة وفي ذلك عدة معان تدفع إلى إيجاد مقاربات جديدة تحميها من غطرسة الاستغلال فعلا لا قولا .
الحاضرات المنسيات
وزيرة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن ، لا أحد ينكر زخم نشاطاتك المتعددة وزياراتك المختلفة في قطاع تختص به وزارتك ولكن لنسأل عن مدى تفعيل مخرجات الندوات والاستقبالات والملتقيات والزيارات المتعددة ، المتعلقة بالخصوص بالمرأة العاملة في القطاع الفلاحي في علاقة بملف النقل الآمن .إستراتيجيتك الاتصالية ولئن كانت مدروسة لتوجيه الرسائل بشكل فعّال لتحقيق أهداف معينة يمكن أن تشمل نجاعة التواصل واستخدام وسائل متنوعة للتأثير في الرأي العام وهنا نعني المرأة العاملة في القطاع الفلاحي وحجم انتظاراتها من أنشطتكم ، غير أن واقع الحال لم يسجل تقدما في الوعود المقدمة لهنّ حتى وإن حصل الفهم الجيّد للمستهدفات . إذ من باب الالتزام بالوعود أن يتم تحقيقها على أرض الواقع وبالإمكان اليوم تغيير وتحوير القوانين التي يفترض احترامها بما أنها تتعلق بحماية الأرواح البشرية وانتم تمثلون السلطة التنفيذية بما لها من قوة في الاقتراح والتنفيذ وفرض الحماية لفئة بشرية هي عماد القطاع الفلاحي في بلادنا ، وإلا فلا حاجة لخطابات تزعم القول الكثير وتحصد لا شيء من الأفعال . يعني ذلك أن العجز في إدارة هذا الملف وتواصل مآسيه يُقيم الدليل على التنصّل من المسؤوليات ويوضّح بلا شك الإخلالات القانونية في التطبيق ومن ثمّة تزعزع الثقة بين المسؤول والمواطن الذي يسمع أكثر مما يرى .
ففي جوانب تحديد المسؤوليات ، لم نقرأ يوما وعلى تعدد هذه الكوارث ، خبرا يفيد استقالة من تسبب ولو بشكل مباشر في وفاة النساء العاملات في القطاع الفلاحي ولم نقف على من حرّكه الوازع الأخلاقي في الاعتراف بأنه كان سببا في وفاة من يفترض أنه مسؤول عن حمايتهم .
سبّاقون نحن في سنّ القوانين بناء على طلبات وضغط الرأي العام ولكن من حيث التطبيق ، يحدث الاستثناء ونترك الأمور كما لو كانت من ذي قبل ، فبأيّ واجب أخلاقي يمكن مواصلة الحديث عن حق المرأة العاملة في القطاع الفلاحي ، وبأيٍ حجج يمكن إقناعها بمواطنتها التي تنتهك في أبسط حقوقها الكونية إذ لا يكفي ظلمها وقهرها في بيئة مفقرّة ومحرومة ، ليلحقها الموت المحتوم بتواطئ تفرضه الظروف عن قصد أو دونه ..
مشروع الانتقال الطاقي بالمؤسسات العمومية : توجّه لاستدامة الموارد الطاقية وتخفيف الأعباء المالية
تواصل بلادنا تنفيذ مشروع «الانتقال الطاقي في المؤسسات العمومية» الذي سيشمل 22 وزارة، وتهدف…