الدينار التونسي فقد 52 % من قيمته منذ 2011 : تعافي العملة الوطنية يحتاج إصلاح نظام الصرف وتعديل السياسة النقدية
رغم التحسن النسبي الذي سجلته قيمة الدينار التونسي مقابل الدولار الأمريكي مؤخرا بنسبة 2 في المائة ،إلا أن هذا التحسن لا يمكن تصنيفه بالأمر الإيجابي الذي من شأنه أن يؤشر لبوادر تعافي العملة الوطنية التي شهدت تراجع غير مسبوق منذ 2011 بما أفقدها نحو نصف قيمتها و هو ما أكدته محللة السياسات العمومية بالمرصد التونسي للإقتصاد أماني بن سكيك في تصريحات إعلامية. بن سكيك أكدت أن الدينار التونسي فقد نحو 52 % من قيمته منذ 2011 و إلى حدود 2022 و يعود ذلك حسب تصريحها إلى الشروط التي فرضها صندوق النقد الدولي على تونس خلال الـ 10 سنوات الأخيرة ، و قد كان ذلك نتيجة السياسات التي انتهجتها الحكومة أو الحكومات المتعاقبة في تلك الفترة استجابة لتوجيهات وتوصيات صندوق النقد الدولي الذي ابرم مع تونس 3 اتفاقيات منذ سنة 2011،و ما تمخض عنها من فرض الصندوق على تونس شروطا في ما يخصّ برنامج إصلاح المؤسسات العمومية والحماية الاجتماعية ومنظومة الدعم وأيضا السياسات النقدية و التي ساهمت في تراجع كبير للعملة المحلية في مواجهة العملات الأجنبية .
وفي الواقع لم يساهم عامل إملاءات صندوق النقد الدولي فقط في تهاوي الدينار التونسي مقابل العملة الأجنبية و أساسا الدولار الأميريكي و العملة الأوروبية الأورو باعتبار إرتباط المعاملات النقدية للدولة التونسية بالعملتين ،بل ساهمت عوامل أخرى لا تقل خطورة في واقع العملة الوطنية التي بلغت أدنى مستواياتها إذ يرجع عدد من خبراء الاقتصاد الهبوط الحاد للدينار التونسي مقابل العملات الأجنبية الرئيسية إلى تدهور الوضع المالي والاقتصادي على جميع المستويات و الذي شمل عدة قطاعات حيوية بسبب إستمرار الأزمة الإقتصادية التي ضربت الإقتصاد الوطني بشكل غير مسبوق و تسببت في تراجع نسبة النمو الإقتصادي بشكل كبير و هو ما خفض في الترقيم السيادي لتونس .
كما يرجع خبراء الإقتصاد تراجع قيمة الدينار إلى غياب السياسة النقدية الواضحة وضعف احتياطي البنك المركزي من العملة الصعبة و الذي سجل بدوره أدنى مستويات أيام التوريد بسبب الأزمة الإقتصادية والمالية التي تتخبط فيها الدولة التونسية إلى جانب أسباب أخرى تتعلق بتفاقم عجز الميزان التجاري و تراجع الإنتاجية و تقلص نسبة الإستثمار سواء الخارجي و حتى الداخلي و الحال أن الإستثمار يعد أهم مصدر لخلق الثروة و إحداث حركية إقتصادية تساهم في توفير مواطن شغل و تحقق عائدات مالية هامة و تحسن في المؤشرات الإقتصادية .
وعلى ضوء ما تشهده قيمة العملة الوطنية اليوم من تدن أمام العملات الأجنبية ،بات من الضروري أن تسارع الدولة إلى إيجاد الحلول الكفيلة بتحسن قيمة الدينار و هذا لا يمكن أن يتم فقط عبر الخطاب السياسي الذي بات صريحا في تعبيره عن رفض سياسات المؤسسات المالية الدولية رغم أهمية هذا الخطاب بل يستوجب أيضا المرور نحو الإصلاحات الجوهرية و على رأسها تغيير السياسة الجبائية والحماية الاجتماعية وكذلك احداث تغييرات على مستوى الانتقال الطاقي و التشجيع على الإستثمار الأجنبي المباشر إلى جانب ضرورة إرساء نظام تنموي عادل يقوم على احترام الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للافراد و القيام بالإصلاحات اللازمة لنظام الصرف.
المكلفة بالعلاقات العامة بجمعية «عسلامة» بألمانيا نرجس السويسي لـ «الصحافة اليوم» : منتدى الاستثمار شتوتغارت 2024 فرصة للتحفيز على الاستثمار
في إطار التحفيز والتشجيع الاستثمار الخارجي بتونس خاصة من قبل الجالية التونسية, تحتضن مدينة…