ضمن مساعي تنويع الشركاء الأقتصاديين : هل يمهد توثيق العلاقة مع الصين انضمام تونس إلى البريكس ؟
حظيت الزيارة التي أداها وزير الشؤون الخارجية بجمهورية الصين الشعبية»وانغ يي» إلى تونس ، على رأس وفد صيني هام رفيع المستوى من 14 الى 16 جانفي الجاري بترحيب خاص وخلفت صدى إيجابيا لدى الراي العام التونسي المتابع، بالنظر الى ما يمكن أن تفتحه هذه الزيارة من آفاق كبرى لتونس مع الصين وما تحمله في طياتها من مزيد توثيق التعاون الاقتصادي والتجاري مع دولة كبيرة وقوية بحجم الصين في اطار شراكة مربحة للطرفين والارتقاء بها الى مستويات أرفع بكثير مما هي عليه الآن. وبغض النظر عما يمكن أن يفتحه هذا التعاون من فائدة على الصين لتعزيز وجودها في القارة باعتبار تونس بوابة افريقيا، فإن هذه فرصة سانحة أيضا لتونس من أجل العمل على ترسيخ الشراكة مع هذا الشريك الاستراتيجي والقوة الاقتصادية في مجال التبادل التجاري وجلب الاستثمارات الصينية الضخمة لتعزيز البنية التحتية في تونس وذلك خاصة في مثل هذه الظرفية الدولية التي يتشكل فيها العالم من جديد ويشهد تغيرات متسارعة في ميزان القوى، مع ظهور اقطاب اقتصادية جديدة وهو ما يجعل من العلاقات الدولية حلا من الحلول الاقتصادية لتونس التي تأمل الخروج من وضعها الاقتصادي الهش وتستعيد توازناتها الداخلية والخارجية بعيدا عن مزيد التداين أو الخضوع لضغوطات الهياكل المالية المقرضة.
ويرى متابعون أيضا ان الجهود الديبلوماسية التي أفضت الى حدوث هذه الزيارة ببلادنا والتي تتزامن مع الاحتفال بستينية إقامة العلاقات الديبلوماسية مع الصين هي خطوة في الاتجاه الصحيح تترجم المنحى الجديد الذي اتخذته تونس بصفة فعلية من حيث عدم الاقتصار فقط على شبكة العلاقات الكلاسيكية والشركاء التقليديين في الاتحاد الاوروبي وتنويع شراكاتها وتوسيع شبكة علاقاتها الاقتصادية والتجارية مع شركاء استراتيجيين آخرين عبر تفعيل علاقة اقتصادية أكثر قوة بين تونس والصين باعتبارها شريكا يؤمن بالعمل والتقدم والتطور وباعتبارها ايضا طرفا اساسيا في مجموعة البريكس خاصة إن كان لتونس تطلع للانضمام إلى هذه المجموعة في قادم الفترات والاستفادة من الامكانات الكبيرة التي يمكن تحقيقها على المدى المتوسط والبعيد.
ومن ثمة فهذه في نظر الكثيرين تعتبر فرصة وجب التعامل معها بكل جدية وتركيز ولا يجب اهدارها كما تم إهدار العديد من الفرص السابقة عبر متابعة نتائجها ومخرجاتها وتفعيل ما يمكن تفعيله حتى تكون بمثابة حل من الحلول الاقتصادية المجدية لتونس لعل أقلها على المدى القصير في مستوى اعادة التوازن في المبادلات بين البلدين وتقليص العجز التجاري المتفاقم مع الصين. حيث لا يخفى أن تونس تعاني من اختلال ميزانها التجاري مع الصين وهو ما تؤكده المؤشرات المتعلقة بالأشهر العشرة الاولى من سنة 2023 التي اظهرت أن عجز الميزان التجاري للسلع المسجل على المستوى الجملي للمبادلات بلغ – 15856,6 مليون دينار وهو يعود بالأساس إلى العجز المسجل مع بعض البلدان كالصين (-7029,6مليون دينار) وروسيا (-5975,3مليون دينار) وذلك بسبب الفجوة الكبيرة بين الواردات مقابل الصادرات وهو ما يجعل من الصين على رأس الدول التي لتونس معها عجز تجاري كبير جدا. وبالتالي فإن تعزيز العلاقات الاقتصادية مع الصين يمر حتما عبر فتح المجال لمعالجة سبل تقليص هذا الإختلال المتفاقم علاوة على تيسير ولوج المنتجات التونسية الى السوق الصينية والرفع أكثر من حجم الصادرات التونسية اليها والتي تبقى ضعيفة جدا مقارنة بالواردات. وتحقيق هذا الهدف سيساهم في حل معضلتين على الاقل تعاني منهما تونس وهما تخفيض مستوى الضغوطات المسلطة على الميزان التجاري التونسي وعلى المخزونات الوطنية من العملة الصعبة الأجنبية.
من أجل تحقيق الأمن الغذائي..
لا شك أن ارتفاع الصادرات الفلاحية التونسية وتحسّن عائداتها وهو ما أكدته الارقام الاخيرة …