العمل سويّا على الدفع بالصداقة التاريخية والتعاون العملي بين الصين وتونس : نحو آفاق ومستويات جديدة
يقلم: السفير الصيني بتونس وان لي
يصادف هذا العام الذكرى الستين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين وتونس. في مثل هذا اليوم، أدى رئيس مجلس الدولة الصيني تشو أن لاي، قبل 60 عاما، زيارة صداقة إلى تونس. وأصدر البلدان، حينها، بيانا مشتركا بشأن إقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما.
على مدار السنوات الستين الماضية، تقاسمت، وما زالت تتقاسم الصين وتونس السراء والضراء. ويعامل كل بلد الآخر بصدق. كما يعمل البلدان معًا بروح فريق واحد، على الرغم من التغييرات العميقة التي طرأت على الساحة العالمية. وتتواصل العلاقات الوطيدة بين البلدين لتؤسس باستمرار لصفحة جديدة ونقلة نوعية في مختلف مجالات التعاون المشترك وفي إطار الصداقة العريقة الصينية التونسية.
وتعمل الصين وتونس باستمرار على تبادل التفاهم والدعم في القضايا المتعلقة بالمصالح الجوهرية والمشاغل الكبرى لكلا البلدين. وتدعم الصين الجانب التونسي بثبات في سعيه لاستكشاف طريق التنمية الأكثر ملاءمة لمصلحة تونس وللظروف الوطنية الخاصة وهي تقدم دعما قويا لتونس في مجال التنمية الاقتصادية وفي سعيها لتحسين جودة الحياة وظروف معيشة شعبها.
كما ترفض الصين تدخل القوى الخارجية في الشؤون الداخلية التونسية. وتحمل تونس، في هذا المجال، نفس الرؤية حول ضرورة أن تلتزم دول العالم بمبادئ الاحترام المتبادل والتعاون والمنفعة المتبادلة والكسب المشترك. وتشيد بمفهوم مجتمع المستقبل المشترك للبشرية الذي طرحه الجانب الصيني. ويعمل البلدان في هذا السياق بنشاط على مستوى الدبلوماسية الدولية على حماية التعددية ومصالح الدول النامية.
وكان لقاء الرئيس الصيني شي جينبينغ بالرئيس التونسي قيس سعيد، في الرياض في شهر ديسمبر سنة 2022، فرصة رسما خلالها الرئيسان خارطة كبرى لتطوير العلاقات الصينية التونسية، مما عزز الثقة السياسية المتبادلة بين البلدين.
وتعمل الصين وتونس، سويا، على تحقيق التقدم والتعاون والكسب المشترك في المجال التنموي. وتخللت هذا المسار عديد المحطات المضيئة بفضل الإنجازات المتعددة والهامة، نذكر منها بناء «قناة وادي مجردة-الرأس الطيب» على طول 120 كيلومتر بفضل مساعدة الصين في ثمانينات القرن الماضي. وهي من الإنجازات التي مكنت من تحويل مياه الري من غرب تونس إلى شرقها ومثلت بذلك أساسا متينا لتنمية قطاع الزراعة في المنطقة الشمالية الشرقية بتونس.
كما استوردت الصين شجر الرمان التونسي وتمت غراسته في مساحات شاسعة في الصين ليصبح العلامة التجارية المفضلة للفاكهة لدى المستهلكين الصينيين. وتطور نسق إنجازات التعاون العملي بين الصين وتونس بعد توقيع مذكرة التفاهم حول البناء المشترك لمبادرة «الحزام والطريق»، في جويلية سنة 2018. ونذكر من بين الإنجازات التي تحققت بمساعدة من الصين، والتي ستبقى شاهدا على عمق الصداقة والتعاون بين البلدين، بناء المستشفى الجامعي بصفاقس والأكاديمية الدبلوماسية الدولية والمركب الثقافي والرياضي للشباب ببن عروس. وقد تم تسليم جميعها إلى الجانب التونسي. كما نذكر ما حققته الشركة الصينية من تقدم ملحوظ في برنامج تشييد سدّ ملاّق العلوي وغيره من المشاريع الكبرى المتعلقة بشكل مباشر بالحياة اليومية للشعب التونسي. وتتواصل علاقات الثقة والتعاون المثمر بين الصين وتونس حيث فازت، مؤخرا، إحدى الشركات الصينية بصفقة بناء جسر بنزرت الثابت باستثمارات قدرت بـ 1421 مليون يوان صيني. وستساهم هذه المشاريع بشكل قوي في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية وبناء الحضارة الإيكولوجية في تونس.
وتعمل الصين وتونس، سويا، على تعزيز الصداقة من خلال العمل بجدّ على التبادل والاستفادة المتبادلة وتقارب قلوب الشعبين. ويحظى مركز علاج الوخز بالإبر في مستشفى المنجي سليم بالمرسى، بالضاحية الشمالية لتونس العاصمة، بشعبية كبيرة في تونس. وقد تمت ترقيته، مؤخرا، إلى مركز للعلاج بالطب الصيني.
وتعتبر البعثات الصحية والطبية الصينية إلى تونس من أبرز النجاحات التي تواصلت منذ عشرات السنين حيث قامت الدفعات الـ28 من فرق طبية صينية إلى تونس بتوليد عشرات الآلاف من الأطفال وتقديم العناية الصحية والطبية لمئات الآلاف من المرضى. ويحظى الطاقم الطبي الصيني بثقة واحترام التونسيين نظرا لجودة الخدمات وكفاءة الطاقم الطبي الصيني.
كما حرص البلدان، خلال السنوات الأخيرة، على توطيد علاقات الصداقة والتقارب بين الشعبين من خلال التبادل الثقافي. وزارت عديد الوفود والفرق الفنية والثقافية من عدد من المقاطعات الصينية تونس وقدمت عروضا متنوعة حظيت بتقدير جماهيري واسع النطاق.
كما نذكر من بين النجاحات،أن تونس أصبحت أول دولة عربية تدرج تعليم اللغة الصينية ضمن مساقات التعليم في مرحلة التعليم الثانوية وكذلك في امتحان الباكالوريا، منذ سنة 2003. وقد تزايد، من سنة إلى أخرى، عدد الطلاب التونسيين المتفوقين الذين يتطلعون إلى الدراسة في الصين. كما يحظى الكونغ فو الصيني وغيره من مظاهر الثقافة الصينية التقليدية المميزة، بشعبية كبيرة لدى الشباب التونسي.
ويعمل الجانب التونسي كذلك على توطيد علاقات الصداقة والتعاون. وقد بادرت الحكومة التونسية بتنفيذ سياسة الإعفاء من التأشيرة للسياح الصينيين على نحو شامل. وسيساهم هذا القرار في تقديم التسهيلات الهامة للتواصل والتبادل غير الحكومي بين الجانبين بما يعزز التعارف والتقارب بين الشعبين.
مرت السنوات الستون بسرعة. وتتحرك عجلة التاريخ إلى الأمام، وتبقى الصداقة بين الصين وتونس أبدية.
تعمل الصين اليوم على بناء دولة اشتراكية حديثة وقوية وعلى تحقيق النهضة العظيمة للأمة الصينية بتحديث النمط الصيني. كما تعمل تونس على الدفع بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية وتحسين معيشة الشعب التونسي. ويعتبر الاحتفال بمضي ستين عاما على إقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين وتونس، انطلاقة جديدة للعمل سويا لتحقيق البناء المشترك لمبادرة «الحزام والطريق» كمنصة للعمل وتشكيل مجتمع المستقبل المشترك للبشرية جمعاء. ويأتي هذا المسار ليؤكد الالتزام بتحقيق التوافقات الهامة بين رئيسي البلدين وضخ زخم جديد للتعاون الثنائي، بما يرتقي بالصداقة التاريخية والتعاون العملي بين البلدين إلى مستويات جديدة لما فيه خير شعبي البلدين.
المحكمة الجنائية تنصف غزة : أوامر باعتقال نتانياهو وغالانت من أجل ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية
الصحافة اليوم (وكالات الأنباء) أصدرت المحكمة الجنائية الدولية أمس الخميس أوامر اعتقال بحق …