في إطار خيار التعويل على الذات ودعم صلابة الاقتصاد الوطني : الدولة ترفع رهان إنقاذ وإصلاح المؤسسات العمومية
تؤكد الدولة من خلال تصريحات مسؤوليها أنها متشبثة بالمؤسسات العمومية وأنها ضد سياسة التفويت على الرغم من الحديث عن الضغوطات المسلّطة على الدولة من المؤسسات الدولية المانحة بما في ذلك صندوق النقد الدولي الذي يوصي بالتخلص من المؤسسات العمومية التي تعرف صعوبات إلى جانب تعزيز الشراكة بين القطاعين الخاص والعام.
وتتضح من خلال عديد الزيارات الميدانية التي أداها رئيس الجمهورية مؤخرا إلى بعض المؤسسات العمومية نية الدولة في التركيز على القيام بالإصلاحات المستوجبة صلب هذه المؤسسات التي عاشت صعوبات أدت بها إلى حد الإفلاس وفقدان قدرتها التنافسية في السوق المحلية والأسواق الخارجية.
ويؤكد بعض الخبراء أن انهيار عدد من المؤسسات العمومية كان مرده نوايا من الأطراف التي تداولت على حكم تونس في العشرية الأخيرة والتي سعت الى تهميش هذه المؤسسات إما لإفقادها قيمتها المضافة والتنافسية على السوق أو من أجل تسهيل عمليات التفويت فيها لشبكات مقرّبة منها.
وتجدر الإشارة إلى أن هذه المؤسسات كانت وراء بناء الاقتصاد الوطني وبناء الدولة التونسية الحديثة غير أن سوء الإدارة وغيات المتابعة والصيانة أنهك صلابة هذه المؤسسات وأثر على مردوديتها الاقتصادية على غرار معمل الفولاذ الذي أكد رئيس الجمهورية مؤخرا على أن الدولة متمسكة بهذه المؤسسة الوطنية وعلى عزيمة الإصلاح والأمثلة كثيرة ومتعددة.
ومن بين أكثر المؤسسات العمومية التي كانت ترددت أخبار حول إمكانية التفويت فيها أو في جزء منها شركة الخطوط الجوية التونسية التي عرفت خلال العشرية الفارطة تراكم إشكاليات وسوء إدارة وحوكمة تسببت لها في صعوبات كبرى كما تواترت أنباء عن أنه لا حل لهذه الصعوبات سوى التفويت والخوصصة ولكن هذا ما سارعت الدولة إلى نفيه على لسان وزير النقل ربيع المجيدي الذي أكد عدم وجود أي نية للتفريط في شركة الخطوط الجوية ردا على معلومات متداولة عبر شبكات التواصل الاجتماعي.
وكانت الكثير من المعطيات والتقارير قد تحدثت عن تعاف تدريجي للخطوط التونسية من حيث جهود تسريع إعادة الهيكلة وذلك بعد عشرية من سوء الحوكمة وعدم الاكتراث بالتحسين مما جعلها تكابد لسنوات خسائر لم تعهدها منذ تأسيسها بينما خضعت ادارتها لتنازعات سياسية ونقابية.
ويدعو بعض الخبراء إلى أنه من الضروري توجيه بعض من عائدات الشركة إلى تطوير الأسطول وتحسينه مما سينعكس ضرورة على مستوى الخدمات المسداة من قبل الشركة خاصة وأن الأزمة التي مرت بها الشركة في السنوات الفارطة وانعكست بشكل مباشر على جودة الخدمات بدءا من التأخير المستمر في مواعيد الرحلات وإلغائها مرورا بالصيانة ووصولا إلى مسألة التموين.
ويمثل نموذج التعاطي مع «التونيسار» مثالا يمكن أن ينسحب على عديد المؤسسات العمومية خاصة بعد أن شددت السلطات على تصورها العام لهذه المؤسسات والذي يقوم على رفض التفويت فيها والسعي الى إصلاحها مع القيام بتقييمات جدّية لوضعية هذه المؤسسات ومتابعتها حالة بحالة للمحافظة عليها أو تقديم أي تصور لدورها في الحياة الاقتصادية التونسية بعيدا عن دورها الاجتماعي المتمثل اساسا في توفير مواطن شغل.
فالتعاطي مع ملف المؤسسات العمومية وسوء التصرف فيها يعود في كل مرة على طاولة النقاش العام سواء صلب هذه المؤسسات أو بين المنظمات الاجتماعية والسلطة وإن غاب هذا النقاش الاجتماعي حول هذه المؤسسات في الآونة الأخيرة في ظل تواتر القراءات التي تعتبر أن محرك أزمة المؤسسات العمومية التونسية هو الفساد في العشرية السابقة أو قبل الثورة.
غير أن عديد الملاحظين يتساءلون عن مدى قدرة السلطات في تونس على رسم خارطة طريق واضحة المعالم لتجاوز مختلف الإشكاليات التي تعاني منها المؤسسات العمومية التي لا يمكن حصرها فقط في زاوية الفساد وأن الصعوبات أشمل وأعمق بشهادة أهل الاختصاص إلى جانب عدم مواكبة عديد المؤسسات مسار الرقمنة والتحديث التقني.
الديبلوماسي السابق عبد الله العبيدي لـ«الصحافة اليوم» : توقيع جملة من الاتفاقيات بين تونس والكويت يفتح آفاقا واعدة للشراكات المثمرة
وقّعت تونس والكويت على إثر انعقاد اللجنة العليا المشتركة التونسية الكويتية على 14 اتفاقية،…