الدين الخارجي تراجع إلى أقل من 40 مليار دولار : هل تجاوزت تونس مخاطر إعادة الجدولة ؟
كشف آخر تقرير للبنك الدولي حول الديون الدولية عن تراجع قائم الدين الخارجي لتونس أي خلاص المبلغ المستحق سنة 2022 إلى 39٫652 مليار دولار مقابل 41٫688 مليار دولار في سنة 2021 وذلك لأول مرة منذ سنة 2011 حيث كان يبلغ في 2010 حوالي 22,7 مليار دينار . وتزامن الاتجاه التنازلي لقائم للدين الخارجي للبلاد مع تسجيل تدفقات مالية صافية سلبية، قدرته المنظمة الدولية العام الماضي بنحو -694 مليون دولار و هو ما يؤكد تقلص تعويل الدولة التونسية على التداين فقد ناهزت نسبة الدين الخارجي من الصادرات حوالي 170 % السنة الماضية فيما مثلت خدمة الدين الخارجي حوالي 18 % من الصادرات و9 % من الدخل الوطني المتاح في سنة 2022.
وتعكس هذه المؤشرات الواردة ضمن قسم دراسة تطور مستوى التداين حسب المناطق في العالم ضمن تقرير البنك الدولي بداية تسجيل تونس لخطوات إيجابية على مستوى تقليصها من حجم الدين الخارجي باتجاهه نحو التراجع وفق الأرقام الواردة بالتقرير خلال السنتين الأخيرتين خاصة أن الدولة التونسية تمكنت خلال هذه السنة من الإيفاء بخلاص ديونها الخارجية بشكل لافت مكنها من تجاوز نسبة 80 % إلى حدود شهر أكتوبر المنقضي كما صرحت وزيرة المالية أن تونس قد تمكنت من خلاص 93 % من خدمة دينها الخارجي إلى حدود نوفمبر الماضي و تبدو مجمل هذه المؤشرات مطمئنة اعتبارا أنها شكلت نقطة بداية لتقلص حجم الديون الخارجية التي مثلت عبئا ماليا كبيرا على الدولة طوال السنوات الأخيرة نتيجة الخيارات التي إنتهجتها الحكومات السابقة التي تداولت على الحكم منذ 2011 إذ تضاعفت تقريبا نسبة التداين من الناتج المحلي الإجمالي بسبب اللجوء على نطاق واسع إلى الاقتراض الخارجي لمواجهة التزايد المتواصل للنفقات العامة والتدهور الكبير في ميزان المدفوعات في الوقت الذي كان يفترض أن يقع وضع مخططات تنمية جديدة بعد تغيير نظام الحكم و إرساء نظام جديد على أنقاض نظام إنهار بسبب غياب العدالة الإجتماعية والفساد المالي .
وفي غياب سلطة قرار سياسي مبني على خطة واضحة المعالم و برنامج إنقاذ إقتصادي طول السنوات الماضية كان الإقتراض الخارجي الحل الأسهل بالنسبة للسلطة التي سارعت إليه لمواجهة نفقات الدولة التي سرعان ما تزايدت و تسببت في ارتفاع الدين العمومي ذلك أن حجم الدين العمومي لتونس ارتفع مع موفي ديسمبر 2022 إلى 114,7 مليار دينار ليشكل زهاء 79,4 % من الناتج الداخلي الخام مسجلا زيادة بأكثر من 10 مليار دينار كما شهد الدين الداخلي بدوره ارتفاعا ليشكل 42,1 % من اجمالي الدين مستحوذا على حصة في حدود 48,2 مليار دينار مقارنة بنفس الفترة من سنة 2021 و هو ما شكل ضغطا وعبئا ماليا كبيرا على الدولة في الوقت الذي بقي الوضع الإقتصادي بالبلاد يراوح الأزمة الخانقة بتراجع عائدات قطاعات استراتيجية مثل السياحة خلال أزمة كورونا وحتى قبلها جراء تراجع معدلات الاستثمار الخارجي وحتى الداخلي و تراجع عائدات الفسفاط وغيرها من المؤشرات التي جعلت وكالات التصنيف الإئتماني في العالم تصنف تونس تصنيفات سلبية غير مسبوقة وهو ما مسّ من سمعة تونس المالية وأضعف من حظوظ حصولها مجددا على قروض خارجية و هو ما ترجمه عدم نجاح مجمل مراحل تفاوض الدولة التونسية مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض بقيمة 1,9 مليار دولار مع فرض شروطه المجحفة على بلادنا ولعل في توقف هذه المفاوضات فرصة جديدة بالنسبة لتونس للبحث عن خيارات تمويل جديدة قادرة على تخليصها تدريجيا من تبعية مالية واقتصادية أضعفت وأنهكت الدولة التونسية على مر السنوات الماضية.
وحسب المعطيات الإحصائية فإن انخفاض اللجوء الى سحوبات الاقتراض الخارجي طيلة السنتين الماضيتين والتحسن المسجل في موارد الميزانية مكنا من الحد من تطور قائم الدين الخارجي. كما تمكنت تونس هذه السنة من سداد كامل خدمة ديونها الخارجية (11 مليار دينار) دون أي إعادة جدولة أو تأخير في الخلاص وهو ما يؤكد تعزيز قدرتها على الوفاء بقروضها ويكشف بالتالي صلابتها المالية .
المكلفة بالعلاقات العامة بجمعية «عسلامة» بألمانيا نرجس السويسي لـ «الصحافة اليوم» : منتدى الاستثمار شتوتغارت 2024 فرصة للتحفيز على الاستثمار
في إطار التحفيز والتشجيع الاستثمار الخارجي بتونس خاصة من قبل الجالية التونسية, تحتضن مدينة…