الترخيص للبنك المركزي لمنح تسهيلات لفائدة الخزينة العامة : خيار إضطراري استثنائي لتغطية عجز الميزانية
صادق مجلس الوزراء أول امس على مشروع قانون يتعلق بالموافقة على الترخيص للبنك المركزي التونسي لمنح تسهيلات لفائدة الخزينة العامة للبلاد. وهو مشروع أثار جدلا واسعا باعتبار أن الإجراء سيحدّ من استقلالية البنك في المرحلة المقبلة.
وتأتي هذه الخطوة بالتزامن مع مشروع قانون لتنقيح القانون الأساسي للبنك المركزي معروض على البرلمان وسيناقش في الفترة القادمة، لكن خبراء اقتصاديين اعتبروا أن هذا القرار يأتي بهدف تمويل عجز الميزانية.
وتقدر حاجة الميزانية إلى القروض الخارجية في ميزانية 2024 بنحو 5 مليار دولار، منها حوالي 3.2 مليار دولار لم تذكر الحكومة مصادرها.
وتعيش تونس على وقع أزمة اقتصادية متفاقمة مدفوعة بتراجع الإنتاج وارتفاع التضخم والمديونية وتعثر الاتفاق مع صندوق النقد الدولي بشأن حزمة إنقاذ قيمتها 1.9 مليار دولار.
ويعتقد خبراء اقتصاديون أن موافقة مجلس الوزراء على هذا المشروع هي خطوة أخرى تعزز التكهنات بأن مروان العباسي محافظ البنك منذ ست سنوات، سيترك منصبه الشهر المقبل على الأرجح مع نهاية فترة ولايته الأولى.
كما يحذّر بعض الخبراء من ان محاولة تعديل قانون 2016 ، تشير إلى احتمال تدخل الدولة بشكل أكبر في السياسات النقدية، خاصة في ظل العجز المالي المتزايد وندرة الموارد المالية وصعوبة الاقتراض الخارجي.
وفي وقت سابق، دعا رئيس الجمهورية قيس سعيد إلى ضرورة مراجعة القانون للسماح للبنك المركزي بتمويل الميزانية مباشرة عن طريق شراء سندات الدولة.
في حين حذّر خبراء من ان محاولة تعديل قانون 2016 ستؤدي إلى احتمال تدخل الدولة بشكل أكبر في السياسات النقدية.
ويؤكد محافظ البنك مروان العباسي أن استقلال المؤسسة لا يمثل إشكالا خاصة أن «البنك يعمل بالتنسيق مع الحكومة». لكنه نبه في تصريح سابق، من ان خطط الحكومة لمطالبة البنك المركزي بشراء سندات خزانة لها مخاطر حقيقية على الاقتصاد، لانها ستدفع إلى مزيد من الضغط على السيولة وارتفاع التضخم وانخفاض قيمة الدينار.
وحذّر العباسي من أن ذلك قد يقود إلى «تكرار السيناريو الفنزويلي في تونس».
اجراء ممكن، بشروط
في هذا الاطار، أبرز أستاذ الاقتصاد رضا الشكندالي في تصريح لـ«الصحافة اليوم» ان مسألة اقتراض الدولة من البنك المركزي تبقى فرضية ممكنة، ولكن شرط ان لا يكون الاقتراض بهدف تمويل النفقات الاستهلاكية للدولة، وانما توجه حصرا لفائدة النفقات الإنتاجية والتنمية بهدف تشجيع الاستثمار الخاص ودفع القطاعات المنتجة على خلق الثروة.
وشدد الشكندالي في هذا الاطار على ان تفعيل السياسة المالية المشتركة والمزدوجة تقتضي تشريك البنك المركزي أيضا في رسم ملامح السياسة الجبائية والتي تستأثر بها الحكومة وتعتبرها ملفا حصريا وفق قوله وهو ما يتطلب بالتالي ادخال جملة من التغييرات على القانون الأساسي للبنك المركزي.
كما دعا الأستاذ رضا الشكندالي عبر منبر «الصحافة اليوم» الى ضرورة تحديد المبلغ المراد اقتراضه وفق اتفاقية ممضاة بين الحكومة والبنك المركزي في حدود الامكانيات المتاحة بما يحقق اهداف النمو والتضخم المالي.
ويوضح محدثنا بانه يجب القيام بتعديل على مستويين : الاول يتعلق بتنقيح القانون الأساسي لسنة 2016 الذي ينص على مجابهة التضخم المالي وتحقيق النمو الاقتصادي.
أما التعديل الثاني فيهم قانون الميزانية من خلال تخصيص التمويلات من البنك المركزي حصريا لنفقات التنمية.
ويبين من جانبه، أستاذ الاقتصاد معز السوسي، في تصريح لـ«الصحافة اليوم»ان القانون المنظم للبنك المركزي يضبط العلاقة بين البنك والحكومة ومجلس نواب الشعب، حيث ينص في الفصل 17 منه، على انه يحجر على البنك المركزي منح قروض او تسهيلات للدولة في شكل «تسبقات» مهما كان نوعها….لكن في فترة «الكوفيد» منح البنك المركزي 2820 مليون دينار للدولة و كان ذلك بتفويض من مجلس نواب الشعب.
وقياسا على هذا الإجراء، ونظرا للصعوبات المالية التي تمر بها تونس، يصبح اللجوء الى تفويض استثنائي لتقديم تسبقات لخزينة الدولة واردا.
ولفت معز السوسي الى أن هذا لا يتطلب تنقيح قانون 2016، لكن يبقى التساؤل حول قيمة المبلغ الذي سيمنحه البنك المركزي وآجال تسديده، ففي السابق كان سقف 500 مليون دينار واذا يتجاوز 2500 مليون دينار فهذا تصبح له تداعيات على التضخم وقد يجبر على رفع نسب الفائدة مرة اخرى.
في المقابل، أوضح السوسي ان لهذا الإجراء دورا ايجابيا لو يرد التمويل في شكل التزامات الدولة تجاه البنوك، من خلال عملية تدوير الدين مما يقلص من حاجة البنوك الى اعادة التمويل من طرف البنك المركزي.
ويعتبر محدثنا ان الضغط الذي تواجهه المالية العمومية، يجعل اللجوء الى هذه الآليات الاستثنائية امام محك محافظ البنك المركزي، ويضعه أمام فرضيتين اما الالتزام بتطبيق قانون 2016 او تلبية الحاجيات الكبرى للميزانية التي لها أحكامها…وفي كل الحالات سيكون الخيار صعبا.
الحكومة تنطلق في تنفيذ 500 مشروع من بين 1000 مشروع معطّل : نحو دفع نسق التأسيس والتنفيذ..
انطلقت الحكومة في تنفيذ 500 مشروع من أصل 1000 مشروع عمومي معطّل، وذلك في إطار تطبيق المنشو…