2023-12-04

بعد سداد الديون بشق الأنفس سنة 2023: هل ستتواصل صعوبات البلاد المالية سنة 2024؟

يتوقع‭ ‬خبراء‭ ‬الإقتصاد‭ ‬بحسب‭ ‬ما‭ ‬ورد‭ ‬من‭ ‬أرقام‭ ‬في‭ ‬قانون‭ ‬المالية‭ ‬أن‭ ‬سنة‭ ‬2024‭ ‬ستكون‭ ‬سنة‭ ‬صعبة‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الاقتصادي‭ ‬وقد‭ ‬تكون‭ ‬أصعب‭ ‬من‭ ‬سنة‭ ‬2023‭ ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬مستوى‭ ‬الإيفاء‭ ‬بالتعهدات‭ ‬المالية‭ ‬الخارجية‭ ‬للبلاد،‭ ‬وهي‭ ‬ذات‭ ‬التوقعات‭ ‬السابقة‭ ‬بالنسبة‭ ‬لسنة‭ ‬2023‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬بالفعل‭ ‬سنة‭ ‬صعبة‭ ‬على‭ ‬التونسيين‭ ‬على‭ ‬جل‭ ‬المستويات‭. ‬ورغم‭ ‬عدم‭ ‬حصول‭ ‬البلاد‭ ‬على‭ ‬القرض‭  ‬من‭ ‬صندوق‭ ‬النقد‭ ‬الدولي‭ ‬الذي‭ ‬طال‭ ‬انتظاره،‭ ‬فقد‭ ‬تمكنت‭ ‬البلاد‭ ‬من‭ ‬خلاص‭ ‬ديونها‭ ‬الخارجية‭ ‬والإيفاء‭ ‬بالتزاماتها‭ ‬المالية‭ ‬وهذا‭ ‬في‭ ‬حد‭ ‬ذاته‭ ‬تحد‭ ‬كبير‭ ‬ورهان‭ ‬صعب‭ ‬ومؤشر‭ ‬إيجابي‭ ‬تحقق‭ ‬خلال‭ ‬هذه‭ ‬السنة‭ ‬وأكد‭ ‬إمكانية‭ ‬التعويل‭ ‬على‭ ‬الذات‭ ‬وهو‭ ‬يخدم‭ ‬سمعة‭ ‬تونس‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الدولي‭. ‬

ثمن‭ ‬ذلك‭ ‬كان‭ ‬باهظا‭ ‬جدا‭  ‬خاصة‭ ‬وأنه‭ ‬تم‭ ‬توجيه‭ ‬كل‭ ‬الإمكانيات‭ ‬المالية‭ ‬الذاتية‭ ‬والموارد‭ ‬والعائدات‭ ‬بالعملة‭ ‬الصعبة‭ ‬المتأتية‭ ‬من‭ ‬قطاعات‭ ‬رئيسية‭ ‬للإقتصاد‭ ‬التونسي‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬عائدات‭ ‬القطاع‭ ‬السياحي‭ ‬والتصدير‭ ‬وتحويلات‭ ‬التونسيين‭ ‬بالخارج‭ ‬لسداد‭ ‬الديون‭ ‬الخارجية‭ ‬للبلاد‭ ‬وكان‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬تزويد‭ ‬التونسيين‭ ‬بالمواد‭ ‬الأساسية‭ ‬والحيوية‭ ‬من‭ ‬أدوية‭ ‬ومحروقات‭ ‬وحبوب‭ ‬وسكر‭ ‬وقهوة‭ ‬وزيت‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬استيرادها‭ ‬وتوفيرها‭ ‬خلال‭ ‬سنة‭ ‬2023‭ ‬بالكميات‭ ‬المطلوبة‭ ‬التي‭ ‬تستجيب‭ ‬لاحتياجات‭ ‬التونسيين‭.‬وقد‭ ‬تمظهر‭ ‬ذلك‭ ‬في‭  ‬الطوابير‭ ‬الطويلة‭ ‬والنقص‭ ‬الفادح‭ ‬في‭ ‬المواد‭ ‬المعيشية‭ ‬وارتفاع‭ ‬الأسعار‭ ‬بشكل‭ ‬غير‭ ‬مسبوق‭ ‬نتيجة‭ ‬نقص‭ ‬العرض‭ ‬من‭ ‬المواد‭ ‬وزيادة‭ ‬الطلب‭ ‬عليها‭. ‬وهذا‭ ‬يوضح‭ ‬أن‭ ‬امكانيات‭ ‬الدولة‭ ‬لم‭ ‬تنجح‭ ‬في‭ ‬ضمان‭ ‬الأمرين‭ ‬معا‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته‭ ‬وهما‭ ‬أولا‭ ‬تسديد‭ ‬الديون‭ ‬الخارجية‭ ‬وخلاص‭ ‬القروض‭ ‬وفي‭ ‬الآن‭ ‬ذاته‭ ‬توفير‭ ‬احتياجات‭ ‬التونسيين‭ ‬من‭ ‬المواد‭ ‬الموردة‭ ‬ومن‭ ‬المواد‭ ‬الأولية‭ ‬المطلوبة‭ ‬لتحريك‭ ‬عجلة‭ ‬الاقتصاد‭. ‬وقد‭ ‬تم‭ ‬ترجيح‭ ‬كفة‭ ‬خلاص‭ ‬الديون‭ ‬الخارجية‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬المتطلبات‭ ‬الحياتية‭ ‬والمعيشية‭ ‬للتونسيين‭ ‬ولا‭ ‬يخفى‭ ‬ايضا‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الخيار‭ ‬كان‭ ‬أيضا‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬الإقتصاد‭ ‬التونسي‭ ‬وعلى‭ ‬حساب‭ ‬الاستثمار‭  ‬فالقطاع‭ ‬البنكي‭ ‬الوطني‭ ‬الذي‭ ‬يتمثل‭ ‬دوره‭ ‬الاساسي‭ ‬في‭ ‬تمويل‭ ‬الاقتصاد‭ ‬وفي‭ ‬دعم‭ ‬المؤسسات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬بالقروض‭ ‬لبعث‭ ‬المشاريع‭ ‬ودفع‭ ‬الاستثمارات‭ ‬تخلى‭ ‬بدوره‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬الدور‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬المساهمة‭ ‬في‭ ‬تمويل‭ ‬ميزانية‭ ‬الدولة‭ ‬وضخ‭ ‬الأموال‭ ‬لتعويض‭ ‬النقص‭ ‬الكبير‭ ‬في‭ ‬الموارد‭ ‬وذلك‭ ‬عبر‭ ‬آلية‭ ‬الإقراض‭ ‬للدولة‭. ‬ومن‭ ‬ثمة‭ ‬ولئن‭ ‬نجحت‭ ‬البلاد‭ ‬في‭ ‬جمع‭ ‬الموارد‭ ‬المطلوبة‭ ‬بشتى‭ ‬الطرق‭  ‬لتخطي‭ ‬معضلة‭ ‬سداد‭ ‬الديون‭  ‬لسنة‭ ‬2023‭  ‬بشق‭ ‬الانفس‭ ‬فإنها‭ ‬بالمقابل‭ ‬قد‭ ‬اضرت‭ ‬بالاقتصاد‭ ‬وكانت‭ ‬نتيجته‭ ‬الضعف‭ ‬الفادح‭ ‬لنسبة‭ ‬النمو‭ ‬الاقتصادي‭ ‬المسجلة‭ ‬وتواصل‭ ‬معاناة‭ ‬التونسيين‭ ‬في‭ ‬معيشهم‭ ‬اليومي‭. 

وتشير‭ ‬التوقعات‭ ‬أيضا‭ ‬الى‭ ‬أن‭ ‬الصعوبات‭ ‬المالية‭ ‬للدولة‭ ‬ستتواصل‭ ‬سنة‭ ‬2024‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬تسديد‭ ‬الديون،‭ ‬اذ‭ ‬ستشهد‭ ‬أغلب‭ ‬شهور‭ ‬السنة‭ ‬القادمة‭ ‬ضغطا‭ ‬متواصلا‭ ‬على‭ ‬ميزانية‭ ‬الدولة‭ ‬لتسديد‭ ‬ديون‭ ‬مستحقة‭ ‬خاصة‭ ‬الخارجية‭ ‬منها‭ ‬وستكون‭ ‬البداية‭ ‬في‭ ‬أشهر‭ ‬جانفي‭ ‬وفيفري‭ ‬صعبة‭ ‬جدا‭ ‬فهناك‭ ‬مستحقات‭ ‬بمبالغ‭ ‬كبيرة‭ : ‬850‭ ‬مليون‭ ‬أورو‭ ‬كقرض‭ ‬رقاعي‭ ‬في‭ ‬السوق‭ ‬المالية‭ ‬الدولية‭ ‬أبرم‭ ‬في‭ ‬2017‭ ‬و168‭ ‬مليون‭ ‬دولار‭ ‬كقروض‭ ‬مختلفة‭ ‬وأكثر‭ ‬من‭ ‬مليار‭ ‬دينار‭ ‬لتسديد‭ ‬أقساط‭ ‬من‭ ‬القرض‭ ‬الرقاعي‭.‬

وهذا‭ ‬سيكون‭ ‬وضع‭ ‬ميزانية‭ ‬الدولة‭ ‬التي‭ ‬أغلب‭ ‬مواردها‭ ‬متأتية‭ ‬من‭ ‬الجباية‭ ‬ومن‭ ‬ضغط‭ ‬جبائي‭ ‬مازال‭ ‬الأرفع‭ ‬في‭ ‬المنطقة،وفي‭ ‬ظل‭ ‬موارد‭ ‬اقتراض‭ ‬خارجي‭ ‬مصادرها‭ ‬غير‭ ‬معلومة‭ ‬واقتراض‭ ‬داخلي‭ ‬يعول‭ ‬على‭ ‬القطاع‭ ‬البنكي‭ ‬مرة‭ ‬اخرى‭ ‬لمزيد‭ ‬تقديم‭ ‬القروض‭ .‬

وعدا‭ ‬التعويل‭ ‬على‭ ‬الموارد‭ ‬الجبائية‭ ‬والاقتراض‭ ‬الداخلي‭ ‬والخارجي‭ ‬لا‭ ‬وجود‭ ‬لموارد‭ ‬أخرى‭ ‬واضحة‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬أن‭ ‬تضمن‭ ‬لتونس‭ ‬استقرارا‭ ‬ماليا‭ ‬يمكنها‭ ‬من‭ ‬تحقيق‭ ‬تعهداتها‭ ‬مع‭ ‬دائنيها‭ ‬ومع‭ ‬مواطنيها‭ ‬أيضا‭ ‬والايفاء‭ ‬بالتزاماتها‭ ‬الخارجية‭ ‬والداخلية‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬وهو‭ ‬الأمر‭ ‬المطلوب‭ ‬تحقيقه‭ ‬عبر‭ ‬رؤية‭ ‬اقتصادية‭ ‬واضحة‭ ‬وإصلاحات‭ ‬عميقة‭ ‬تعالج‭ ‬كل‭ ‬مواطن‭ ‬الخلل‭ ‬التي‭ ‬وضعت‭ ‬البلاد‭ ‬تحت‭ ‬مطرقة‭ ‬الديون‭ ‬الخارجية‭ ‬والداخلية‭.‬

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

من أجل تحقيق الأمن الغذائي..

 لا شك أن ارتفاع الصادرات الفلاحية التونسية وتحسّن عائداتها  وهو ما أكدته الارقام الاخيرة …