تنقيح مرسوم الصلح الجزائي كما يراه بعض الخبراء : التنقيحات على أهميتها لا تخلو من النقائص والغموض!
بعد أن أحاله إليها مكتب المجلس يوم الأربعاء الفارط مع طلب استعجال النظر انطلقت لجنة التشريع العام صباح أمس في تنظيم جلسات استماع ومناقشة مشروع قانون يتعلق بتنقيح المرسوم عدد 13 لسنة 2022 المتعلق بالصلح الجزائي وتوظيف عائداته، الذي أودعته رئاسة الجمهورية بالبرلمان قبل موفى ديسمبر الماضي.
وبالرغم من المنحى الايجابي للتنقيحات المقترح إدخالها على قانون الصلح الجزائي حسب الجهة المبادرة وحسب رئيس لجنة التشريع العام، غير أن مسار الصلح الجزائي برمته والتنقيحات المدخلة على قانونه تمثل محل متابعة من أهل القانون الذين أدلوا بدلوهم في هذه المرحلة التي يخضع فيها قانون الصلح الجزائي إلى التنقيح.
وفي تصريح له لـ«الصحافة اليوم» أكد وليد العرفاوي رئيس الجمعية التونسية لدعم المحاكمة العادلة على أهمية عملية التعديل والتنقيح في حد ذاتها، باعتبارها تعكس مدى حرص رئيس الجمهورية على إرساء سياسة للصلح الجدي واسترجاع أموال الشعب. وعلى ضوء ما تم إدخاله من تعديلات على نص مرسوم الصلح الجزائي، قدم قراءة تفيد أنها على أهميتها لا تخلو من النقائص ومن وجود بعض الغموض.
وفي هذا الاتجاه انتقد عدم التوسع في موضوع الصلح بجعله يشمل كافة الجرائم التي ينتج عنها ضرر للهياكل العمومية، ذلك أن تقنية التنصيص الحصري بالفصل السادس من المرسوم أهملت عديد الجرائم من ذلك المضاربة والتدليس المتعلق بالدولة والمشاركة في خيانة الأمانة أو المشاركة في الجريمة التي نص عليها الفصل 99 من المجلة الجزائية.
وأوضح أن التنقيح لم يتطرق لمآل الأملاك المصادرة، وان كانت ستحتسب كمقابل للصلح أم لا. ولم يقع أيضا تحديد الجهة المختصة بإصدار قرار المصادرة ولا مدتها ولا مداها وان كانت تشمل العقارات أم المنقولات وتوقيت رفع ذلك القرار. ولم يعرّف حالة الفرار التي تستوجب المصادرة ولا مجالها ولا طبيعتها. إذ لابد من التعريف بطالب الصلح الذي بحالة فرار وان كان الأمر يتعلق بالذي يفر بعد خروجه بموجب صلح وقتي أم بالذي بحالة الفرار من إجراءات الصلح بعد تقديم المطلب أي الفارين من الإجراء في حد ذاته.
وبين العرفاوي أن التنقيح أضاف إجراءات جديدة في آجال مختصرة يصعب احترامها في ظل الأجل العام وهو أربعة أشهر للبت في المطلب كاملا. وبالتالي حافظ المرسوم على آجال مختصرة للدفع. وهذا يعطل حسب رأيه عملية التنفيذ لأنه يستوجب توفير سيولة في آجال قياسية، وكان من الأحرى جعل تنفيذ الصلح على مدة عام مع اتخاذ التدابير اللازمة كتحجير السفر والإقامة الجبرية في صورة تعليق التتبعات في الصلح الوقتي .كما أن المرسوم لم يحدد مآل الأموال المجمدة والأموال المدفوعة في إطار الإفراج بضمان بالنسبة للمعني بالصلح وان كانت ستحتسب ضمن مقابل الصلح أم لا.
وتعرض المتحدث إلى الغموض الموجود حول رفض الصلح، إذ لم يقع التفريق بين الإمهال والقبول المتوقف على شروط وتحديد ماهية هذه الشروط. وتساءل عن سبب التنصيص على أن يكون المكلف العام دون سواه من يراقب حالة الرفض مع عدم التنصيص على ضرورة رقابة رفض الصلح من قبل وزارة العدل. وهو ما قد يترك للمكلف العام صلاحية التوسع في التأويل وتقدير رفض الصلح بصورة أحادية منفردة. واعتبر المتحدث انه من النقائص المسجلة عدم التنصيص على أحكام انتقالية لتوضيح إن كان هذا التنقيح سيشمل المطالب المقدمة قبل صدوره أم لا.
تعديل ثلث الفصول
وفي رأي لأحمد صواب القاضي الإداري السابق حول التنقيحات التي أدخلت على قانون الصلح الجزائي، فقد بين انه قد تم تعديل ثلث فصوله، وذلك بإضافات كبرى إما بالزيادة أو بالنقصان. ليبين أن من المسائل التي تغيرت حسب مشروع التنقيح هي مدة اللجنة الوطنية للصلح الجزائي ليبقى ذلك رهين أمر رئاسي، وذلك في تقديره يطرح إشكالا. كما انه لم يتم تحديد مدة عضوية أعضاء هذه اللجنة إذ كانت في النص الأصلي ستة أشهر لمرتين واليوم أصبحت المدة غير محددة بزمن.
واعتبر المتحدث انه من باب التضليل أن يتم الحديث عن تدعيم صلاحيات لجنة الصلح الجزائي، إذ حسب هذا التنقيح وقع إضعافها وجعلها هيئة تحضيرية لا غير تعمل مع سلطة تقريرية، وذلك بعد أن كانت هي من تفاوض وتقرر وتمضي الاتفاق وتنفذ. وبالاضافة إلى دخول العديد من الهياكل في هذا المسار أصبح المتابع والمنفذ هو المكلف العام بنزاعات الدولة ليمضي الاتفاق ويتابع التنفيذ. واعتبر أن التنقيح جاء بتضخم في عدد الأطراف المتدخلة في مسار الصلح الجزائي، في المقابل أضعف دور القضاء فيه.
واعتبر الأستاذ صواب أن تدخل مجلس الأمن في هذا المسار يطرح عديد الإشكاليات فقد أصبح هو من يقرر في ثلاث فرضيات. فإما برفض ما اقترح من مبالغ أو بالقبول أو بالترفيع في حين لم يتم التنصيص على مقاييس الترفيع. ليعبر في نفس الوقت عن تشكيكه في تدخل هذا المجلس في مسار الصلح الجزائي باعتبار ما له من ملفات أهم للتدخل فيها. في المقابل فان تدخله قد يكون صوريا لمزيد الضغط من اجل ضمان جدية طالبي الصلح.
وتبقى النقاط الايجابية التي جاء بها التنقيح هي توسيع دائرة توظيف عائدات الصلح الجزائي ليشمل بالإضافة إلى المشاريع التنموية بالمناطق ذات أولوية المشاريع الوطنية الكبرى.
بعد أن كشفت زيارات الرئيس الميدانية تقصير المسؤولين الجهويين : العمل الميداني أصبح من ركائز عمل الولاّة
كشفت الزيارات الميدانية ذات الطابع الفجئي التي أداها رئيس الجمهورية قيس سعيّد الى مختلف ال…