المدرب التونسي يفرض نفسه بقوة في البطولة الوطنية : بين الكفاءة العالية.. والعائق المالي
فرض المدرب التونسي نفسه بقوة في البطولة الوطنية خلال السنوات الاخيرة حيث تخلت الفرق عن الاستنجاد بالأسماء الأجنبية التي كانت «موضة» في العقود الفارطة حيث تنوّعت الاختيارات بين الأسماء المغاربية أو الأوروبية قبل أن تضمحل تدريجيا مقابل هيمنة مطلقة للمدرسة التونسية التي تسيطر حاليا على الساحة بوجود 14 مدربا قبل ثلاث جولات من نهاية المرحلة الأولى، وحافظ المدربون التونسيون على الثقة رغم التغييرات المستمرة في كل جولة تقريبا ولم تنجح القوانين التي أقرتها الجامعة في الحدّ منها ما أثّر على الاستقرار وحال دون تطور المستوى الفني في ظل اللهث وراء النتيجة وعدم وجود مشروع رياضي متكامل يحدث النقلة المطلوبة على المستوى الفني.
وشهدت بداية الموسم حضور مدربين أجنبيين وهما الجزائري نبيل نغيز مع الأولمبي الباجي وراتكو دوستانيتش العائد الى النادي البنزرتي غير أنهما لم يعمّرا طويلا حيث أقيل المدرب الصربي من فريق عاصمة الجلاء بعد ثلاث جولات في حين قرّر حامل لقب الكأس في الموسم الفارط العودة الى المدرسة التونسية من خلال التعاقد مع مراد العقبي الذي سيخوض مباراته الأولى يوم الثلاثاء المقبل ضد اتحاد بن قردان وهو خيار منطقي في ظل عدم تحقيق النتائج المرجوة مع المدرب السابق والنجاحات التي حققها في الموسم الفارط مع أسماء محلية حققت نتائج لافتة وساهمت في العودة الى منصات التتويج بعد غياب طويل.
وعرفت البطولة الوطنية حضور 19 مدربا تونسيا الى حدود الجولة الحادية عشرة من المرحلة الأولى في انتظار الاطلالة الأولى لمراد العقبي وجهاد زروق وتوفيق زعبوب في الجولة القادمة، وتجدر الإشارة الى أن 5 فرق حافظت على مدربيها وهي النادي الافريقي والنجم الساحلي والاتحاد المنستيري والنادي الصفاقسي والملعب التونسي، وحافظ حمادي الدو وسعيد السايبي على منصبيهما منذ الموسم الفارط بينما كان اتحاد بن قردان أكثر الفرق تعويلا على المدربين حيث تداول عليه شهاب الليلي وحكيم عون وأخيرا رمزي جرمود.
خيار منطقي
تعتبر هيمنة المدرسة التونسية على البطولة الوطنية أمرا منطقيا باعتبار أن النجاحات الكبيرة التي حققتها الفرق التونسية في العشرية الأخيرة كانت مع مدربين محليين حيث تربّع الترجي الرياضي على عرش القارة بقيادة نبيل معلول ومعين الشعباني وكان آخر لقب قاري للنجم الساحلي بإشراف فوزي البنزرتي لتدعم النجاحات زملاءهم الذين نالوا الفرصة اللازمة لإبراز قدراتهم وفرض فلسفتهم التدريبية مثلما هو حال لسعد الشابي الذي كان «عراب» النقلة النوعية للاتحاد المنستيري الذي أحرز أول لقب في تاريخه بقيادة مدرب تونسي استفاد بدوره من التجربة ليواصل حصد الألقاب مع الرجاء البيضاوي، وسار عديد المدربين في المنوال نفسه وآخرهم شكري الخطوي الذي يعتبر منتوجا محليا بامتياز حيث صعد السلم تدريجيا ليصنع التاريخ حاليا مع أبو سليم الليبي.
ولعل السمعة الطيبة للمدربين التونسيين خارج تونس حيث يتواجدون في أغلب البطولات العربية وأقوى الفرق تجعل حضورهم ضروريا في الساحة المحلية، فالقيمة المضافة للمدرب المحلي وتكوينه العلمي المستشهد به خارجيا ومحليا يؤهله للنجاح أينما حلّ وفرضه في بطولته بقوة ليكون الاستنجاد بالأسماء الأجنبية غير مجد طالما أن التجارب الأخيرة أكدت فشل هذا الخيار من الناحية الرياضية طالما أن العقليات مختلفة تماما كما أن الواقع ليس نفسه كما كان في الثمانينات أو التسعينات عندما عوّلت الفرق التونسية على مدربين من شرق القارة الأوروبية وحققت نتائج لافتة.
تكاليف باهظة ومعاناة مع «الفيفا»
قد يقف الجانب المالي حائلا أمام الفرق التونسية للتعاقد مع مدربين أجانب طالما أن قلة ذات اليد تجعلها تختار التعويل على الأسماء المحلية التي لا تثقل كاهلها كثيرا، واختارت عديد الاندية منح الثقة لأسماء مغمورة تبحث عن فرصة لتثبيت قدميها مع الكبار لكن النتائج كانت متميزة للبعض كطارق جراية وجمال خشارم ومحمد التلمساني وعكسية للبعض الآخر على غرار وجدي بوعزي، وساعد عدم تطبيق القوانين الفرق على عدم الايفاء بالتزاماتها مع المدربين التونسيين الذين يقبلون العمل في ظروف صعبة ودون ضمانات مالية بحثا عن التوهج عكس المدرب الأجنبي الذي يلتجأ للاتحاد الدولي من أجل الحصول على حقوقه ولعل ما عاشه النادي الافريقي والنادي الصفاقسي بسبب مدربين أجانب يجعل الاستنجاد بهم مغامرة غير محسوبة العواقب في غياب الموارد المالية اللازمة لتغطية النفقات الباهظة وكذلك التكاليف المرتفعة عند حصول القطيعة.
وزاد استقطاب السوق الخليجية للأسماء الأجنبية البارزة في صعوبة قدومها للعمل في بطولات شمال افريقيا صعبا نظرا لطلباتها المالية الكبيرة والتي لا تقدر عليها الفرق التونسية ومنها الترجي الذي تعتبر وضعيته الأفضل من الناحية المادية ليختار بدوره التعويل على أبنائه في السنوات الأخيرة بدل البحث عن أسماء مغمورة قد لا يعطي وجودها النتائج المرجوة نظرا لعدم درايتها بخصوصيات البطولة الوطنية التي تعاني جراء غياب الموارد المالية وكذلك اهتراء البنية التحتية لتكون ظروف العمل قاسية في أغلب فرق الصف الثاني.
ويعكس توجه الفرق الكبرى نحو المدربين المحليين في السنوات الأخيرة حرص المسؤولين في المقام الاول على المحافظة على التوازنات المالية وتفادي سيناريو التجارب السابقة التي جعلتها تعاني من تراكمات كادت تهدّد وجودها لتستنجد بمدربين مقربين من فرقهم ويعرفون عنها كل كبيرة وصغيرة مثلما هو الحال لنبيل الكوكي وسعيد السايبي وعماد بن يونس وطارق ثابت رغم أن الرضاء ليس كاملا عن عمل أغلبهم ليبدو وجودهم وكأنه خيار الضرورة في ظل العجز عن تغييرهم بمعوضين من الطراز الرفيع يكونون قادرين على إضفاء طابع خاص حيث حالت المطالب المالية دون قدوم أسماء بارزة على غرار الفرنسي باتريس كارتيرون الذي كان في عديد المناسبات مطلبا ملحا في الترجي.
اليوم افتتاح «مونديال» الشبان بالسويد : هل ينجح الثلاثي التونسي في الذهاب بعيدا؟
تفتتح اليوم بالسويد منافسات بطولة العالم للشبان والتي ستتواصل الى غاية 29 نوفمبر الجاري بم…