مشروع قانون الترخيص للبنك المركزي لمنح تسهيلات للخزينة العامة : التمويل المباشر للميزانية دون المسّ من استقلالية البنك المركزي
الصحافة اليوم:
بعد تعثر المفاوضات مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض يساعد البلاد في حل الأزمة الاقتصادية، لجأت الحكومة الى تمويل البنك المركزي لميزانية الدولة بشكل مباشر، من خلال إحالة مشروع قانون يتعلق بالموافقة على الترخيص للبنك المركزي التونسي في منح تسهيلات لفائدة الخزينة العامة للبلاد التونسية. وتمت احالة المشروع على لجنة المالية التي ستستمع اليوم الى وزيرة المالية سهام البوغديري نمصية ومحافظ البنك المركزي مروان العباسي، وهو اتفاق بين الطرفين يقضي بتنقيح الفصل 25 من القانون عدد 35 لسنة 2016 المتعلق بالقانون الأساسي للبنك المركزي.
ومن المتوقع، أن يوافق البرلمان على مشروع القانون خلال الأيام المقبلة باعتباره ذي طابع استعجالي، حيث تستغرق آجال المصادقة عليه داخل لجنة المالية 9 أيام.
والمطروح على مجلس نواب الشعب، هو السعي إلى الابقاء على استقلالية البنك المركزي واتاحة المجال للبنك لتوفير جانب من التمويل من الميزانية دون المس فعليا من استقلاليته.
يشار إلى أن مجلس الوزراء قد وافق على هذا المشروع الاسبوع المنقضي، ويؤكد نائب رئيس لجنة المالية عبد الجليل الهاني في هذا الاطار انه لا يوجد اختلاف بين الحكومة والبنك المركزي حول هذا المشروع وانما تم بالاتفاق بين الطرفين.
وتتباين الآراء حول مشروع قانون الحكومة بين التخوف والترحيب من قبل خبراء الاقتصاد، حيث يوجه البعض منهم تحذيرات بشأن المحافظة على استقلالية البنك المركزي من عدمها في المرحلة المقبلة.
الا ان هذا المشروع ذا الطابع الاستعجالي يندرج في اطار اجراء استثنائي اتخذته الحكومة مؤخرا، ليبقى مشروع تنقيح القانون الأساسي للبنك المركزي برمته، مطروحا على البرلمان، حيث سيتداول فيه مجلس النواب في وقت لاحق، وهي مبادرة اقترحها عدد من النواب.
وينص الفصل 25 من قانون البنك المركزي موضوع التعديل على انه «لا يمكن للبنك المركزي ان يمنح لفائدة الخزينة العامة للدولة تسهيلات في شكل كشوفات او قروض او يقتني بصفة مباشرة سندات تصدرها الدولة».
واكد نائب رئيس لجنة المالية عبد الجليل الهاني في تصريح لـ«الصحافة اليوم» بأن مشروع الحكومة، يعد ترخيصا استثنائيا للبنك المركزي قصد تمويل عجز ميزانية الدولة لسنة 2024. ويمنح هذا الترخيص مرة واحدة ومحدد من حيث المبلغ.
وتقدر قيمة التمويل بـ7 آلاف مليون دينار كسقف اقصى وآجال السداد ستمتد لـ 10 سنوات مع منح 3 سنوات امهال، و بدون أي نسبة فائدة.
وأفاد عبد الجليل الهاني بأن النقاش اليوم مع كل من وزيرة المالية ومحافظ البنك المركزي سيكون حول شرح الاسباب لاتخاذ هذا الإجراء، الذي لا يعد الاول من نوعه، وهو معمول به في التجارب المقارنة. حيث ذكر «في كل دولة تمول البنوك المركزية الاقتصاد وخزينة الدولة وتمول العجز ونحن في ظرف استثنائي ولابد من مراجعة هذا القانون، وكان هناك مشروع قانون تقدمت به كتلة برلمانية لكن لم يتم النظر فيه في انتظار تقديم مشروع من الحكومة».
وتحتاج الدولة لتغطية عجز ميزانية 2024 الى 10 آلاف و300 مليون دينار كديون داخلية وخارجية سيتم تسديدها في شهري فيفري ومارس 2024، ونظرا للطابع الاستعجالي وغياب تمويلات، فقد تم اللجوء الى التمويل من البنك المركزي. وتبلغ قيمة هذه الديون 7 آلاف مليون دينار.
وفي سنة 2022، كان حذّر محافظ البنك المركزي مروان العباسي من مسألة التمويل المباشر للدولة قائلا أن «خطط الحكومة لمطالبة المركزي بشراء سندات خزانة، لها مخاطر حقيقية على الاقتصاد، بما في ذلك المزيد من الضغط على السيولة وارتفاع التضخم وانخفاض قيمة الدينار».
وفي نفس السياق كان قد دعا رئيس الجمهورية قيس سعيد في سبتمبر 2023، إلى ضرورة مراجعة قانون استقلالية البنك المركزي للسماح له بتمويل الميزانية مباشرة عن طريق شراء سندات الدولة.
ويعني تمويل البنك المركزي للخزينة العامة إقراض الدولة بشكل مباشر وبعيدا عن الوسطاء.فقد أشار أستاذ الاقتصاد رضا الشكندالي إلى أن قانون البنك المركزي لعام 2016 اشترط على الدولة الاقتراض عبر وسطاء تتمثل في البنوك المحلية التجارية.
وحول تمويل الخزينة التونسية كشف الخبير الاقتصادي ارام بلحاج ان المصدر الرئيسي للحصول على تمويلات تقدر بـ 10.3 مليار دينار (كقروض خارجية لدعم الميزانية) المبرمجة في ميزانية 2024 سيكون البنك المركزي في غياب تمويلات صندوق النقد الدولي.
غدا الاثنين وفي جلسة عامة مشتركة : قانون المالية والميزانية تحت مجهر المجلسين…
ينطلق يوم غد الاثنين الجزء الثاني من الجلسة العامة المشتركة لأعضاء مجلس نواب الشعب وأعضاء …