الاستثمارات في القطاع الصناعي : تراجع في أغلب المؤشرات في انتظار تحسين مناخ الأعمال
انعكست الازمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد على نسق الاستثمارات في القطاع الصناعي الذي يشهد بدوره أزمة استفحلت في السنوات الأخيرة. الأمر الذي بات يتطلب إصلاحات جذرية للنهوض بهذا القطاع الحساس باعتباره يعد من المحركات الأساسية للاقتصاد التونسي. وبلغة الأرقام تجلت هذه الأزمة في تراجع ملحوظ للاستثمارات المصرّح بها في كافة القطاعات بنسبة ناهزت 15،7% سنة 2023 مقارنة بسنة 2022 إذ بلغ حجم هذه الاستثمارات 6000 مليون دينار. ويعزى هذا التراجع، أساسا، إلى تراجع الاستثمارات المصرّح بها في قطاعي الخدمات (57،6% ) والطاقات المتجددة (54،3% )، وفق بيانات الهيئة التونسيّة للاستثمار.
وأبرز التوزيع القطاعي للاستثمارات المصرّح بها بين مختلف القطاعات استحواذ القطاع الصناعي، الذي لعب دورا هاما في إحداث مواطن الشغل ليسهم بإحداث 58 % من إجمالي مواطن الشغل الممكنة، على القسط الأكبر من هذه الاستثمارات خلال سنة 2023 واستقطب 55 % من إجمالي الاستثمارات المصرح بها.
ويظهر تحليل القطاع الصناعي، ان قطاع صناعة مواد البناء والخزف والزجاج، قد استحوذ على حصّة هامّة من الاستثمارات (27%) تليه الصناعات الغذائية (26%) والصناعات الميكانيكية والكهربائية (22%). وكانت حصّة الصناعات الميكانيكية والكهربائية من هذه الاستثمارات، الأهم، إذ قدّرت بـ28 %. ويحتل القطاع الفلاحي المرتبة الثانية على مستوى القيمة الاستثمارية للمشاريع المصرّح بها في حدود 1478،85 مليون دينار ما يشكل 25 بالمائة من الاستثمارات المصرح بها مع توقع إحداث 8291 موطن شغل. كما صنفت الطاقات المتجددة (طاقة الرّياح والطاقة الشمسية) ضمن القطاعات ذات الأولوية، إذ سجل القطاع خلال سنة 2023، استثمارات مصرح بها بحجم 144،45 مليون دينار.
وفي ما يتعلّق بالتوزيع الجغرافي، سجلت الولايات العشر الأولى في تونس، ويتعلّق الأمر بكل من ولايات صفاقس، زغوان، باجة، نابل، بنزرت إلى جانب منوبة والقصرين وبن عروس وسيدي بوزيد وسوسة، أعلى حجم استثمار مصرح به في كل القطاعات مع الإشارة إلى أن ولاية صفاقس استحوذت على القسط الأوفر من هذه الاستثمارات بنسبة 9،8 بالمائة (534،23 مليون دينار).
وعموما لا تستجيب هذه الأرقام الى حاجيات المرحلة أو تطلعات المسؤولين الذي راهنوا على أهمية قطاع الاستثمارات وجعله قطاعا ديناميكيا قادرا على دعم الاقتصاد التونسي وفق برامج وعود ومشاريع بقيت حبرا على ورق. وقد تسبب إهمال هذا القطاع وعدم تعهده بإصلاحات جذرية في جعل أغلب مؤشراتها تتراجع عوض الترفيع فيها بعدما تراكمت الإشكاليات التي تحولت إلى عوائق في وجه تطوره وتموقعه كرافعة للاقتصاد.
وفي حقيقة الأمر، لا تعتبر إشكاليات تراجع الاستثمارات التي تعاني منها الصناعة، إشكاليات ظرفية مرتبطة بالانعكاسات الناجمة عن تتالي الأزمات بدءا من الثورة ثم جائحة كورونا وأخيرا الحروب الدائرة على الساحة العالمية، بقدر ماهي إشكاليات هيكلية لها علاقة وطيدة بتراجع مناخ الأعمال الذي أفقد قطاع الصناعة قدرته التنافسية وجعل النسيج الصناعي «هشا» مما أفقد الوجهة التونسية الثقة من قبل المستثمرين الأجانب والتونسيين على حد سواء إضافة الى تواصل حالة عدم اليقين وغياب الرؤية الواضحة وتواصل البيروقراطية والتعطيلات الإدارية وتراكم التراخيص وتعقد الإجراءات.
وفي انتظار ان تعلن الجهات المختصة عن سياسة إصلاح شاملة تخص قطاع الاستثمار، يحتاج قطاع الصناعة هو الآخر بعض الإصلاحات العاجلة على غرار دعم التجديد في صلب المؤسسات وتوفير البنية التحتية والخدمات اللوجستية إضافة إلى العمل على تنوع النسيج الصناعي وتوفير قطاعات واعدة مثل الصناعات الميكانيكية والصناعات الكهربائية دون ان ننسى ضرورة توفر الإرادة السياسية للإصلاح من اجل خلق الثروة عبر الترفيع من نسق الاستثمار ودفع الصادرات على حد سواء.
حتى موفى سبتمبر الماضي : رفض أكثر من 272 ألف شيك بقيمة 2,32 مليار دينار
أكدت نشرية البنك المركزي التونسي الخاصة بنشرة الدفوعات في تونس، أنه تم إصدار 18,52 مليون ش…