المجالس المحلية حسب التجارب المقارنة : «بناء جديد»..بوظائف استشارية وقراراته غير ملزمة..
الصحافة اليوم: شارك أكثر من 11 بالمائة من التونسيين في انتخابات أعضاء المجالس المحلية يوم 24 ديسمبر الجاري، ولعل من بين ابرز اسباب تسجيل هذه النسبة الضعيفة في التصويت، الضبابية والغموض حول دور هذه المجالس وصلاحياتها وأهدافها ووظائفها، وهي التجربة الاولى من نوعها التي تخوضها تونس. فأثارت هذه النقطة جدلا منذ انطلاق مسار الانتخابات المحلية.
وحسب القانون المنظم لانتخابات المجالس المحلية فهي تضطلع بدور تنموي، اذ أوضح عضو الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بلقاسم العياشي، في تصريح صحفي أنّ المجالس المحلّية يقتصر دورها على لعب دور تشريعي في المجال التنموي دون سواه من المجالات، نافيا أن تكون المجالس المحلية المنتخبة بديلا عن المعتمدين.
وبيّن المُتحدّث أن المعتمدين سيحتفظون بوظيفتهم كمسؤولين في جهاز الدولة يخضعون لإشراف وزارة الداخلية، في حين يُسند الدور التشريعي في المجال التنموي للمجالس المحلية، أمّا دور الإدارة فيكون إسناد التسهيلات وتوفير المقرات للمجالس المحلية حتى تقوم بدورها في رعاية شؤون التنمية على نطاق محليّ.
وتختلف تجارب المجالس المحلية في العالم وتتنوع طرق تنفيذها، فهناك بعض البلدان التي تفوض للمجالس المحلية جزءا من الحكم في اطار سياسة القرب، وهناك بعض البلدان الاخرى التي خصصت لها صلاحيات استشارية فقط.
وتعد التجربة السويسرية هي الاقدم في هذا المجال حيث تمارس المجالس المحلية نوعا من الحكم المحلي.
وفي العالم العربي بدأت العراق في تجربة المجالس المحلية منذ سنة 2005 وحققت نجاحا لافتا، وكذلك الاردن والمغرب والجزائر.
وفي تونس انطلقت التجربة منذ سنة 1994 من خلال تعيين المجالس المحلية، التي كان لها دور استشاري فقط.الا ان التجربة الجديدة التي بصدد التنفيذ الان تهدف الى تكوين المجلس الوطني للجهات والاقاليم. اذ صرّح عضو الهيئة بلقاسم العياشي، بأنّ الدور الأوّل من انتخابات المجالس المحلية يتسم بميزات أهمها إعادة تركيز المجالس المحلية عبر الانتخاب على الأفراد، بعدما كانت هذه المجالس تتركز بالتعيين طيلة عقود من الزمن في تونس، مشيرا إلى أنّ تنظيم هذه الانتخابات كان مسبوقا بإعداد تقسيم ترابي للعمادات، والذي صدر بالرائد الرسمي قبل اجراء الانتخابات.
ولكن الى اليوم لم يتم تحديد صلاحيات المجالس المحلية بنص قانوني، لكن بالرجوع للدستور ومجلة الجماعات المحلية يمكن الفهم أن أهم دور موكول للمجالس المحلية هو إيصال مشاغل المواطنين في ما يتعلق بالمشاريع الاستثمارية التي ستحقق الاضافة وستنهض بالمنطقة التي يمثلونها.
مهمة مجلس الجهات والأقاليم
وتنطلق عملية تركيز المجلس الوطني للجهات والاقاليم بانتخابات المجالس المحلية حيث تتولى كل عمادة انتخاب شخص، ليتم بعد ذلك تشكيل المجلس المحلي ثم تتم إضافة شخص من المعاقين ثم يتم اختيار ممثل عنهم بالقرعة ليصعد إلى المجلس الجهوي على مستوى الولاية.
ويكمن الفرق بين مسار اللامركزية المتعلق بمجلس الجهات والاقاليم وبين مسار المحورية الذي يضم الوالي والمعتمد، في ان هذه الاخيرة جماعات تمثل الدولة في الجهات. ولكن ولحد الآن لا يوجد نظام داخلي للمجلس المحلي فلا نعرف ما هو دوره وكيف سيجتمع وكيف سيشتغل وهي قضايا لم يقع توضيحها قبل الانتخابات حتى يعرف المترشح ماهي مهامه وصلاحياته، كما يدعو خبراء القانون الى أن تكون هناك أنظمة أساسية للمجالس الجهوية ايضا.
ومن المنتظر ان يصعد عضو المجلس الجهوي بالقرعة من بين المنتخبين على المستوى المحلي ليشغل منصبه لمدة ثلاثة أشهر فقط ثم يقع تغييره وفق ما ورد في المرسوم الرئاسي.
مجالس للاقتراح
ويبيّن الباحث في القانون العام يوسف عبيد أنّ الوظيفة الأساسية التي من أجلها يتم بعث مجالس محلية في العالم هي ضمان خدمة أفضل للصالح العام على المستوى المحلي، وليس التمهيد لبعث غرفة ثانية كما هو الحال في تونس.
ويرى يوسف عبيد في تصريحه لـ«الصحافة اليوم» أنّه كان من المفروض أن يتم تحديد أسباب بعث هذا البناء الجديد، قبل المرور إلى الانتخابات، مرجّحا أنّ الأشهر القادمة ستشهد شبه عزوف على عمل المجالس المحلية.
وفسّر أنّ المجالس المحلية تُعرّف في جميع دول العالم بأنّها مجالس مستقلة وتقوم على مبدإ الانتخاب ووظيفتها غير تصعيدية بل تهتم بالشأن المحلي، على عكس المجالس المحلية التي سيتم بعثها في تونس والتي ستكتفي بالاقتراح.
وشدد محدثنا على ضرورة إصدار نص لتحديد الصلاحيات وتوزيع المهام داخل المجالس المحلية لضمان النجاعة، مشيرا إلى أن هناك فراغا تشريعيا.. فالاختصاصات لا تُستنتج وانما يتم تحديدها بالقانون.
وقال: «هذه المجالس لن تملك مقومات مجلة الجماعات المحلية وهي لن تملك ميزانية أو إدارة تنفيذية أو موارد مالية وبشرية وسيتوقف عملها على اقتراح مشاريع تنموية… هي قوة اقتراح فقط في حين أنّ الاسباب التي من أجلها بعثت هي تسهيل حياة المواطن على المستوى المحلي».
مهمة هيئة الانتخابات: تقديرات نفقات انتخابية محتملة سنة 2025 تتجاوز 74 مليون دينار : نواب يطالبون بتطوير أداء الهيئة لتحسين نسب المشاركة الانتخابية
ناقش أعضاء الغرفتين النيابيتين بقصر باردو أمس مشروع ميزانية الهيئة العليا المستقلة للانتخا…