تراجعت نسبة التضخم في تونس خلال شهر ديسمبر 2023، الى مستوى 8,1 بالمائة بعد ان كانت في حدود 8,3 بالمائة، في شهر نوفمبر 2023.
ووفق بيانات نشرها المعهد الوطني للإحصاء، يعود هذا التراجع إلى تقلص نسق الزيادة في الأسعار بين شهري ديسمبر ونوفمبر 2023، بالمقارنة بنفس الفترة من السنة الفارطة. ولئن اعتبر اهل الاقتصاد نسبة 8,1 بالمائة «نسبة مرتفعة ومثيرة للقلق» الا انها تعد «مريحة» في ظل الأوضاع الاقتصادية الحالية خاصة وأن النسبة التي كان متوقع بلوغها مع موفى 2023 سترتفع إلى حدود 11 بالمائة وفق تصريح سابق لمحافظ البنك المركزي التونسي.
وجاء هذا التصريح خلال مؤتمر صحفي عقده العباسي بمقر البنك المركزي، قال فيه ان «ارتفاع التضخم ليس في تونس فقط بل في عديد الدول.. ولا يوجد أمام تونس العديد من الحلول لمحاربة ارتفاع نسبة التضخم» مشيرا الى أن أغلب دول العالم تلجأ إلى زيادة أسعار الفائدة، على غرار ما قرره البنك المركزي التونسي سنة 2023.

وفي ظل الوضع الاقتصادي سواء الوطني أو العالمي يعد التضخم أزمة خانقة تمسّ القدرة التنافسية للاقتصاد عموما والقدرة الشرائية للأفراد لان تأثير التضخم وارتفاع الأسعار يمس مباشرة الأسر الضعيفة ومحدودة الدخل، وقد سبق لبعض أساتذة الاقتصاد التنبؤ به من قبل لأن كل المعطيات الاقتصادية والاجتماعية تشير إلى أن ارتفاع هذا المؤشر «من تحصيل الحاصل» خاصة في ظل تراجع الإنتاج من جهة والترفيع في التوريد من جهة أخرى اضافة الى التغيرات المناخية التي أثّرت على منتوجية القطاع الفلاحي وتسجيل خلل ملحوظ بين الطلب والعرض في منتوجات الطاقة والمواد الغذائية التي يتم استيرادها وخلاصها بالعملة الصعبة في ظل تراجع سعر صرف الدينار. كما مثلت السياسة النقدية التوسعية التي يتبعها البنك المركزي التونسي سببا رئيسيا لارتفاع نسبة هذا المؤشر الحيوي .

ولأن ارتفاع مؤشر التضخم إلى نسبة بـ«رقمين» ، الأمر الذي يتوقعه الخبراء سنة 2024 ، يعد معضلة اقتصادية تتجاوز حدود الأزمة باعتبارها تؤدي الى تراجع المقدرة الشرائية للمواطن ولربما الى قلق اجتماعي بالاضافة إلى تهرئة القدرة التنافسية للاقتصاد، يدعو بعض المتابعين للشأن الاقتصاديّ إلى ضرورة تضافر الجهود من أجل محاربة هذا الارتفاع المتوقع مشددين على ضرورة وجود تنسيق بين البنك المركزي والحكومة على مستوى السياسة النقدية والاجراءات الاقتصادية للخروج من الأزمة الاقتصادية في البلاد والعمل على مستوى التغطية وكل ما يتعلق بالأمن الغذائي والأمن الطاقي مع توفير الإمكانيات الضرورية قبل الوصول إلى أوضاع «محرجة».

ومن الحلول المقترحة، يطالب الخبراء أيضا بضرورة عودة العجلة الاقتصادية والترفيع من نسق الانتاج ودعم مردودية قطاع السياحة واستقطاب التونسيين بالخارج لجلب العملة الصعبة عوض الترفيع في نسبة الفائدة المديرية بصفة دورية لما يحمله هذا القرار من مخاطر كبرى على الاقتصاد الوطني خاصة وأن مسببات التضخم ليست نقدية وليست مرتبطة بالطلب والعرض بل أنها ترجع أساسا إلى ارتفاع كلفة الانتاج وارتفاع الأسعار على المستوى العالمي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

حتى موفى سبتمبر الماضي : رفض أكثر من 272 ألف شيك بقيمة 2,32 مليار دينار

أكدت نشرية البنك المركزي التونسي الخاصة بنشرة الدفوعات في تونس، أنه تم إصدار 18,52 مليون ش…