لا تلبّي الحاجيات الضرورية للطلبة : أصوات طلابية تنادي بالترفيع في مبالغ المنح والقروض الجامعية
في الوقت الذي تتزايد فيه تكاليف المعيشة اليومية وغلاء الأسعار ، تبدو مبالغ المنح والقروض الجامعية المسندة لكل طالب يستجيب للشروط الموضوعة غير كافية خاصة وأن حجم المسؤولية الملقاة على عاتق الطالب في محاولة التوفيق بين متطلبات الحياة اليومية كبير للغاية ، إذا ما اعتبرنا أن منحة جامعية لطالب لا يمكنها أن تسدد تكاليف ثلاثية واحدة للكراء أمام ما يعترض الطلبة من استغلال وابتزاز من أصحاب محلات السكنى في ضوء النقص الفادح في المبيتات الجامعية وغلاء أسعار السكن.
معاناة الطلبة في تونس تشمل تحديات متنوعة مثل الوضع الاقتصادي الصعب الذي أدى إلى تدهور الخدمات العمومية كالنقل ليضطر الطالب إلى استعمال النقل الخاص في مناسبات عديدة وبنفقات خارجة عن ميزانيته المعتادة ، وارتفاع تكاليف المعيشة وقلة الفرص الوظيفية بعد التخرج ، ولكن قبل ذلك يعاني الطلبة من مصاعب متعددة قد تؤدي ببعضهم إلى العزوف عن الدراسة والتفكير في حلول أخرى كالهجرة غير الشرعية في ظل ظروف اجتماعية ومالية صعبة تحرمهم من العيش في كنف أبسط مقومات الحياة الكريمة .
كما تفتقد أغلب المؤسسات والمبيتات الجامعية إلى الخدمات الطبية والصحية الممكنة رغم ما يتم اقتطاعه من تأمينات للطلبة مع بداية كل عام دراسي فيعجز الطالب فيما بعد عن الظفر ببعض الأدوية أو العلاج كلما حلّ به ظرف صحي طارئ ومفاجئ فيلتجئ إلى الصيدليات على حسابه الخاص رغم تكاليف الأدوية الباهظة .
في هذا السياق صرحت لنا ممثلة الطلبة بمعهد الصحافة وعلوم الإخبار أميمة بلحاج (عن الإتحاد العام لطلبة تونس) مؤكدة أن الواقع المعيشي اليوم يفرض الترفيع في المنح والقروض الجامعية إذ أن الطلبة يعتبرون أن المنحة الحالية غير كافية لتكاليف الحياة الطلابية نظرا لغلاء الاسعار من فترة إلى أخرى . وعرجت على أن الطالب اصبح يصارع هذه الظروف من حيث غلاء السكن إلى جانب عدم قدرته على التوفيق بين مختلف المتطلبات اليومية .
وألمحت إلى ضرورة مراجعة بعض المقاييس المعتمدة في إسناد المنحة الجامعية خاصة في ما يتعلق بشرط الدخل السنوي للأبوين والذي لا يمكن أن يتعدى الـ 5 آلاف دينار ، ذلك أن هذا الشرط يمكن إعتباره لا يواكب المتغيرات والزيادات الشهرية في الأسعار وهوما يمثل عائقا أمام الكثير من الطلبة في عدم الظفر بهذه المنحة التشجيعية .
ودعت بلحاج إلى النظر في إمكانية تعميم الشروط من حيث المنح والقروض على أبناء رجال ونساء التعليم لتكون منصفة للجميع دون تمييز بإعتبار أن آلاف الطلبة يستحقون الحصول على المنحة أوالقرض إلا أن بعض الشروط غير المدروسة تقصيهم .
وبخصوص القروض أشارت إلى أنه من واجب الدولة أن توفرها لكل الطلبة غير الممنوحين و يتم وضع شروط أكثر تيسيرا من الشروط التعليمية الحالية حتى يتم تشجيع الطلبة للدخول في معترك الحياة اليومية إذا كانت الدولة فعلا تراهن على كفاءاتها ومواردها البشرية المستقبلية .
الإدارة العامة للشؤون الطالبية تجيب
ولمعرفة المزيد عن واقع وأرقام المنح والقروض والمساعدات الاجتماعية الجامعية ، أفادتنا الإدارة العامة للشؤون الطالبية بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي أن حجم هذه المنح والقروض يتطور حسب عدد الطلبة الوافدين الجدد على المؤسسات الجامعية ووضعياتهم الاجتماعية فضلا عن نتائجهم ومستويات مراحلهم الدراسية.
إذ يتم إسناد المنح الوطنية الجامعية بالاعتماد على قرار من وزير التعليم العالي والبحث العلمي مؤرخ في 9 أكتوبر 2012 المتعلق بتنقيح وإتمام قرار وزير التعليم العالي والبحث العلمي والتكنولوجيا المؤرخ في 26 أكتوبر 2009 المتعلق بضبط شروط وطرق إسناد وتجديد المنح الوطنية والقروض الجامعية لفائدة طلبة وتلاميذ التعليم العالي .
وبيّنت الإدارة العامة للشؤون الطالبية أنه سبق وتم الترفيع في المنح الجامعية وفق قرار وزير التعليم العالي والبحث العلمي المؤرخ في 4 ديسمبر 2015 والمتعلق بضبط مقادير المنح الوطنية الجامعية وذلك تماشيا مع الارتفاع الذي شهدته كلفة المعيشة وارتفاع أسعار المواد الأساسية والانزلاق الذي عرفته العملة الوطنية وهو ما دفع إلى مضاعفة هذه المنح على ثلاث سنوات جامعية 2015 – 2016 / 2016 – 2017 و2017 – 2018 .
ففي إطار مساعدة الطلبة الجدد على الانخراط في المحيط الجامعي تسند الوزارة سنويا في إطار الاعتمادات المرصودة ، منحا للإدماج الجامعي للطلبة الوافدين الجدد على الجامعة بقيمة 500 د تماشيا مع قرار وزير التعليم العالي والبحث العلمي مؤرخ في 4 ديسمبر 2018 المتعلق بضبط شروط إسناد منحة الإدماج الجامعي وتحديد مقاديرها وتسند هذه المنح مرة واحدة للطلبة الجدد عند مفتتح السنة الجامعية وتشكل حجم كلفة هذه المنح حوالي 15000 منحة وطنية إضافية .
كما تخصص الوزارة إلى جانب المنح الوطنية ومنح الإدماج الجامعي مساعدات اجتماعية لمساعدة الطلبة أبناء العائلات متوسطة الدخل ضمن مساعدات اجتماعية سنوية تقدر بـ 250 دينار فضلا عن قروض جامعية قيمتها 600 دينار ، لكل طالب لم يسمح دخل وليّه بالحصول على المنح والمساعدات . وبلغت هذه المساعدات 4953 مساعدة بقيمة مالية جملية تجاوزت 1.2 مليون دينار خلال السنة الجامعية 2021 _ 2022 في حين تراجعت خلال السنة المنقضية إلى 3684 مساعدة بكلفة جملية لم تتجاوز 921 ألف دينار كما تم إسناد 1869 قرار جامعي خلال السنة الجامعية المنقضية بمبلغ جملي 1.755 مليون دينار .
وبلغ عدد المنح الجامعية الوطنية المسندة خلال العام الماضي 101398 منحة بكلفة مالية بنحو145.9 مليون دينار ، فيما بلغت المنح الوطنية المسندة بالخارج خلال نفس العام 1824 منحة بكلفة مالية تجاوزت 35 مليون دينار .
مشروع الانتقال الطاقي بالمؤسسات العمومية : توجّه لاستدامة الموارد الطاقية وتخفيف الأعباء المالية
تواصل بلادنا تنفيذ مشروع «الانتقال الطاقي في المؤسسات العمومية» الذي سيشمل 22 وزارة، وتهدف…