مؤسسات التصنيف المالية : تواتر سنوات الجفاف له تداعيات سلبية على الاقتصاد التونسي
تتالت تصنيفات المؤسسات المالية لوضع تونس ولاسيما الاقتصادي منه وجاءت اغلب التقارير محملة بأرقام مفزعة وتوقعات بتواصل الأزمة الاقتصادية الخانقة لاسيما في ظل وجود مؤشرات تحد من النمو وتوسع دائرة الأزمة. آخر هذه التقارير كان لوكالة ستاندرد آند بورز وهي شركة خدمات مالية ومقرها الولايات المتحدة, وهي فرع لشركات مكغروهيل التي تنشر البحوث والتحليلات المالية على الأسهم والسندات التي توقعت فيه تواصل انخفاض قيمة الدينار التونسي على المدى المتوسط، وفقا لتحليل المخاطر المالية المخصص لتونس.
وكشف التقرير أيضا ان تواصل ارتفاع مؤشر التضخم على المدى الطويل من شانه ان يؤثر سلبا على القدرة الشرائية القدرة الشرائية موضحا ان استمرار نقص التمويل، وخاصة لدعم المؤسسات العمومية الهشة، يمكن أن يؤدي إلى عبء نقدي إضافي تتحمل مسؤوليته خزينة الدولة.
وعلاوة على ذلك، جاء في تقرير وكالة ستاندرد آند بورز غلوبال «أنه سيتعين على السلطات التونسية ضمان التزامها بإصلاحات صندوق النقد الدولي من خلال الحد من تدخل البنك المركزي التونسي في سوق الأوراق المالية والعملات», كما تعتقد هذه الوكالة الأمريكية أن الإصلاح الأكثر شمولاً للقطاع المصرفي هو شرط أساسي لجعل القطاع الخاص أكثر ديناميكية، بما في ذلك تصفية الأصول المصرفية للدولة.
وبخصوص الوضع الاقتصادي، أكدت وكالة «ستاندرد آند بورز غلوبال» في تحليلها أن «الاقتصاد التونسي كان أضعف من المتوقع سنة 2023، حيث يواجه القطاع الفلاحي للسنة السادسة على التوالي أزمة الجفاف بسبب قلة نزول الأمطار وانكماش الإنتاج الصناعي بشكل كبير» مشيرة الى ان تباطؤ النمو الاقتصادي في أوروبا، الشريك الاستراتجي لتونس، من شانه ان يؤثر سلبا على نسبة النمو والتي بلغت 1.3% سنة 2023، لكن التقرير, أكد أيضا : «من المتوقع ان يسجل الاقتصاد التونسي انتعاشا حذرا يصل إلى 2.6% موفى سنة 2024».
ولئن جاءت في تقرير «وكالة ستاندرد آند بورز» نقطة ايجابية مفادها إمكانية تحسن نسبة النمو, إلا ان التقارير الأخرى بدت أكثر «تشاؤمية» ونخص بالذكر التقرير الذي نشرته مؤخرا مجموعة «بلومبيرغ إل بي»، المتخصصة في الاقتصاد والتمويل والذي أشار الى ان تونس تواجه صعوبات كبيرة في خلاص ديونها الأجنبية حيث احتلت تونس المرتبة السادسة من حيث هشاشة الديون السيادية في ظل توقعات ببلوغ الدين العام 77.1% من الناتج المحلي الإجمالي بنهاية سنة 2024 الأمر الذي يؤكد ان سنة 2024 ستكون ربما الأصعب مالياً على تونس في السنوات الأخيرة من حيث ضخامة سداد ديونها الخارجية بالعملة الأجنبية، وهذا يهدد مخزونها من احتياط العملة الصعبة وتذبذب سعر صرف الدينار مقابل العملات الأجنبية. وتقرير أخر صدر منذ حوالي أسبوع واهتم بدراسة الوضع الاقتصادي وتحليل مؤشراته وهو تقرير «المخاطر العالمية 2024» الصادر مؤخرا عن المنتدى الاقتصادي العالمي، والذي أكد ان أزمة الاقتصاد التونسي متواصلة واته يعاني من 5 مخاطر أساسية: أهمها مواصلة الانكماش الاقتصادي، ارتفاع المديونية، نقص المياه , هشاشة مؤسسات الدولة والتضخم .
وأشار هذا التقرير إلى ان تونس تعد من البلدان المثقلة بالديون (على غرار مصر ولبنان) وأنها مهددة بإمكانية التخلف عن سداد الديون التي أصبحت تعد ظاهرة اقتصادية عالمية.
وسواء كان تواتر هذه التصنيفات والتي تعد عموما سلبية «ممنهجة» أو «بمحض الصدفة», فان صدورها معا في فترة متقاربة من شانه ان يضر بسمعة تونس لدى المانحين الدوليين وله تداعيات وخيمة خاصة ويقلل من فرصة عقد شراكات جديدة مع هذه المؤسسات خاصة على هامش مشاركة تونس في فعاليات منتدى دافوس الجارية هذه الأيام بسويسرا ويحضره وفد تونسي رفيع المستوى يترأسه رئيس الحكومة احمد الحشاني.
وحول تداعيات تتالي هذه التصنيفات, يتفق أساتذة الاقتصاد انها بمثابة مساس واضح لسمعة البلاد المالية لدى المانحين الدوليين وللاستثمار الخارجي، وهذا ما يجعل فرصة تونس في الحصول على تمويلات خارجية بشروط ميسرة وفوائد مقبولة بعيدة عن إملاءات صندوق النقد الدولي «صعبة» و»ضئيلة». الأمر الذي سيكون له تداعيات أخرى منها بالأساس ارتفاع مخاطر تخلفها عن سداد ديونها الخارجية، إضافة الى تراجع قدرتها على توفير السلع والمواد الأساسية المستوردة كالأدوية والحبوب والمحروقات مما يخلق نقصا حادا في السلع بالبلاد جراء تذبذب سعر صرف الدينار ونقص مخزون العملة الصعبة.
حتى موفى سبتمبر الماضي : رفض أكثر من 272 ألف شيك بقيمة 2,32 مليار دينار
أكدت نشرية البنك المركزي التونسي الخاصة بنشرة الدفوعات في تونس، أنه تم إصدار 18,52 مليون ش…