اختتمت أمس الأربعاء أعمال اللجنة المشتركة التونسية السعودية بتونس في دورتها الحادية عشرة بعقد المنتدى التونسي السعودي للاستثمار والشراكة بمشاركة أكثر من 100 رجل أعمال سعودي ومسؤولين حكوميين من الجانبين  والذي يتضمن توقيع 7 مذكرات تفاهم بين البلدين في مختلف المجالات والقطاعات.

ويأتي انعقاد اجتماع اللجنة المشتركة التونسية السعودية بتونس بعد انقطاع اجتماعات اللجنة منذ سنة 2019 بسبب جائحة كوفيد ـ19 وناقش المشاركون طيلة يومي 26 و27 ديسمبر الجاري بتونس العاصمة خلال اجتماعاتهم ضمن أربع لجان مشتركة في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية سبل تعزيز العلاقات في شتى هذه المجالات.

ونعتقد أن لهذا الاجتماع المشترك التونسي السعودي الأهمية البالغة خاصة في هذا التوقيت وهذه المرحلة التي تمر بها تونس في اتجاه تنويع الآليات والحلول للنهوض بالاقتصاد الوطني ودفع الاستثمار والتنمية وهو ما تترجمه المشاركة الواسعة والمكثفة من ممثلي البلدين والجدية في التباحث حول سبل تعزيز التعاون المشترك في مختلف القطاعات مثلما يترجمه أيضا التوجه في اختتام أشغال منتدى الاستثمار المشترك المنعقد بتونس لوضع آليات عملية ودقيقة لمتابعة تنفيذ الاتفاقيات وإيجاد الحلول الآنية لمختلف العراقيل أو المعوقات التي يمكن أن تطرأ في مستوى تنفيذ مجمل الاتفاقيات الموّقعة  بين البلدين.

وشارك في اجتماعات اللجنة المشتركة التونسية السعودية المنعقدة على مدى يومين بتونس العاصمة أكثر من 300 رجل أعمال سعودي من القطاع الخاص ممثلين لقطاعات ومجالات مختلفة في منتدى الاستثمار المشترك بهدف عقد شراكات جديدة ودفع الاستثمار بالتوازي مع مشاركة رسمية من ممثلي الوزارات وصناديق الاستثمار والبنوك والهيئات الرسمية السعودية ومشاركة تونسية واسعة أيضا تتكون من عدد من الوزارات في القطاعات المختلفة والهياكل العمومية والخاصة وهيئات ووكالات وشركات استثمار.

كما أن تأكيد وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي بندر الخريف خلال الافتتاح الرسمي أول أمس الثلاثاء على تطلع بلاده لأن تكون شريكا فاعلا في الحراك الاقتصادي في تونس بدفع الاستثمار بما من شأنه أن يحقق نموا في التبادل التجاري بين البلدين يعتبر من المؤشرات الدالة على عمق الشراكة والصداقة التاريخية بين تونس والمملكة العربية السعودية والحرص المشترك على تحقيق توجّهات وتطلعات سواء القيادة الرسمية للبلدين أو التطلعات الشعبية التي تهدف إلى تعزيز التعاون في كافة المجالات.

إن تتالي عقد بلادنا لعدد من اللجان المشتركة ولقاءات الأعمال بين مختلف الدول الشقيقة وشركاء تونس على غرار عقد الدورة 22 للجنة المشتركة التونسية الجزائرية 2ـ4 أكتوبر الفارط بالجزائر وما سبقها من اجتماعات تنسيقية على مستوى بلادنا أو انعقاد اللجنة المشتركة التونسية الروسية في أكتوبر الفارط بروسيا بعد انقطاع دام 12 سنة وانعقاد اللجنة المشتركة العسكرية التونسية الأمريكية مؤخرا بتونس وتفعيل اللجان المشتركة التونسية المصرية وأيضا التونسية الليبية وغيرها من اللقاءات البينية بين تونس وشركائها من مختلف القارات يؤكد توجّه بلادنا الى البحث عن أسواق جديدة وخلق فرص جديدة للشراكات المثمرة ولدفع التنمية والاستثمار في جميع المجالات والقطاعات بما يحقق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي.

هذه الحركية الاقتصادية سواء في بلادنا أو في الخارج من خلال اللقاءات البينية أو مشاركة تونس في لقاءات كبرى للأعمال والاقتصاد تنمّ عن مؤشرات دالة على أن بلادنا تخطو خطوة إلى الأمام في اتجاه التأسيس لشراكات ناجعة وفاعلة تقوم على الربح المشترك والاحترام المتبادل من شأنها أن تنهض بالاقتصاد وتدعم فرص الاستثمار وتكرّس مبدأ التعويل على الذات والتقليص من الالتجاء إلى الديون الخارجية سواء تلك المتأتية من الدول المانحة أو البنوك أو الصناديق الدولية.    

ونرى أن توجّه بلادنا للتعويل على الذات ساهم في بداية بناء قاعدة اقتصادية متنوعة وتفعيل شراكات اقتصادية كانت معطّلة من خلال عدم وضوح الرؤية الاقتصادية والتنموية والسياسية والانفتاح أكثر على الأسواق الخارجية وخاصة السوق الإفريقية والخليجية والعربية ومختلف الأسواق الواعدة في القارتين الآسيوية والأمريكية وهو ما يساهم في تجسيد هذا التوجّه وهذا الانفتاح بإبرام عدد من اتفاقيات الشراكة في مختلف القطاعات والمجالات ويساهم في ضمان صلابة الاقتصاد الوطني وقدرته التنافسية والتصديرية.

وتتعزز هذه الخطوة نحو تحقيق اقتصاد صلب ومؤسسات قادرة على المنافسة الخارجية من خلال العمل في المستقبل على تطوير هذه الشراكات الاقتصادية سواء مع الدول الشقيقة والصديقة أو الشركاء التقليديين أو مع دول الخليج أو دول القارة الآسيوية وخاصة روسيا والصين والدفع نحو استدامتها وإثرائها وتفعيل دور الدبلوماسية الاقتصادية التونسية وتوفير كافة الإمكانيات لتجسيم هذه الأهداف.

ولعّل تأكيد رئيس الجمهورية قيس سعيد ظهر أول أمس الثلاثاء خلال استقباله بقصر قرطاج بندر الخريف وزير الصناعة والثروة المعدنية بالمملكة العربية السعودية الشقيقة والوفد المرافق له على العزم الثابت على مواصلة العمل سويا مع خادم الحرمين الشريفين ووليّ العهد رئيس مجلس الوزراء من أجل تعزيز هذه الروابط المتينة وتنويعها في شتى المجالات لما فيه خير الشعبين التونسي والسعودي ومصلحتهما المشتركة حجة دالة على ثبات الموقف الرسمي التونسي في اتجاه مزيد تمتين وتأصيل العلاقات التونسية السعودية المتجذّرة في التاريخ والعمل على توطيدها وتطويرها وتوفير كل عوامل النجاح لهذا التعاون.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

عن المضاربة والاحتكار مرة أخرى..!

مثّلت مختلف مجهودات أسلاك الأمن الوطني والنتائج الايجابية التي أسفرت عنها مؤخرا في التصدي …