المرسوم 54… بين الحق والباطل!
تتواصل التتبّعات والاستنطاقات في حق الناشطين السياسيين ووجوه الإعلام على معنى المرسوم 54 الذي يجمع الشارع المدني والسياسي على أنه تحول من نص قانوني ينظم الفضاء السيبرني والعام للحدّ من الانزلاقات بالسبّ والشتم إلى ا سيفب مسلّط على رقاب السياسيين والإعلاميين الذين ينتقدون بعض المسؤولين أو الإدارات أو السياسات العمومية في البلاد وذلك بشهادة منظمات حقوقية بالداخل والخارج.
ولعل آخر هذه التتبعات القضائية شملت مؤخرا كلاّ من المحاميتين دليلة مصدق و سنية الدهماني حيث أكدت الدهماني أول أمس أنها علمت أن إدارة السجون رفعت بها شكاية على معنى المرسوم 54 وذلك على خلفية تصريحات لها لإحدى الاذاعات انتقدت فيها ظروف اقامة الموقوفين السياسيين في ما يعرف بقضية التآمر على امن الدولة.
ومن جهة أخرى أعلنت هيئة الدفاع عن الموقوفين في ما يعرف بقضية التآمر على أمن الدولة أنّ قاضي التّحقيق بالمكتب عدد 21 بالمحكمة الإبتدائيّة بتونس قرّرالثلاثاء الابقاء على المحامية والعضوة بالهيئة دليلة بن مبارك مصدّق بحالة سراح بعد استنطاقها في إطار القضيّة التي أثارتها النّيابة العموميّة ضدّها على معنى المرسوم 54 على خلفيّة تصريحات اعلامية كشفت فيها أنّ الهيئة قدّمت مطلبًا لسماع الدّيبلوماسيين الأجانب في قضية التآمر.
وتعيد هذه القضايا والاستنطاقات إلى الأذهان كيفية تعاطي الدولة ومؤسساتها مع بعض التصريحات التي لا تحمل ثلبا أو تعنتا على أي جهة رسمية بقدر ما تطالب بتوضيحات أو إثارة تساؤلات حول أي مسألة من صميم انشغالات الشارع التونسي.
وقد تحول تواتر الاستنطاقات والإيقافات على معنى هذا المرسوم إلى أمر محرج للسلطة قبل معارضيها خاصة وقد ضاعف هذا المرسوم من هشاشة وضع حرية التعبير في تونس التي تراجعت بـ21 مرتبة سنة 2022 في التصنيف السنوي لمنظمة مراسلون بلا حدود المتعلق بحرية الصحافة وذلك بسبب ما تشهده وسائل الإعلام والصحفيون والصحفيات من ضغوطات مالية وخلق نوع من الرقابة الذاتية لديهم خوفا من الملاحقات القضائية لعديد الصحفيين الذين مثلوا أمام قاضي التحقيق إما بسبب تصريحات صحفية أو مقالات أو تدوينات.
وعلى الرغم من أن إقرار المرسوم جاء في إطار مكافحة الجرائم الإلكترونية، مثل القرصنة والاحتيال وسرقة البيانات على الإنترنت، فقد تحول المرسوم من منظم لهذه الفضاءات الاجتماعية إلى الملاحقات القضائية التي انطلقت باستعمال المرسوم ضد عديد الصحفيين والحقوقيين والنشطاء على غرار الصحفية منية العرفاوي والصحفي محمد بوغلاب و المحامي العياشي الهمامي وغيرهم وقد بلغت هذه الملاحقات حد الإيقاف.
وتجدر الإشارة إلى أن عديد الأطراف كانت قد حذّرت من بعض الفصول التي يتضمنها المرسوم بالرغم من محاولات السلطة طمأنة الرأي العام والتأكيد على أن هذا المرسوم لن يمس من نفس الحرية التي نالها التونسيون بعد 2011 حيث تحتوي عديد الفصول على عبارات فضفاضة قابلة لعديد التأويلات على غرار الفصل 24 من المرسوم أين تم تجريم شريحة واسعة من الأفعال مثل اإنتاج، أو ترويج، أو نشر، أو إرسال، أو إعداد أخبار أو بيانات أو إشاعات كاذبة أو وثائق مصطنعة أو مزوّرة أو منسوبة كذبا للغير بهدف الاعتداء على حقوق الغير أو الإضرار بالأمن العام أو الدفاع الوطني أو بث الرعب بين السكانب.
وتفتح هذه العبارات الفضفاضة أمام السلطات الإدارية والقضائية الباب للتوسع في التأويل وبالتالي التضييق على حرية التعبير في الفضاء الرقمي بصورة غير مشروعة.
وكانت هيئات دولية قد قامت بتحليل وتفكيك محتوى المرسوم منذ صدوره، وقيّمته على ضوء الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي صادقت عليها تونس لتخلص بالإجماع إلى أنه يتناقض مع العديد من الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي صادقت عليها تونس.
ومنذ صدوره ذكرت اللجنة الدولية للحقوقيين في تقريرها بأن المرسوم صدر من دون أي ااستشارات أو نقاش عامب، معربةً عن قلقها إزاء عمليات الملاحقة التي تدق ناقوس الخطر والتي صدرت بموجب المرسوم عدد 54، مدينة الملاحقات القضائية للحق المشروع في حرية التعبير.
نتيجة لجهود مؤسسات الدولة وتغيير مكتب المحاماة الدولي : تونس تكسب ملف البنك التونسي الفرنسي
حسم ملف البنك التونسي الفرنسي لفائدة الدولة التونسية إثر صدور قرار المركز الدولي لفض نزاعا…