المعهد الوطني للإحصاء : الميزان التجاري يسجل أفضل أداء في سنوات العشر الأخيرة
تطور الصادرات التونسية بنسبة 7,9 % مقابل تراجع الواردات بنسبة 4,4 %- خلال كامل سنة 2023 والذي أفضى إلى تقلص في العجز التجاري التونسي ليصل إلى حوالي 17-الف مليون دينار سنة 2023 مقابل 25,2- الف مليون دينار تقريبا سنة 2022 مسجلا تراجعا بـ32,4 % -هي أبرز المؤشرات التي كشف عنها المعهد الوطني للإحصاء حول المبادلات التجارية لسنة 2023 التي بينت ان تراجع العجز التجاري التونسي أفضى إلى تحسن ملحوظ لنسبة تغطية الواردات بالصادرات بنسبة 78,4 % وهي أعلى نسبة تم تسجيلها خلال السنوات العشر الماضية. وهذه المؤشرات يمكن اعتبارها مؤشرات ايجابية وطيبة لاسيما وأن التحسن مرتبط من جهة بالزيادة في صادرات المنتوجات الغذائية والفلاحية بنسبة 17,8% وقطاع الصناعات الميكانيكية والكهربائية بنسبة 15,9% ومرتبط من جهة أخرى بتراجع العجز التجاري التونسي وهي المعضلة الكبيرة التي تعاني منها البلاد وأكبر مستنزف لمخزوناتها من العملة الصعبة.
ولكن تراجع هذا العجز يمكن قراءته قراءتين مختلفتين الاولى أنه رغم الانخفاض الواضح فهو ما يزال في مستوى عال ولم يصل بعد الى مستوى سنة 2020 حيث كان في حدود 12- الف مليون دينار وهو ما يتطلب مزيد الاشتغال عليه بالحد من الواردات الاستهلاكية غير الضرورية ومن الكماليات. أما القراءة الثانية فترى ان تراجع الواردات ولئن يمثل أمرا محمودا دعا اليه كل الخبراء والمتابعين للشأن الاقتصادي خلال السنوات الاخيرة، باعتبار أن تزايد الواردات هو الذي فاقم العجز التجاري التونسي الذي اتخذ نسقا تصاعديا بلغ مستويات وصفت بالخطيرة جدا وأضرت بالتوازنات المالية. فإن المتأمل في تركيبتها يلاحظ أن التراجع قد حدث في مواد الطاقة والمواد الأولية والمواد نصف المصنعة وهي مواد حيوية وضرورية للقطاعات الصناعية،وفي المواد الغذائية الضرورية للمستهلكين عامة والتي تسبب فقدانها في الاسواق التونسية الى عديد الصعوبات التي عاشها التونسيون خلال 2023.
ومن جانب آخر يلاحظ أن الواردات تراجعت مع الاتحاد الأوروبي وهو الشريك التقليدي لتونس وذلك بنسبة (8,1%-) وخاصة مع فرنسا (3,8%) وإيطاليا بنسبة (17,4%-) ومع اسبانيا بنسبة (15,5%-) لكنها من الجهة المقابلة ارتفعت أكثر مع روسيا بزيادة بنسبة 134,9% ومع البرازيل بـ22,5% حيث بلغ العجز التجاري مع الصين حوالي 8418- مليون دينار وروسيا قرابة 6788- مليون دينار والجزائر 4376- مليون دينار وتركيا 3395- مليون دينار والبرازيل 1300- مليون دينار والهند 930-مليون دينار مما يؤشر من جهة أخرى الى تواصل تبعية تونس الى التوريد بصفة عامة سواء كان ذلك من الاتحاد الاوروبي أو من روسيا والصين وغيرهما.
كما يؤشر من جهة ثانية الى أن تونس تتجه نحو تنويع شركائها التجاريين وتحدث تحولا كبيرا في علاقاتها التجارية مع دول من مجموعة البريكس غير أن ما يلاحظ أن اكبر عجز تجاري لتونس هو مع دول البريكس. وبغض النظر عن قراءات تشير الى رغبة تونس في الانضمام إلى هذه المجموعة وهو مسار طويل ويتطلب عديد المقومات الكبيرة والكثيرة قد لا تتوفر حاليا في تونس إلا أن هذا لا ينفي أن العجز التجاري رغم تراجعه وتقلصه فإنه مازال هيكليا ويتطلب مزيد الضغط على التوريد دون المساس بالمواد الأساسية والحيوية وهذا لا ينطبق على التوريد من الاتحاد الأوروبي فقط وانما أيضا من الصين وروسيا والبرازيل والجزائر وهي أكبر الدول التي لنا معها عجز تجاري، ولم لا مراجعة الاتفاقيات التجارية التي تجمع بين تونس وبينها في اتجاه استعادة التوازنات وتعديل المبادلات.
من أجل تحقيق الأمن الغذائي..
لا شك أن ارتفاع الصادرات الفلاحية التونسية وتحسّن عائداتها وهو ما أكدته الارقام الاخيرة …