يتسبب في خسائر للدولة ب 5 مليار دينار سنويا : هل ستنجح مساعي الحكومة لإدماج القطاع الموازي؟
يمثل الاقتصاد الموازي أحد أبرز المعضلات التي ساهمت وما تزال في إلحاق أضرار فادحة بالإقتصاد الوطني لما تسببه من خسائر مالية كبيرة للدولة جراء التهرب الضريبي و وفق دراسة قام بها المعهد التونسي للدراسات الإستراتيجية ، فقد قدرت هذه الخسائر بقرابة 5 مليار دينار في السنة كما تؤكد الإحصاءات أن أكثر من خمسين % من الإقتصاد هو إقتصاد موازي ينشط العاملون فيه خارج الإطار القانوني و بالتالي لا يخضعون للرقابة الإقتصادية و الصحية إلى جانب مظاهر الفوضى التي يتسببون فيها و تسببهم في ضرر مادي للقطاع المنظم نظرا لخرقهم لمبدإ التنافسية. ورغم الحديث المطول و المتكرر عن إستشراء فوضى الإقتصاد الموازي و ضرورة وضع حد له لإنقاذ ما يمكن إنقاذه و ترميم تصدعات الإقتصاد العليل إلا أن تنظيم هذا القطاع ظل مستعصيا في غياب قرارات صارمة من شأنها أن تدمج التجارة الموازية ضمن القطاع المنظم و تساهم في تحقيق العدالة الجبائية و توفر مداخيل إضافية لخزينة الدولة إلى جانب تمتيع العاملين بهذا القطاع الهش بحقوقهم الإجتماعية من تغطية إجتماعية و غيرها إذ تشير الأرقام إلى أن نحو 1.6 مليون تونسي يعملون في التجارة الموازية دون التمتع بخدمات الضمان الإجتماعي نظرا لعدم إنخراطهم في الصندوق و نشاطهم خارج الإطار المنظم .
و كانت وزيرة المالية سهام البوغديري نمصية قد صرحت منذ يومين خلال إشرافها على ملتقى حواري لهيئة الخبراء المحاسبين ان السنة الحالية ستكون سنة التصدي للاقتصاد الموازي بامتياز وادماجه في الاقتصاد المنظم مذكرة بان الوزارة عملت على بعث لجنة تضم مختلف الاطراف المتدخلة بغاية القضاء على هذه الظاهرة والحفاظ على الموارد الخاصة بالدولة والتعويل على الذات وارساء العدالة الجبائية وفق تعبيرها مؤكدة في الإطار ذاته على انه لا يمكن للقطاع المنظم ان يواصل بمفرده تمويل موارد الدولة مشددة على ان الوزارة ملتزمة بمواصلة الانخراط في تمشي ” التعويل على الذات ” بغاية السيطرة على توازنات المالية العمومية والحفاظ على تعهداته ورغم وجاهة ما تقوله الوزيرة على المستوى النظري إلا أن المسألة تستوجب اجراءات صارمة و حثيثة تؤتي أكلها و تكون لها نتائج ملموسة فإذا قامت الحكومة بتشكيل لجنة تعمل على تحقيق العدالة الجبائية منذ السنة الماضية فلماذا لم يقع الإعلام ببرنامج هذه اللجنة و الاليات التي ستعتمدها للتصدي للإقتصاد الموازي كما جاء على لسان وزيرة المالية حتى يقع المرور من مرحلة النظري إلى التطبيق على أرض الواقع إستنادا لإجراءات تكون في شكل اتفاق يبرم مع المنخرطين في النشاط الموازي وهم من كبار التجار الذين يصطلح على تسميتهم ببارونات التهريب.
و إذا كان شعار المرحلة هو مقاومة الفساد فإن أحد أبرز عناوين الفساد يبدأ من التهريب و ترويج البضائع المهربة الذي يعلم الجميع مدى إستشراءه وانتشاره إلى درجة صعبت السيطرة عليه وحان وقت وضع حد له أمام ما يعانيه الإقتصاد من صعوبات و ما تواجهه الدولة من نقص حاد في السيولة وإعتمادها على خيار «الإعتماد على الذات»بعد أن فشلت مساعي الحصول على قرض صندوق النقد الدولي وإختلال التوازنات المالية للدولة و في الواقع فإن خبراء الإقتصاد طالما طرحوا مسألة إدماج الإقتصاد الموازي ضمن الإقتصاد المنظم كحل من الحلول الهامة لمعالجة علل الإقتصاد الوطني و لعله الوقت الأنسب لإتخاذ قرار سياسي في هذا الشأن علها تكون بداية التعافي الإقتصادي.
الدورة 38 لأيام المؤسسة من 5 إلى 7 ديسمبر المقبل : طرح للمستجدات الاقتصادية و كيفية التأقلم معها محليا و عالميا
تحت شعار «المؤسسة والتحولات الكبرى: التأقلم والفرص المتاحة» ستحتضن جوهرة الساحل سوسة فعالي…