تصاعد المخاطر على إمدادات الطاقة وسفن الشحن : تداعيات مرتقبة لارتفاع أسعار النفط على العجز الطاقي لتونس
تتزايد التوقعات بداية هذا العام بشأن إرتفاع أسعار النفط في السوق العالمية إلى مستويات عالية وذلك على خلفية التطورات الاقليمية والعالمية الجارية وتصاعد حجم المخاطر على إمدادات الطاقة وسفن الشحن في البحر الأحمر وتواصل الحرب على غزة. وقد ظهرت البوادر الاولى لارتفاع أسعار النفط مع حلول العام الجديد. ووفق رويترز، زادت أسعار النفط بشكل طفيف في التعاملات الآسيوية المبكرة يوم الأربعاء 3 جانفي الحالي وسط استمرار اضطرابات الشحن في البحر الأحمر وتصاعد التوتر في الشرق الأوسط.كما ارتفعت العقود المتداولة في هولندا، التي يُنظر لها كمعيار رئيسي للسوق الأوروبية، بنحو 6% في ساعة مبكرة من الاربعاء 3جانفي،بعدما تفاقمت المخاوف إزاء زعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط.
وما تزال السوق تعيش حالة تأهب وترقب نظراً للمخاطر المحتملة على طرق النقل الرئيسية لصادرات الطاقة. ومعلوم أن إرتفاع أسعار الطاقة في العالم ينعش الدول المصدرة له في حين يضيف أعباء مالية ثقيلة جدا على الدول الموردة لها ومنها تونس التي تعاني أصلا من أعباء دعم الطاقة في ميزانيتها علاوة على أنه يفاقم عجزها التجاري خاصة وأن الطاقة تمثل حوالي 40% منه.
والأكيد أن كل ارتفاع بدولار في أسعار الطاقة في السوق العالمية تكون فاتورته باهظة جدا على الخزينة وعلى حساب عديد الأولويات فما هو الحال اذا كانت الزيادة باكثر من دولار؟ وأقل ما يمكن ان يحدث هو اختلال التوازنات المالية وتغير قائمة الاولويات وهو الوضع الذي عاشته تونس في أزمات سابقة حيث مازالت تعاني من تبعات وباء كوفيد ثم من تداعيات الحرب الروسية الاوكرانية التي أثرت على سلاسل الإمداد في العالم وعلى ارتفاع أسعارها غير المبرمج بالنسبة لتونس مما فاقم من كلفة واردات البلاد من المواد الأولية والأساسية وأحدث تراجعا حادا في واردات عديد المواد الأولية ما تزال البلاد تعيش على وقعها إلى حد اليوم في مستوى الحبوب والزيوت والسكر والقهوة وأغلب المواد الرئيسية المعيشية والمواد الاولية المرتبطة بالقطاع الصناعي التي ارتفعت كلفتها أيضا وهو ما أثر بدوره على القطاعات الإنتاجية وعلى تباطؤ النمو الاقتصادي في تونس عموما.
وبحسب قانون المالية لسنة 2024 فقد تم اعتماد فرضية معدل سعر برميل النفط في حدود 81 دولارا. وأن تبلغ حاجيات دعم المحروقات حوالي 7086 مليون دينار إضافة إلى تخصيص3591 مليون دينار لنفقات دعم المواد الأساسية. وهي مبالغ هامة في حد ذاتها دون إعتبار حدوث أي ارتفاعات جديدة في مستوى أسعار النفط والمواد الأساسية في السوق العالمية. وفي خضم التوقعات بحدوث ارتفاع في مستوى اسعار المواد الطاقية وصعود أسعار النفط إلى مستوى 100دولار للبرميل خصوصا اذا ما اتسعت دائرة الحرب الجارية على غزة، على تونس أن تستعد لأسوإ الاحتمالات لكي لا تبقى رهينة لأي سيناريو سيّئ أوتتعرض لأي صدمة يحتمل أن يعيشها العالم في قادم الايام.
ومن المهم جدا التعويل على النفس والقيام بخطوات استباقية من شأنها أن تخفف وقع تداعيات اي أزمة محتملة على اقتصادها الهش بطبيعته وعلى ميزانيتها التي تشهد نقصا حادا في مواردها من اجل الحيلولة دون مزيد تعقد الوضع الاقتصادي وذلك يمر عبر مزيد تعزيز احتياطات البلاد من العملة الصعبة من خلال دفع التصدير في مختلف القطاعات وخاصة صادرات قطاع المناجم والفسفاط التي هي حاليا دون المأمول ولم تسترجع نسقها الطبيعي بعد، إضافة الى التوجه نحو الطاقات البديلة والمتجددة وجعلها أولوية قصوى مع التركيز أكثر على قطاع الإنتاج الوطني الذي كشفت مختلف الأزمات العالمية المتتالية هشاشته وعدم قدرته على ضمان الأمن الغذائي للتونسيين والسعي الى تخفيض العجز التجاري عبر تقليص الواردات من الكماليات وغيرها من الإجراءات التي من شأنها أن تنأى بالبلاد وبالتونسيين عن تداعيات أزمة جديدة محتملة.
من أجل تحقيق الأمن الغذائي..
لا شك أن ارتفاع الصادرات الفلاحية التونسية وتحسّن عائداتها وهو ما أكدته الارقام الاخيرة …