2024-01-14

اثر‭ ‬تواصل‭ ‬نزول‭ ‬الغيث‭ ‬النافع‭:‬ استبشار‭ ‬وتفاؤل‭ ‬ببلوغ‭ ‬موسم‭ ‬زراعي‭ ‬واعد‭ ‬وتحقيق‭ ‬السيادة‭ ‬الغذائية

لاول‭ ‬مرة‭ ‬و‭ ‬منذ‭ ‬حوالي‭ ‬سنتين‭ ‬من‭ ‬الجفاف‭ ‬تشهد‭ ‬اغلب‭ ‬مناطق‭ ‬البلاد‭ ‬نزول‭ ‬كميات‭ ‬هامة‭ ‬من‭ ‬التساقطات‭ ‬على‭ ‬امتداد‭ ‬شهرين‭ ‬متتاليين‭ ‬وذلك‭ ‬بنسب‭ ‬متفاوتة‭ ‬كانت‭ ‬اعلاها‭ ‬بولايات‭ ‬الشمال‭ ‬الغربي‭ ‬والشمال‭ ‬وبكميات‭ ‬اقل‭ ‬في‭ ‬ولايات‭ ‬الوسط‭ ‬والجنوب‭.‬

وقد‭ ‬مثل‭ ‬نزول‭ ‬الغيث‭ ‬النافع‭ ‬عنصرا‭ ‬فاعلا‭ ‬في‭ ‬حث‭ ‬الفلاحين‭ ‬والمزارعين‭ ‬على‭ ‬العودة‭ ‬الى‭ ‬تعاطي‭ ‬النشاط‭ ‬الفلاحي‭ ‬واستكمال‭ ‬الموسم‭ ‬الزراعي‭ ‬الذي‭ ‬تعطل‭ ‬نتيجة‭ ‬شح‭ ‬الامطار‭ ‬وتخوف‭ ‬المزارعين‭ ‬من‭ ‬وقوعهم‭ ‬في‭ ‬خسائر‭ ‬باهظة‭. ‬ووفق‭ ‬الاتحاد‭ ‬التونسي‭ ‬للفلاحة‭ ‬والصيد‭ ‬البحري‭ ‬فقد‭ ‬زاد‭ ‬نسق‭ ‬عملية‭ ‬البذر‭  ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬توقعات‭ ‬ببلوغ‭ ‬موسم‭ ‬حصاد‭ ‬ايجابي،‭ ‬اذ‭ ‬من‭ ‬المتوقع‭ ‬انتاج‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬19‭ ‬مليون‭ ‬قنطار‭ ‬من‭ ‬الحبوب‭ ‬خلال‭ ‬الموسم‭ ‬الحالي‭.‬

وقد‭ ‬ساهم‭ ‬نزول‭ ‬الامطار‭ ‬بكميات‭ ‬هامة‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬ولايات‭ ‬الشمال‭ ‬الغربي‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬ولاية‭ ‬زغوان‭ ‬في‭ ‬ارتفاع‭ ‬المساحات‭ ‬المنجزة‭ ‬للزراعات‭ ‬الكبرى‭ ‬من‭ ‬78‭ ‬الف‭ ‬هكتار‭ ‬مبرمجة‭ ‬الى‭ ‬81‭ ‬الف‭ ‬هكتار‭ ‬و700،‭ ‬فيما‭ ‬قدرت‭ ‬المساحات‭ ‬المبرمجة‭ ‬للموسم‭ ‬الزراعي‭ ‬الحالي‭ ‬بحوالي‭ ‬مليون‭ ‬و‭ ‬194‭ ‬الف‭ ‬هكتار‭ ‬منها‭ ‬قرابة‭ ‬848‭ ‬الفهكتار‭ ‬بولايات‭ ‬الشمال‭ ‬وحوالي‭ ‬346‭ ‬الف‭ ‬هكتار‭ ‬بولايات‭ ‬الوسط‭ ‬والجنوب‭ ‬وذلك‭ ‬حسب‭ ‬وزارة‭ ‬الفلاحة‭ ‬والموارد‭ ‬المائية‭ ‬والصيد‭ ‬البحري‭. ‬

وتتوزع‭ ‬هذه‭ ‬المساحات‭ ‬حسب‭ ‬الانواع‭ ‬إلى‭ ‬619‭ ‬الف‭ ‬هكتار‭ ‬قمح‭ ‬صلب‭ ‬و45‭ ‬ألف‭ ‬هكتار‭ ‬قمح‭ ‬لين‭ ‬و520‭ ‬ألف‭ ‬هكتار‭ ‬شعير‭ ‬و9‭ ‬الاف‭ ‬هكتار‭ ‬تريتيكال‭. ‬وتقدر‭ ‬مساحة‭ ‬الحبوب‭ ‬المبرمجة‭ ‬للري‭ ‬بـ‭ ‬85‭ ‬الف‭ ‬هكتار‭ ‬منها‭ ‬حوالي‭ ‬38‭ ‬الف‭ ‬هكتار‭ ‬بمناطق‭ ‬الشمال‭ ‬و‭ ‬47‭ ‬الف‭ ‬هكتار‭ ‬بمناطق‭ ‬الوسط‭ ‬والجنوب‭. 

إيرادات‭ ‬السدود‭ ‬في‭ ‬تحسن‭ ‬

ما‭ ‬من‭ ‬شك‭ ‬ان‭ ‬تهاطل‭ ‬الامطار‭ ‬بصفة‭ ‬مستمرة‭ ‬اثر‭  ‬ايجابيا‭ ‬على‭ ‬مخزونات‭ ‬السدود‭ ‬التي‭ ‬طفقت‭ ‬تتحسن‭ ‬شيئا‭ ‬فشيئا‭ ‬وفي‭ ‬وقت‭ ‬وجيز‭ ‬فبعد‭ ‬ان‭ ‬كان‭ ‬المعدل‭ ‬الاجمالي‭ ‬لامتلاء‭ ‬السدود‭ ‬لا‭ ‬يتعدى‭ ‬22‭ % ‬تطور‭ ‬الى‭ ‬حدود‭ ‬30‭ % ‬،‭ ‬وقد‭ ‬تجلى‭ ‬هذا‭ ‬التطور‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التوقف‭ ‬عن‭ ‬اعتماد‭ ‬نظام‭ ‬الحصص‭ ‬في‭ ‬توزيع‭ ‬الماء‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬ولايات‭ ‬تونس‭ ‬الكبرى‭.‬

ويرى‭ ‬اهل‭ ‬الاختصاص‭ ‬ان‭ ‬نزول‭ ‬الامطار‭ ‬منذ‭ ‬دخول‭ ‬فصل‭ ‬الشتاء‭ ‬عكس‭ ‬السنوات‭ ‬السابقة‭ ‬هو‭ ‬طالع‭ ‬خير‭ ‬ومؤشر‭ ‬واعد‭ ‬على‭ ‬تواصل‭ ‬نزولها‭ ‬في‭ ‬الاشهر‭ ‬القادمة‭ ‬ما‭ ‬من‭ ‬شانه‭ ‬أن‭ ‬يدعم‭ ‬منظومات‭ ‬القطاع‭ ‬الفلاحي‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬منظومة‭ ‬الالبان‭ ‬التي‭ ‬تشهد‭ ‬غلاء‭ ‬في‭ ‬اسعار‭ ‬الاعلاف‭ ‬حيث‭ ‬ان‭ ‬الامطار‭ ‬ستساهم‭ ‬في‭ ‬انعاش‭ ‬الغطاء‭ ‬النباتي‭ ‬ومن‭ ‬ثمة‭ ‬احياء‭ ‬المراعي‭ ‬والاراضي‭ ‬المعشبة‭ ‬لفائدة‭ ‬الابقار،‭ ‬كذلك‭ ‬تطور‭ ‬منظومة‭ ‬الحبوب‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تحقيق‭ ‬صابة‭ ‬قياسية‭ ‬وبالتالي‭ ‬تحقيق‭ ‬الامن‭ ‬الغذائي‭ ‬الوطني‭ ‬اضافة‭ ‬الى‭ ‬منظومة‭ ‬المنتوجات‭ ‬الفلاحية‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬الخضر‭ ‬والغلال‭ ‬التي‭ ‬ستعرف‭ ‬وفرة‭ ‬في‭ ‬انتاجها‭ ‬مقابل‭ ‬تراجع‭ ‬قي‭ ‬اسعارها‭ ‬تزامنا‭ ‬مع‭ ‬حلول‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬من‭ ‬شانه‭ ‬ان‭ ‬يدعم‭ ‬المقدرة‭ ‬الشرائية‭ ‬للمواطن‭ ‬التي‭ ‬تدهورت‭ ‬الى‭ ‬الحظيظ‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الاخيرة‭.‬

تخفيف‭ ‬العبء‭ ‬على‭ ‬المالية‭ ‬العمومية‭ ‬

كل‭ ‬هذه‭ ‬الايجابيات‭ ‬المرتبطة‭ ‬بنزول‭ ‬الامطار‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬ان‭ ‬تخفف‭ ‬العبء‭ ‬على‭ ‬المالية‭ ‬العمومية‭ ‬التي‭ ‬تشكو‭ ‬عجزا‭ ‬متواصلا‭ ‬بسبب‭ ‬توريد‭ ‬جميع‭ ‬المواد‭ ‬الاستهلاكية‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الاربع‭ ‬الماضية‭ ‬نتيجة‭ ‬حالة‭ ‬الجفاف‭ ‬التي‭ ‬ضربت‭ ‬البلاد‭ ‬والتي‭ ‬اثرت‭ ‬على‭ ‬مردودية‭ ‬القطاع‭ ‬الفلاحي‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬الحبوب‭ ‬التي‭ ‬تعتبر‭ ‬من‭ ‬المواد‭ ‬الاساسية‭ ‬للامن‭ ‬الغذائي‭ ‬والتي‭ ‬ارتفعت‭ ‬اسعارها‭ ‬ثلاث‭ ‬مرات‭ ‬بسبب‭ ‬الحرب‭ ‬الروسية‭ ‬الاوكرانية،‭ ‬كذلك‭ ‬توريد‭ ‬اللحوم‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تعديل‭ ‬السوق‭ ‬والضغط‭ ‬على‭ ‬الاسعار‭.‬

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

وسط دعوات لالتزام اليقظة والحذر : استفحال ظاهرة الغرق بالشواطئ التونسية

يرتفع كل صائفة عدد حوادث الغرق بالشواطئ التونسية ، وسط دعوات للحذر أمام استفحال هذه الظاهر…