اليوم وبالتوازي مع الذكرى 75 للاعلان العالمي لحقوق الانسان يتوسع خطاب الابادة والتهجير للشعب الفلسطيني في قطاع غزة… خطاب لا يخفي نزوعه المخادع لعقيدة الابادة تحت شعار صهيوني اجرامي كان رفعه الحاخام الصهيوني امانيس فريدمانب منذ سنوات وتناقلته ـ في حينها ـ وسائل الاعلام الامريكية حيث يلفّ هذا الصهيوني اخطاب الابادةب بغلاف عقائدي يضفي عليه شرعية دينية…
يقول :ااقتلوهم بلا شفقة سواء كانوا نساء أو رضعا ودمروا أماكنهم المقدسة واقتلوا رجالهم ونساءهم وأطفالهم وحتى مواشيهم… فذاك هو السبيل الوحيد للتخلص من اصرار الفلسطينيين وتشبثهم بأرضهم وتلك هي قيم التوراة التي ستجعل من اسرائيل نورا يشع بين الامم…ب
هذه ـ أيضا ـ عقيدة جيش الاحتلال يدُ اليمين المتطرف التي تنفّذُ بكلّ قوة وشراسة ما تعتبره اقيما توراتيةب في تشبيك خطير ومخادع يستخدم االتوراةب وأسفاره لتبرير جريمة الابادة لشعب بأكمله… بحيث يتحول النصّ التوراتي الى مرجع لتبرير كل الجرائم في هذه الحرب القذرة التي تخوضها االحركة الصهيونيةب ضدّ الوجود الفلسطيني على أرضهم التاريخية والتي تعتبرها دولة الاحتلال أرض الميعاد كما في االوعد التوراتي المقدسب الذي امتدّت أسفاره الى الجيش الصهيوني وتحوّلت افكرة الابادةب لديه الى عقيدة تدرّس في معاهد التكوين العسكري بدولة الاحتلال وتنفذّ بشراسة وبدم بارد على أرض الواقع الفلسطيني وهو ما نشاهده بحرقة منذ أكثر من ستين يوما حيث يخوض الجيش الصهيوني احرب الابادةب الجماعية باسم االحق المقدسب الذي يعتبر تدمير وابادة الفلسطينيين إرادة سماوية يجب ان تقع…
لقد جرّبت العصابة الصهيونية منذ الاعلان عن نفسها ومنذ النكبة الأولى سنة 1948 الى آخر النكبات كل أساليب واشكال ااخفاءب الشعب الفلسطيني لطمس وجوده… من التهجير السلمي الى التهجير القسري الى الابادة والتنكيل والتشريد والتدمير الاّ أن الأرض لم تترك سكّانها الاصليين ويُقال ان الأرض تحارب مع أصحابها فلا تتركهم لهزيمة ـ أبدا ـ وبالفعل تتعاقب الاجيال ويكبر الاطفال خلسة لكأنهم لا يموتون… فلا الارض اختفت ولا أهلها رحلوا ولا أحد مات… والشهداء يعودون تباعا كحرّاس اشدّاء على أرضهم المنهوبة…
كم مذبحة وكم مجزرة ارتكبتها العصابة الصهيونية في حق الفلسطينيين منذ مذبحة دير ياسين سنة 1948 تاريخ النكبة التي انتهت بافتكاك الأرض وباستشهاد أكثر من 13 ألف من المدنيين أغلبهم من النساء والاطفال والشيوخ… ثم وبعد مرور قرابة الـ75 عاما على تاريخ النكبة وبالتوازي مع ذكرى الاعلان العالمي لحقوق الانسان وهو بعمر النكبة (الذكرى 75) تتكرّر نفس الجريمة بنفس الشعارات التي نجدها مكثفة وواضحة في مقولة البـن غوريونب الصهيوني المؤسس والتي تشبه خارطة طريق لافراغ الارض من سكانها الاصليين حيث يقول :اإنني أدعم الترحيل بالاكراه وما لم يكن ذلك ممكنا فإني لا أرى غير الابادة فيهرب من يهرب ويموت من يموت ولا شيء غير أخلاقي في مثل هذه الحال…ب هذه المقولة يشاهدها العالم ـ اليوم ـ بكل منتظماته الاممية وبكل مجالسه ونواديه الحقوقية وهي تتجسّم بالدم البارد على المباشر وتجد من يساندها سياسيا وعسكريا وإعلاميا ولم تتردد الدول الاستعمارية الكبرى أمريكا وبريطانيا وفرنسا في شرعنة هذه الحرب القذرة على المدنيين وفي تبرير القتل والتأشير عليه… وقد سقط بعد شهرين ونيف أكثر من 17 ألف شهيد أغلبهم من الاطفال والنساء…
فأي معنى لاحتفال العالم اليوم بالذكرى 75 للاعلان العالمي لحقوق الانسان…؟ أي معنى لهذا الوجود الفولكلوري لمجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة وهو غير مؤهل ـ أصلا ـ لتمرير قرار يدين انتهاكات الكيان الصهيوني ويجرّمه؟ أي معنى لهذا المجلس وهو مرتهن في كل قراراته الى مجلس الامن المرتهن بدوره الى مزاجات الدول العظمى ومصالحها وبين يديها سلاح االفيتو الفتاكب والذي ترفعه أمريكا وتابعها الفرنسي في وجه أي قرار يدين الكيان المدلّل…؟ ألم يسحب الرئيس الاسبق اترامبب عضوية الولايات المتحدة من مجلس حقوق الانسان وأوقف كل التمويلات المرصودة له واتهّمه بالنفاق وبأنه بؤرة تحيز سياسي بعدما أصدر قرار ادانة لدولة الاحتلال؟ ألم ترفع أمريكا بالأمس الفيتو في وجه قرار أممي لوقف فوري لإطلاق النار..؟
كم من قرار صدر عن مجلس الامن الدولي والجمعية العامة منذ سنة 1948 تاريخ النكبة؟… وكم من قرار من بين مئات القرارات تم تنفيذها أو إلزام الكيان باحترامها…؟
ما بين القرار الأول رقم 56 لعام 1948 المتعلق باخلاء القدس من السلاح لحمايتها من الدمار وصولا الى القرار رقم 2712 لعام 2023 الصادر بعد اطوفان الاقصىب والذي يدعو الى الالتزام بالقانون الدولي في ما يخص حماية المدنيين والاطفال… ما بين القرار الأول سنة 1948 والقرار الأخير الصادر سنة 2023 لم تلتزم دولة الاحتلال بأي منها بل هي لم تنصت أصلا لمجلس الأمن والذي سقطت فيه كل قرارات الادانة بقوّة السلاح… اسلاح الفيتوب وهو بين يد أمريكا وفرنسا وبريطانيا رعاة الحرب القذرة على غزة…
لقد صدر الاعلان العالمي لحقوق الانسان سنة 194٨ وهو بذلك في عمر النكبة الأولى كما أشرنا وجاء كردّة فعل على فظاعات الحرب العالمية الثانية من أجل ضمان عدم تكرارها وقد سقط خلالها قرابة الـ70 مليون شخص في حروب خاضتها جيوش نظامية في الواقع وهي تختلف ـ تماما ـ عن الحرب التي يخوضها الجيش الصهيوني في غزة باعتبارها حربا إبادة عشوائية على مدنيين عزل لذلك توصف بالحرب القذرة ولذلك يجيء الاحتفال بالذكرى 75 للاعلان العالمي لحقوق الانسان بلا معنى بل تؤكد الذكرى بأنه لم تعد ثمّة أي جدوى لا من الاعلان ولا من مؤسساته بداية من مجلس حقوق الانسان وصولا الى مجلس الامن الدولي باعتبارها مجالس سياسية ـ بالاساس ـ لا حول لها ولا قوّة أمام سطوة وثقل الدول الكبرى التي تدير العالم بما في ذلك المنتظمات الاممية بقوّة المال والسلاح…
ويبقى الاعلان العالمي لحقوق الانسان مجرد وثيقة تاريخية يمكن التندّر بما ورد فيها من مواد وقد تحوّلت الى فولكلور حقيقي نستحضره احيانا ـ فقط ـ للذكرى وللتندّر.
«مجلس أعلى للثقافة».. من أجل إعادة البناء..!
من أكثر القطاعات التي تحتاج الى «حرب تحرير وتطهير» كبرى، قطاع الثقافة و«ثكنته البيروقراطي…