في الذكرى 75 للإعلان العالمي لحقوق الإنسان: جرائم الاحتلال في غزة تحرج الذكرى وتبتذلها..!
يحيي العالم اليوم الذكرى 75 للإعلان العالمي لحقوق الانسان في حدث رفيع المستوى يمتد ليومين في جنيف. وهي مناسبة يلتقي فيها رؤساء الدول والحكومات والجهات الفاعلة في المجتمع المدني والمدافعون عن حقوق الإنسان وقادة الأعمال والرياضيون والفنانون وخبراء الاقتصاد في المدينة لصياغة رؤية لمستقبل حقوق الإنسان.
ويشكّل هذا الحدث تتويجًا لحملة استمرت عامًا كاملًا، تُعرَف بمبادرة حقوق الإنسان 75. وقد استضافتها مفوضيّة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان بهدف إعادة إحياء الروح التي أدت إلى اعتماد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بتوافق عالمي في الجمعية العامة.
ولئن انبثق الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948 من الرغبة في ضمان عدم تكرار أهوال الحرب العالمية الثانية، فانه ومع حلول الذكرى الخامسة والسبعين لهذا الإعلان هذا العام، يجب ان تنظر المجموعة الدولية ما اذا كان ما يزال مجديا حتى الآن أم أنه يحتاج إلى إعادة نظر؟
فالحرب الحالية التي يشنّها الكيان الصهيوني المحتل على غزة تكشف عن حالة غير مسبوقة في ما يتعلّق بالمساس بوضع حقوق الإنسان إلى درجة الإهدار الكامل لها. كما تكشف حالة الانتهاك الجسيم لمبادئ القانون الدولي الإنساني أمام صمت المجتمع الدولي وعجز مؤسّساته عن ردع جرائم الاحتلال الصهيوني. وهو ما أحبط المدافعين والمؤمنين بمقولات حقوق الإنسان، وكشفت زيف الخطاب الغربي عن هذه الحقوق، وعرّت منظومته القانونية التي تكيل بالمكيالين بين شعوب مظلومة وحكام ظالمين.
وينص الإعلان العالمي لحقوق الانسان على أنه ايولد جميع الناس أحراراً ومتساوين في الكرامة والحقوقب. غير انه إذا حاولنا تنزيل هذه المبادئ على ما يحصل اليوم من إبادة جماعية للنساء والأطفال في قطاع غزة ومن تقتيل وإبادة للمدنيين في الحرب الروسية الاوكرانية، فان ذلك يحوّل مسألة حقوق الإنسان إلى مسألة مبتذلة لان الحروب الحالية تقمع حق الفرد في أن يكون له معنى وان يكون إنسانا وان تكون له حياة. وكل ذلك على مرأى ومسمع من المنظمات الدولية وعلى رأسها منظمة الأمم المتحدة التي أصبحت غير قادرة على لجم الحروب وشراستها خاصة منها الحروب الظالمة.
اختلال الموازين
في هذا الاطار يبين الباحث في العلاقات الدولية، يوسف الشريف ان حقوق الإنسان كما الديمقراطية لا تطبق بالقوة وإنما بالتوافق والتنازل من جميع الأطراف. فهي مفاهيم تستند على ميزان هش ومتعدد التجاذبات. فلما يستعمل طرف القوة لإيصال موقفه أو انتزاع موقف من الجهة المقابلة، فهذا يخل بالمعادلة ويسقط عدالة الميزان.
وأفاد يوسف الشريف في تصريحه لـ االصحافة اليومب بأنه يمكن للعالم أن يحتفل باليوم العالمي لحقوق الإنسان، ويمكن للحكام والدبلوماسيين التسويق لهذه الذكرى والتركيز على جانبها الفلكلوري، غير أن ما نتابعه يوميا يذكّرنا بأن من يمتلك قوة السلاح هو من يحدد ما سيحترمه من حقوق وما سيدوسه ويغتاله.
وخلص الشريف الى القول ان االتاريخ سيذكر لاحقا الظلم والآلام، لكن سيقتل الآلاف في الأثناء، وسيشرّد ويسجن غيرهم، ولن يعوّضهم أحد في ما فقدوه.
وتعتقد المختصة في القانون الإنساني الدولي ايناس الجعايبي ان منظومة حقوق الانسان الدولية اليوم تحتاج إلى مراجعات وبدائل مثلها مثل المنظمات الأممية. اذ اثبتت الخروقات في القانون الدولي قصورا في نجاعة الأمم المتحدة في التعامل مع الحرب على غزة والجرائم التي وقع ارتكابها على مرأى من العالم. وبهذا يصبح إحلال السلام غير ممكن ما دامت قرارات مجلس الأمن تتعطل لأسباب سياسية بحتة تتعلق بالعلاقات الدولية، كما أصبحت الأمم المتحدة مكبّلة بمصالح الدول.
وعن البدائل المطروحة تفيد الخبيرة القانونية ايناس الجعايبي لـ االصحافة اليومب بان هناك عدة مشاريع واقتراحات اصلاح لمنظمة الامم المتحدة مثل توسيع أعضاء مجلس الامن ولكن يبقى السؤال كيف سيتم الدفع نحو الحلول من قبل نفس المنظومة.
الحقوق الوطنية
أما إذا نظرنا إلى وضع حقوق الإنسان على مستوى الدول وعلى مستوى وطني سنجد انه لم يعد للمنظمات الدولية صلبها أي معنى او دور اذ ان كل الأنظمة العربية تدوس يوميا على رقبة حقوق الانسان، ومن بينها تونس. فالمرسوم عدد 54 الذي ساهم في سجن النشطاء الحقوقيين بالجملة والتفصيل على خلفية تدوينات تعبر عن آرائهم على مواقع التواصل الاجتماعي وعلى خلفية اعمال صحفية على غرار سجن الصحفي خليفة القاسمي لمدة خمس سنوات، لا يمثل سوى انتهاك صارخ لحقوق الانسان المدنية والسياسية المنبثقة عن الإعلان العالمي لحقوق الانسان.
هذا علاوة على الطوابير اليومية التي اصبح يعيشها المواطن التونسي للبحث عن المواد الغذائية الأساسية وغيرها من المواد. وهو ما يعبر عن انتهاك للحقوق الأساسية وهي الحق في الغذاء والحياة الكريمة، ولعل تراجع الحق في الصحة والحق في التعليم في السنوات الأخيرة كحقوق اقتصادية واجتماعية، انما هو نتيجة لسياسات عمومية منافية لحقوق الانسان.
مهمة هيئة الانتخابات: تقديرات نفقات انتخابية محتملة سنة 2025 تتجاوز 74 مليون دينار : نواب يطالبون بتطوير أداء الهيئة لتحسين نسب المشاركة الانتخابية
ناقش أعضاء الغرفتين النيابيتين بقصر باردو أمس مشروع ميزانية الهيئة العليا المستقلة للانتخا…