2024-01-21

بعد حضورها في منتدى دافوس : هل استغلت الحكومة الفرصة لتسويق الوجهة الاستثمارية التونسية؟

يمثل منتدى دافوس الاقتصادي مناسبة هامة يجمع كبار الفاعلين الاقتصاديين والسياسيين الدوليين وهو ما يترجم مشاركة رئيس الحكومة والوفد المرافق له في أشغال الدورة 54 الأخيرة ولقائه بعدد من كبار مسؤولي الدول والمؤسسات الدولية والإقليمية وكذلك بمديرة صندوق النقد الدولي،ورئيسة البنك الأوروبي إعادة الأعمار والتنمية. ولذلك اطلع رئيس الجمهورية قيس سعيد، لدى استقباله أول أمس الجمعة بقصر قرطاج، رئيس الحكومة أحمد الحشاني،على نتائج اللقاءات التي قام بها في إطار مشاركته في منتدى دافوس خلال هذا الأسبوع. وحسب بلاغ اعلامي لرئاسة الجمهورية نشرته مساء أول أمس، أكد رئيس الدولة مجددا على « رفض أي شروط أو أي إملاءات من أي جهة كانت، لأن الإصلاحات التي تقوم بها تونس يجب أن تكون إصلاحات تونسية خالصة تنبع من إرادة الشعب التونسي ».

ولكن بقدر ما يمثل هذا المنتدى فرصة لتقديم تونس كبيئة استثمارية ومناخ أعمال ملائم للفاعلين الاقتصاديين والمستثمرين الأجانب، بقدر ما يمثل ترتيب تونس في التنافسية الذي تقهقر أكثر من 55 مرتبة منذ 2011 عاملا لا يشجع على جلب الاستثمار الأجنبي. وهذا الأمر يتطلب في الحقيقة الإشتغال عليه وتحسينه لتستعيد البلاد مراتب مشرفة في هذا الإطار، وتستطيع أن تقدم الوجهة التونسية كوجهة جالبة ومشجعة على الاستثمار في مثل هذه المنتديات والتظاهرات الاقتصادية العالمية.

ولكن هذا غير كاف لأن مناخ الأعمال هو كل متكامل ويتضمن تحسينه القيام بإصلاحات أخرى اقتصادية شاملة وضرورية لا تقل أهمية.وهذا ليس لأنها مملاة من طرف صندوق النقد الدولي أو مشروطة من دوائر المال والهياكل العالمية للحصول على قروض أخرى، بل لأن وضع البلاد على سكة الانقاذ بات أمرا حتميا وضرورة قصوى ولا مهرب منها، على الاقل حتى لا تتواصل الصعوبات المالية والازمات الهيكلية التي تشهدها البلاد، ولأن الامور لا يمكن أن تستمر في مثل هذه الهشاشة الحالية.كما أن الاصلاح مطلوب أيضا ليس بسبب تهاطل الترقيمات الدولية والتصنيفات السلبية على  تونس، التي لا يمكن انكار تداعياتها على البلاد،بل بسبب العجز في ميزانية الدولة المتزايد وتفاقم التداين الداخلي والخارجي وبسبب الإنكماش وايضا بسبب تراجع النمو وركود الاقتصاد وعدم قدرته خلق الثروة، هي كلها أسباب تحتم جعل الملف الاقتصادي وتحسين مناخ الإستثمار وبيئة الأعمال أولوية مطلقة من دون انتظار تقارير خارجية او ضغوطات أجنبية للوعي بهذه التحديات والصعوبات .فلتونس كفاءات وخبرات قادرة على استقراء الوضع وتحديد المخاطر وأيضا إيجاد المخارج والحلول لهذه الوضعية الاقتصادية التي تتسم بالهشاشة وذلك تفاديا لأي مخاطر قادمة ومتوقعة ستزيدها المستجدات العالمية والتغيرات المناخية تعقيدا في قادم الفترات.

و مما لا شك فيه أيضا أن المخاطر التي حذر منها تقرير دافوس ليست جديدة وهي معروفة في الداخل التونسي لذلك فإن التوقي منها وأخذها بعين الاعتبار تمليه الضرورة وتحتمه أهمية إسترجاع التوازنات المالية والاقتصادية للبلاد.وإذا كانت تونس تريد التعويل على ذاتها وعلى إمكانياتها وعلى رفض أي شروط أو املاءات من اي جهة كانت،فعليها أن تطلق بنفسها حزمة اصلاحاتها في اطار رؤية اقتصادية وبرنامح واضح من شأنه أن ينأى بالبلاد عن مختلف المخاطر المحدقة. واذا ما شاركنا هذا العام في منتدى دافوس العالمي بحصيلة إقتصادية صعبة بإستثناء وفاء تونس بالتزاماتها المالية فاننا يمكن أن نشارك في الدورة القادمة بحصيلة إيجابية وبمناخ أعمال جاذب للاستثمار وبترتيب مشرف في التنافسية اذا ما تم الانطلاق في تفعيل إصلاحات تونسية ناجعة وملموسة نقدمها للعالم في دافوس ولم لا في مختلف المنتديات والتظاهرات الاقتصادية الدولية لاستقطاب كل الفرص المتاحة والخروج منها باتفاقيات وشراكات حقيقية قابلة للتنفيذ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

من أجل تحقيق الأمن الغذائي..

 لا شك أن ارتفاع الصادرات الفلاحية التونسية وتحسّن عائداتها  وهو ما أكدته الارقام الاخيرة …