تفاؤل التونسيين بتحسّن الوضع الاقتصادي : 62 بالمائة من التونسيين «يتمنّون» تغيير الأوضاع
شهدت تونس العديد من الأحداث خلال هذا العام الذي شارف على الانتهاء،وابرزها كانت صعوبات الوضع الاقتصادي، حيث سجلت نسبة التضخم ارتفاعا غير مسبوق فاق 10 بالمائة مما تسبب في ارتفاع أسعار المواد الأساسية. كما عاشت البلاد خلال هذه السنة تحت وطأة فقدان المواد الأساسية وارتفاع الأسعار.
ولعل المشهد الأبرز الذي طبع الوضع العام في تونس طيلة سنة 2023،هو وقوف المواطنين في طوابير طويلة على المخابز والتجمعات في الفضاءات التجارية، لعدة ساعات، للحصول على الخبز، والتزود بمواد «الفارينة والسكر والزيت».
الا انه رغم كل هذه الصعوبات يتوقع التونسيون ان تتحسن أوضاعهم في عام 2024، بعد ان رفعت الدولة شعار التعويل على الذات لمواجهة كل التحديات.
في هذا الاطار، سجلت مؤسسة «ايمرود كونسيلتينغ» المختصة في استطلاعات الرأي، تفاؤلا في صفوف التونسيين في ما يتعلق بوضعية الاقتصاد، حيث كشفت في استطلاعها خلال شهر ديسمبر عن رقم ملفت للانتباه وهو ان 62 بالمائة يرون أن الوضع الاقتصادي في تحسن، وذلك في عودة بالأرقام على سنة 2023 في مختلف المجالات.
وأوضح مدير مؤسسة «ايمرود كونسيلتينغ» نبيل بلعم،أن هذا التفاؤل الاقتصادي يعود إلى الحركية التي يقوم بها رئيس الجمهورية قيس سعيد في مكافحة الفساد، وهناك تقبل إيجابي لخطابات الرئيس في هذا الإطار، وفق تعبيره.
وذكر انه «تم تسجيل عدة أحداث منها مقاومة الفساد والاحتكار وغيرها من الملفات التي تهم المواطن التونسي، ومواقف الرئيس التي تلت هذه الأحداث كان لها أثر إيجابي في صفوف التونسيين».
وتتناغم مسحة تفاؤل التونسيين، مع توقعات رئيس الحكومة أحمد الحشاني، الذي أعلن في خطاب امام البرلمان بمناسبة مناقشة قانون الميزانية أن تبلغ نسبة النمو الاقتصادي خلال العام الحالي نحو 1.2 بالمئة، و3 بالمئة خلال العام 2024، مبينا ان تحقيق هذه النسبة ممكن في ظل اطلاق الاصلاحات في كل القطاعات.
ويرى الخبير الاقتصادي والمالي معز حديدان ان التونسي دائما لديه اعتقاد راسخ بأن وضعية البلاد سيئة لان هناك فسادا متواصلا ومستشريا في البلاد منذ عقود. وبين حديدان في تصريح لـ«الصحافة اليوم» ان التونسيين الذين عبر اكثر من 60 بالمائة منهم عن تفاؤلهم بتحسن الوضع الاقتصادي، يمكن ان يكونوا على حق ويمكن ان يكونوا مخطئين لانه يبقى تقييما ذاتيا وليس موضوعيا. اذ ان المواطن التونسي يعاين ان رئيس الدولة بصدد مقاومة الفساد والاحتكار والممارسات اللاقانونية وهذا التمشي يساندونه دون شروط.
واعتبر معز حديدان ان هناك عديد المظاهر للفساد منذ سنوات طويلة واهمها البيروقراطية التي تعد أبرز مظاهر الفساد وكذلك احتكار الدولة للخدمات العمومية.
ومن الناحية الموضوعية، دعا الخبير المالي الى ان تكون هناك إرادة سياسية للنهوض بالاقتصاد توازيها إجراءات عملية وناجعة، مثل اصلاح المؤسسات العمومية التي تعد خطا أحمر بالنسبة للدولة، ولكنها تحتاج الى اصلاح يمكن ان يتمحور حول المحافظة عليها مع إيجاد تمويلات واعتماد الشراكة بين القطاعين العام والخاص لإعادة هيكلتها وتحسين مردوديتها.
ومن بين إجراءات مقاومة البيروقراطية التي تكبّل الاقتصاد التونسي، يعتقد محدثنا ان اصدار قوانين جديدة للوظيفة العمومية واعتماد إجراءات عصرية هو السبيل للحد من هذه الاشكالية… بالإضافة الى ضخ أموال في المؤسسات العمومية السيادية التي تتأتى من بيع بعض المؤسسات الأخرى غير الاستراتيجية وأيضا الذهاب في الرقمنة للحد من البيروقراطية، و اعتماد المرونة في بعض المشاريع، بهدف التقليص من التراخيص والإجراءات والآجال، والتوجه نحو تعميم الرقمنة.
وشدد حديدان على ضرورة وجود وعي بأولوية الملف الاقتصادي والخروج من الأزمة وتحسين أوضاع البلاد مع إقرار كل الإجراءات الملائمة لتحقيق الازدهار.
صك على بياض
وأبرزمن جهته المختص في علم الاجتماع عبد الستار السحباني ان التونسي بتعبيره عن التفاؤل بتحسن الوضع الاقتصادي يعكس أمنيات يرغب ان تتحقق قريبا، وذلك رغم تدهور القدرة الشرائية والصفوف اليومية للمواطنين للبحث عن المواد الأساسية وعديد الصعوبات الحياتية.
وأفاد عبد الستار السحباني في حديثه لـ«الصحافة اليوم» ان التونسيين منحوا بطاقة هي عبارة على «صك على بياض» لرئيس الدولة، في المواصلة في سياسته المتعلقة بمقاومة الفساد والاحتكار ودعم المؤسسات العمومية. ولفت الى ان المواطنين اليوم لا يحمّلون السلطة مسؤولية الازمة الاقتصادية والاجتماعية وانما لكل اللوبيات وشبكات التوزيع والقطاع الموازي.
ويعتبر المختص في علم الاجتماع ان تحول رئيس الدولة الى المنشآت العمومية وتقديمه لخطاب يبعث نوعا من الطمأنينة في سعي مؤسسات الدولة الى اصلاح الأوضاع وتغييرها يهدف الى اقناع التونسيين بان السلطة تستجيب الى تطلعاتهم.
ولفت محدثنا الى انه خلال العشرية الفارطة كانت فترة نهاية السنة تاريخا للحديث عن ميزانية الدولة وكل التخوفات والصعوبات التي تواجهها البلاد في السنة المقبلة، في حين انه خلال الفترة الأخيرة تغير الخطاب من خطاب مفزع ومخيف ومدمر الى خطاب مطمئن يحمل الكثير من الوهم.
ولاحظ السحباني ان السلطة اليوم لديها القدرة على تجديد خطابها من فترة الى أخرى وإعادة منحه أبعادا أخرى، مبينا ان المفارقة الكبيرة تتمثل في انه عندما سيتعافى الاقتصاد التونسي عندها سيصبح المستهلك التونسي اكثر نقدا للوضع الاقتصادي ..مشيرا الى انه في الوقت الحاضر ليس لدينا بدائل أخرى..
وعبر المختص في علم الاجتماع عن تفاؤله بتحسّن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية مستقبلا نظرا الى ان التونسي وفي أحلك الفترات لم ينقطع عن الاحتفال بالأعياد والمناسبات الاجتماعية المختلفة.
مهمة هيئة الانتخابات: تقديرات نفقات انتخابية محتملة سنة 2025 تتجاوز 74 مليون دينار : نواب يطالبون بتطوير أداء الهيئة لتحسين نسب المشاركة الانتخابية
ناقش أعضاء الغرفتين النيابيتين بقصر باردو أمس مشروع ميزانية الهيئة العليا المستقلة للانتخا…