2024-01-24

نجحت في استخلاص كل ديونها الداخلية والخارجية بعنوان 2023 : تونس تواصل في 2024 تسديد الديون على حساب توريد المواد الأساسية 

أكّدت وزيرة المالية سهام نمصية أمس الأول لدى افتتاحها الحوار الذي نظمه مجلس الغرف المشتركة لتونس بشأن قانون المالية لسنة 2024 والإجراءات الجبائية الجديدة، أنّ تونس نجحت في استخلاص كل ديونها الداخلية والخارجية بعنوان سنة 2023، وذلك رغم كل الضغوطات، التي واجهتها المالية العمومية. ليكشف قانون المالية أن خدمة الدين متوسط وطويل المدى لسنة 2024، ارتفعت إلى مستوى 24.7 مليار دينار مقابل 20.8 مليار دينار خلال سنة 2023.
وتونس خلال الثلاثية الأولى من السنة الحالية لها الكثير من الديون التي ينبغي سدادها. ففي جانفي الجاري مطالبة بدفع قسط بـ90 مليون دولار من قرض صندوق النقد الدولي يعود لحكومة الشاهد و50 مليون دولار قسط من قرض المملكة العربية السعودية و14 مليون دولار قسط من قرض صندوق النقد العربي إلى جانب ديون داخلية كبيرة. وفي شهر فيفري المقبل مطالبة بتسديد مبلغ يقدر بـ 850 مليون يورو في شكل قرض رقاعي لدى السوق المالية الدولية يعود إلى سنة 2017. وهو ما ينبئ بأن بلادنا ستكون هذه السنة تحت ضغوطات كبيرة سيكون لها الأثر القوي على توازناتها المالية وعلى الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية.

وفي هذا الإطار أكد الخبير الاقتصادي رضا الشكندالي في تصريح لـ«الصحافة اليوم» أن لتونس من الموجودات من العملة الصعبة التي تمكنها من استخلاص ديونها لكن ذلك سيكون على حساب أشياء أخرى لا سيما توريد المواد الأساسية الغذائية مثل القهوة والسكر والفارينة وغيرها إلى جانب المواد البترولية، كما سيكون على حساب توريد المواد الأولية، الذي سيؤثر بطريقة مباشرة على الشركات التي من المنتظر أن تسهم في النمو الاقتصادي وتنعش ميزانية الدولة بالموارد الجبائية.
وأضاف محدثنا انه إن لم يتوفر لها مدخول من العملة الصعبة فان تسديد الدين سيكون بالاعتماد على الاقتراض إما من صندوق النقد الدولي أو من أطراف أخرى. ذلك ان لتونس ثغرة مالية بقيمة 10.3 مليار دينار في ميزانية 2024 لم يحدد من أين سيتم توفيرها. وبالتالي تسديد ديون قديمة متخلدة بذمة الدولة يمثل مصدر خطر إذ سيؤدي إلى التقليص من الموجودات من العملة الصعبة ما سيجعل من الصعب أن يتواصل الوضع المادي والاقتصادي للبلاد بالأريحية المرجوة.
وحول ما تردده وزيرة المالية وبقية أعضاء الحكومة حول تسديد ديون سنة 2023، بين المتحدث أن ذلك يمكن اعتباره انجازا في ذهن الحكومة على أساس أن ذلك تم دون اقتراض من صندوق النقد الدولي، غير أن هذا الانجاز لم يعتمد على الموارد الذاتية للدولة وإنما اعتمد على مزيد الاقتراض الخارجي الذي ارتفع من 7.6 مليار دينار سنة 2022 إلى 10.6 مليار دينار سنة 2023، واعتمد كذلك على مزيد الاقتراض الداخلي الذي ارتفع بدوره من 10.5مليار دينار سنة2022 إلى 11.4 مليار دينار سنة 2023 ، كما اعتمد على الموارد الهامة من السياحة ومن تحويلات التونسيين بالخارج.
وكل ذلك حسب رضا الشكندالي تم على حساب ما يجب توفيره للتونسيين من مواد أساسية وما يتطلبه الاقتصاد من مواد أولية. ليضيف ان الدولة توجهت نحو التقليص في عملية التوريد ما أسهم في تراجع كبير في مؤشرات النمو الاقتصادي وتزايد معدلات البطالة ومستوى مرتفع جدا في الأسعار، أسهم هو الآخر في تراجع كبير في المقدرة الشرائية للمواطن التونسي.

وبالتالي التمكن من سداد الديون الداخلية والخارجية الذي يعتبر انجازا في نظر الحكومة وفي نظر المؤسسات الدولية وخاصة صندوق النقد الدولي، في الوقت الذي أعلنت فيه الدولة عن عدم التعامل مع هذا الصندوق، لا يمثل في المقابل انجازا بالنسبة للمواطن التونسي الذي يعتبر أن الإنجاز الحقيقي يكون بخلق مزيد من موارد الرزق والحد من ارتفاع الأسعار.
وعن تواصل الحاجة لـقرض 1.9 مليار دولار من عدمها أوضح الشكندالي أن الحديث عن استقبال سنة 2024 دون تحديد مصدر التمويلات يجعل الحاجة لذلك تبقى قائمة، خاصة وان ذلك سيكون ورقة ضمان لتتمكن من الاقتراض من الأطراف المالية المانحة سواء دولا أو مؤسسات لسد ثغرة الـ10.3 مليار دينار الموجودة في ميزانية 2024.
وفي ما يخص مجموع الديون المستوجب استخلاصها في السنة الحالية بين محدثنا أنها تبلغ 24.7 مليار دينار منها 12.4 مليار دينار ديون داخلية و12.3 ديون خارجية. وهو ما يعتبر مبلغا ضخما خاصة مع الضبابية الموجودة حول مصدر توفيره. والخطير في الوضعية الراهنة هو عدم تنصيص قانون المالية على مصادر تمويل الميزانية، في المقابل تم الإعلان عن لجوء بلادنا إلى الاقتراض دون تحديد الدول أو الأطراف التي سيتم اللجوء إليها. ووصف محدثنا عدم معرفة مصادر التمويل الذي يقابله تسديد ديون كبرى بالمغامر. ليضيف أن نتيجة ذلك ستكون تقليص الموجودات من العملة الصعبة كما ستتواصل عملية التقليص من توريد المواد الأساسية وما يتطلبه الاقتصاد من مواد أولية وتجهيزات وأدوية وغيرها. وذلك ما يعني أن سنة 2024 ستكون أصعب، بحكم وجود التزامات تجاه الأطراف المانحة في ظل عدم وجود مصادر واضحة لاستخلاص الديون المستوجبة حيالها.
ليربط رضا الشكندالي الحديث بصفة فعلية عن انفراج الوضعية المالية للبلاد بشرط وضوح الرؤية من طرف الحكومة. أما الدخول في سنة جديدة دون معرفة مصادر الميزانية فان ذلك أمر خطير وينذر باللجوء إلى الاحتياطي المتوفر من العملة وسيتسبب في تآكله.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

تسهيلات وامتيازات مالية وتطوير الإطار التشريعي لفائدتها : رفع كل الإشكاليات التي تعطّل بعث الشركات الأهلية..

في لقاء جمعه أمس الأول بوزير التشغيل والتكوين المهني وكاتبة الدولة المكلفة بالشركات الأهلي…