الزيارات «الفجئية» لرئيس الجمهورية إلى عدد من مؤسسات الدولة : ..حتى لاتكون مجرد انفعالات بلا محتوى اصلاحي..!
تتكرر الزيارات الفجئية للرئيس قيس سعيّد الى عدد من المؤسسات وآخرها مستودع النقل في باب سعدون وذلك للوقوف على تعطل الخدمات ومصالح المواطنين في عدة قطاعات. الا ان المسؤولين في تلك المؤسسات لا يبادرون الى تحسين الأوضاع ومعالجة الإشكاليات التي ترتبط بمجالات حيوية على غرار أزمات فقدان المواد الأساسية او تردّي قطاع النقل والصحة وتعطل نشاط الفسفاط وغيرها…
فكيف يمكن ترجمة هذه الزيارات على أرض الواقع حتى تتحول إلى حركة إصلاح حقيقية، وحتى لا تكون مجرد خطاب مشهدي ومقدمة لحملة انتخابية سابقة لأوانها…
تدار البلاد منذ إقرار مسار 25 جويلية بتصور سياسي جديد يقوم على تطهير الإدارة ومكافحة الفساد والتعويل على الذات، وهو تمشّ يهدف الى محاولة الخروج من وحل االتجربة السابقةب.
ولعل النهوض بالأوضاع المتردية يتطلب في مرحلة أولى تحديد تصور اقتصادي واضح، وهذا ما لم يحصل الى الان، فرئيس الحكومة احمد الحشاني لم يكشف في خطابة بالبرلمان الا عن القليل من هذا التوجه.
وبقي رئيس الجمهورية قيس سعيّد محافظا على توجهه وهو الوقوف على المشاكل بنفسه، رغم ان الحكومة تمثل السلطة التنفيذية التي بيدها ترجمة وتطبيق الخيارات والسياسات العامة للدولة.
ولم تكن زيارة قيس سعيد إلى مستودع شركة نقل تونس بباب سعدون مساء الجمعة الفارط التحرك الأول له وانما سبقتها عدة زيارات لعديد المؤسسات دون تحقيق نتائج ملموسة في مراحل لاحقة…
وقام رئيس الجمهورية بجولة تفقدية، مستنكرا وجود عشرات الحافلات في وضعية مهملة بالكامل مضيفا بالقول، االشعب كُلّ يوم يقاسي ويعاني في النقل، والحديد مطيّش فيراي.. مليارات ملوّحة وبعد يُقلك الشركات فالسة.. لابد من وضع حدّ لهذا الوضع خلال الأيام القادمةب.
وقال سعيد لوزير النقل، االنقل من حقوق الشعب التونسي، والإجراءات يجب أن تكون في خدمة الشعبب.
وأبرز الرئيس أن النقل الجماعي يجب أن يكون منظما وليس بالطريقة المهينة التي تمس من كرامة الإنسان.
وأضاف أن القانون وضع لخدمة الشعب، موضحا أنه لا يمكن تبرير الحالة المتردية للحافلات بالإجراءات، وفق تعبيره.
وكان أدى يوم الخميس 2 نوفمبر 2023 رئيس الجمهورية قيس سعيد زيارة الى ولاية نابل حيث قام بجولة على الأقدام واستمع خلالها الى مشاغل المواطنين كما زار مستودع القطارات، اين دعا الرئيس الى ضرورة وضع حد للتفريط في النقل العمومي، مشددا على ضرورة اقتلاع الفساد من جذوره.
تطوير السياسات
وقام الرئيس في فترات سابقة بزيارات الى عدة مؤسسات وولايات دون تحقيق تحسينات عملية، مما يستدعي تغييرا في أساليب إدارة الملفات.
ولعل الإشكال في عدم تقدم الإصلاحات في كل المجالات في السنوات الأخيرة يتطلب بالضرورة تحديد الأسباب الحقيقية لتعثر الخدمات كخطوة حاسمة، لمعرفة ما اذا كان هناك نقص في التمويل، ام إدارة ضعيفة، أوسوء حوكمة او فساد مالي واداري.
ويتعين على الحكومة إجراء تقييم شامل للوضع لضمان أن هذه الإصلاحات تستهدف المشاكل الأساسية. وأيضا ضرورة إجراء تحقيقات مستقلة وشفافة لكشف الفساد والتلاعب في كل المنظومات.
وتلعب الإدارة الفعّالة دوراً حاسماً في توفير وتحسين هذه الخدمات، من خلال تحسين المنظومات الإدارية لزيادة الكفاءة والشفافية.
ويستدعي الامر ضرورة وضع وتطوير سياسات عمومية تهدف إلى تحسين جودة الخدمات ومراقبة أداء الجهات المسؤولة. وقد يتضمن ذلك إعادة هيكلة القوانين والمنظومات القائمة لتكون أكثر فعالية وملاءمة لاحتياجات المواطنين وتعزيز المساءلة.
وينبغي على الحكومة نشر معلومات بشكل دوري حول كيفية صرف وتوظيف الأموال العمومية والتحسينات التي تم إجراؤها.
ان هذه الإصلاحات يجب أن تكون جزءًا من استراتيجية مستدامة، فينبغي على الحكومة والجهات المسؤولة تطوير خطط زمنية لتحقيق التحسينات على المدى القصير والمتوسط والطويل. وهذه الأهداف يمكن تحقيقها من خلال تكنولوجيا المعلومات، وتحديث البنية التحتية، وتحسين مهارات العاملين على حد سواء.
برامج ومتابعة
في هذا السياق، يرى الناشط السياسي ماجد البرهومي ان الزيارات الفجئية لرئيس الجمهورية أمر محمود وجيد ولا بد من تكثيفها لان الفساد نخر كل القطاعات، ولكن يجب ان تستتبعها قرارات صارمة وخارطة طريق لإصلاح كل القطاعات الحيوية ومتابعتها في ادق تفاصيلها ومراحلها.
وأضاف ماجد البرهومي في تصريحه لـاالصحافة اليومب ان االامر يحتاج الى تكوين لجان مختصة من خبراء في كافة المجالات للخروج بخارطة طريق محددة وبرنامج إصلاحي يضم فريق عمل، وهنا مكمن الخلل الذي يجعل الزيارات لا تستتبعها إجراءات صارمة تتخذها الحكومةب.
ويدعو محدثنا الى المزيد من التنسيق بين العمل الرئاسي والعمل الحكومي وخصوصا الوزارات ذات الطابع الاقتصادي مما يسهل إيجاد الحلول المناسبة لأغلب الملفات.
وأفاد من جهته المحلل السياسي المنذر ثابت بأن الموضوع يتعلق بمنهج عمل، فالزيارات التي يقوم بها الرئيس أبرزت ان الخلل في عمل مؤسسات الدولة واتلاف تجهيزات هامة وثمينة في شركة النقل…
وتابع المنذر ثابت في تصريح لـاالصحافة اليومب ان االامر يحتاج تقارير تقنية في المرافق العمومية، وقطاع النقل هو أولوية بالنسبة للمواطن، ثم تحميل المسؤولية لمن قصّر في واجبهب.
وأشار ثابت الى ان الموضوع اكثر تعقيدا مما هو عليه، ويتناول مجال قطاع الغيار وحسن اشتغال المصالح المختصة في الصيانة مما يحتاج الى متابعة من طرف المديرين المعنيين، وأيضا تحميل مسؤولية للوزراء القائمين على هذه القطاعاتب.
وقد سئم التونسيون من متابعة خطابات مشهدية للرئيس دون تحقيق نتائج ناجعة، مما يطرح تساؤلا عن الغاية منها وهل تندرج في اطار حملة انتخابية سابقة لأوانها امام العجز عن تغيير الاوضاع.
ان تحويل الزيارات الفجئية إلى حملة إصلاح فعّالة يتطلب مجهوداً مشتركاً من الحكومة وأجهزتها التنفيذية في الإدارة، اذ يجب أن تكون الإصلاحات مستندة إلى تحليل شامل وتحقيقات مستقلة، مع التركيز على تحسين الإدارة وعلى استدامة الإصلاحات وتكاملها في السياسات العامة.
رئيس الجمهورية يدعو إلى معركة شاملة ضد الفساد في كافة القطاعات : التأكيد على اعتماد مقاربات شاملة لمكافحة الظاهرة
تتواصل الجهود الوطنية لمحاربة الفساد في مختلف القطاعات وفي عدد من الهياكل والمؤسسات، حيث أ…