انتهت سنة 2023 دون أن تتمكن تونس من إبرام أي إتفاق مع صندوق النقد الدولي وهو ما أثبت امكانية التخلي عن الاقتراض من الصندوق رغم أن التداين في حقيقة الأمر لم يتوقف وسجل مزيدا من الارتفاع.

وبالرغم من أن العديدين حتى من بين أصحاب القرار يعتقدون ويرددون أنه لا توجد بدائل، وأنه لا بديل عن الاتفاق، مع صندوق النقد الدولي فقد تعالت أصوات أخرى لعديد الخبراء والناشطين في المجتمع المدني تدعو إلى أنه حان الوقت للإنفصال عن صندوق النقد الدولي والقطع معه والخروج من قبضته وهو مطلب لا يحتاج الى تقديم الحجج والأسباب لتبريره بحسب المرصد التونسي للاقتصاد الذي يسعى إلى إثبات إمكانية تحقيق ذلك ووضع حجر الأساس للتفكير في البدائل الواقعية المستدامة للسياسات المفروضة من هذه المؤسسات المالية الدولية، ويكون ذلك عبر اعتماد منهجية واقعية واجب اتباعها للخروج والتعمق في الأسباب الجذرية لهذه التبعية والعمل جديا على تحقيق الانفصال النهائي والسريع عن صندوق النقد الدولي، حتى وإن تمكنت تونس من الحصول على اتفاق جديد معه.

وتضم هذه المنهجية عدة أقسام يهدف القسم الأول منها الى إبراز وجود بدائل ملموسة لصندوق النقد لتلبية احتياجات التمويل الخارجي للبلاد عن طريق توسيع مجموعة مصادر التمويل وتنويعها وتشمل خط الدفاع الأول وهو الاحتياطات الرسمية وخط الدفاع الثاني وهي إتفاقيات المبادلة الثنائية وخط الدفاع الثالث وهي الاتفاقيات المالية الإقليمية.

أما القسم الثاني فيهدف إلى تكثيف الجزء الأول والتعمق فيه من خلال استكشاف مفهوم فك الارتباط لمعالجة المشاكل من جذورها بهدف تقليل احتياحات التمويل الخارجي بالعملات الصعبة على المدى المتوسط والطويل. ويهدف القسم الثالث إلى التركيز على التكامل الإقليمي وهو مشروع حيوي لاستعادة السيادة الاقتصادية أو بعبارة أخرى التحرر من التبعية.

وللإشارة فقد نظم المرصد التونسي للاقتصاد في فترة سابقة ندوة تتمحور حول «مسألة الديون وتأثير المؤسسات المالية الدولية: استطلاع سبل التعويض والتغيير». وقد ساهمت في تسليط الضوء على التأثير الكارثي لسياسات المؤسسات المالية العالمية على الحقوق الاجتماعية والاقتصادية في تونس وإبراز مخاطر الاصلاحات النيوكولونيالية المفروضة والمتعارضة مع الحق في التنمية واستطلاع سبل التعويض التي كان الهدف منها تسليط الضوء على التأثير الكارثي لسياسات المؤسسات المالية الدولية على تونس ودول الجنوب، مع التركيز على الأضرار الهيكلية لهذه المؤسسات علاوة على التأكيد على ضرورة التنديد الصريح والقوي بهذه السياسات،اعتبارا لنتائجها الكارثية على الشعوب والاقتصادات والى جانب ذلك التصدي للإصلاحات الضارة المخططة أو القائمة حاليا، وتحديد أجندة واضحة من أجل إصلاحات بديلة في تونس.

ومن بين أهدافها ايضا إعادة العمل حول الديون في تونس إلى جدول الأعمال، بناء على مكتسبات الثورة وتجارب بلدان الجنوب بهدف تجديد أهداف النضال التونسي ضد الديون والمؤسسات المالية الدولية. والتأكيد ايضا على أن   إصلاحات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي لم تفشل في معالجة إشكالية ميزان المدفوعات فحسب، بل ساهمت إلى حد كبير في تدهور الحماية الاجتماعية، عبر تعميق اللامساواة الاجتماعية والاقتصادية، وتقليص إمكانية الوصول إلى الخدمات الاجتماعية وجودتها. وتجدر الاشارة إلى أن رئيس الدولة  شدد في عديد المناسبات على ضرورة التعويل على الذات وعلى أن تونس قادرة بإمكانياتها الذاتية على تخطي كل الصعوبات بعزم شعبها على استقلال قرارها الوطني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

من أجل تحقيق الأمن الغذائي..

 لا شك أن ارتفاع الصادرات الفلاحية التونسية وتحسّن عائداتها  وهو ما أكدته الارقام الاخيرة …