دعا السيد نور الدين الطبوبي الأمين العام لاتحاد الشغل مرة أخرى إلى مصالحة وطنية ، وذلك لدى افتتاحه مؤتمر الأمانة العامة للتخطيط والمالية مؤخرا ، قائلا إنه آن أوانها مؤكدا على ضرورة أن تكون حقيقية تتأسس على قاعدة إصلاح العقليات حسب تعبيره وعلى خيارات وطنية حقيقية قوامها الإيمان باستقلالية القرار الوطني والسيادة الوطنية.
بالإضافة إلى بناء مناخات ثقة مع محاسبة كل من أجرم وأفسد في حق الشعب التونسي واغتال شهداء الوطن بالعدل والإنصاف بعيدا عن ثقافة التشفي والانتقام.
وكانت هذه مناسبة ليؤكد أمين عام المنظمة الشغيلة أنه لا خلاف شخصي بينه وبين السلطة الحالية وإنما هناك تباين في وجهات النظر بشأن بعض الملفات وكيفية تجاوز الهنات والمعوقات حسب تعبيره وذكّر بأن إتحاد الشغل كان مع لحظة 25 وانحاز لها منذ البداية بوضوح ودون مواربة.
إذن يعود موضوع المصالحة الوطنية إلى دائرة الضوء من جديد من خلال طرح الأمين العام لاتحاد الشغل لها مع الإشارة إلى أنها طرحت منذ فترة أيضا في إطار مبادرة مشتركة بين الإتحاد وعمادة المحامين والرابطة الوطنية لحقوق الإنسان لكنها لم تتبلور على ما يبدو بالشكل الذي يجعلها تطرح للرأي العام وتكون محل نقاش عام.
والواضح أنها لم تلق الاهتمام ولا الدعم لا من باقي منظمات المجتمع ولا من السلطة ولا من رئيس الجمهورية قيس سعيد وهي التي كانت موجهة إليه بالأساس وقطعا لم تجد هوى في نفوس المحسوبين على النخب السياسية إجمالا وهذا ما جعلها تقريبا تولد ميتة.
والآن يدعو الأمين العام لاتحاد الشغل إلى مصالحة وطنية مؤكدا على ضرورة تقويم كل اعوجاج حصل في المرحلة السابقة مذكرا بتمسك المنظمة الشغيلة بالتنمية وبحق التونسيين في جودة التعليم والصحة والنقل.
لكن هناك أسئلة كثيرة تحوم حول هذا الطرح والعوامل الحافة به بل هناك تساؤل عن ماهية هذه المصالحة من الأساس والتي تبدو هلامية إلى حد كبير وبلا أفق في الظرف الراهن.
والإشكالية الكبرى هنا هي مع من ستكون هذه المصالحة وما هي أضلاعها الرئيسية وما هي مرتكزاتها؟
علينا هنا أن ننطلق من تشخيص دقيق للوضع الذي تتنزل فيه دعوة السيد نور الدين الطبوبي إلى مصالحة وطنية، وأول ملمح يستوقفنا هو الأزمة المركّبة التي تعيشها تونس نتاج تعثر المسار الانتقالي وما شابه من فساد وانحراف بالديمقراطية الناشئة.
والواضح ان الوضع بلغ مبلغا كبيرا من التعفن حتى بات من الصعب تفكيكه بمجرد جلوس الفرقاء السياسيين إلى طاولة لتبادل وجهات النظر لاسيما وان اغلب هؤلاء كان فاعلا بشكل مباشر في المسار الذي قادنا إلى هذه المآلات.
التّسول الالكتروني والانحطاط الأخلاقي في قفص الاتهام : ماذا عن «نظام التفاهة» في الإعلام؟
صمت رهيب في بعض المنصّات ونسبة رضا مجتمعي عالية جدا مع أصوات بعض الأطراف السياسية المعلومة…