استشهد أمس صحافيان جنوب لبنان في قصف ممنهج من جيش الاحتلال يبدو حسب كل المعطيات التي نقلت عن الغارة انه كان مباشرًا ومقصودًا باستعمال طائرة مسيرة.
ارتقت أمس فرح عمر مراسلة تلفزيون الميادين من جنوب لبنان بعد ساعات من ظهورها على الشاشة لتغطية الأحداث جنوب البلاد وفضحها البشاعات التي ارتكبها جيش الاحتلال ضد مدنيين ومعها ارتقى زميلها المصور ربيع المعماري.
التحق يوم أمس كل من فرح وربيع بقافلة طويلة من شهداء الحقيقة وضميرها وسجلت هيئة مراقبة الصحفيين مقتل 48 صحفياً منذ 7 أكتوبر، وكانت اللجنة قد وصفت الشهر الأول من الحرب بأنه الشهر الأكثر فتكاً الذي عانى منه الصحفيون منذ عام 1992 قبل مقتل ستة صحفيين فلسطينيين آخرين في غزة خلال عطلة نهاية الأسبوع.
وقُتل خمسة صحفيين يوم السبت وحده، مما يجعله ثاني أكثر الأيام دموية في الحرب.
ووفقا لآخر إحصائية للمكتب الإعلامي للحكومة في قطاع غزة، استشهد 60 صحفيا وصحفية حتى الآن.
ان استهداف دولة الاحتلال للصحافة في غزة رغم ان الصحافيين يتمتعون بحماية خاصة تضمنها اتفاقيات عديدة لا تحصى ولا تعد صادقت عليها كل دول العالم ومن بينها إسرائيل التي تتبجح بديمقراطيتها وكفالتها لحرية التعبير يعكس حقيقتين ناصعتين، الأولى استخدامها سياسة الأرض المحروقة والعقاب الجماعي ضد سكان القطاع دون تمييز بين شخص وآخر، والثانية تعمد استهداف الصحافيين في محاولة لإسكات الأصوات المناهضة للعدوان أو على الأقل التي تنقل الحقائق كما هي على الأرض.
لقد نجح الصحافيون رغم كل الحصار الذي فرض عليهم كما على كل سكان القطاع في نقل الحقيقة وتحدوا انقطاع الكهرباء والاتصالات ورغم القصف والدمار ظلوا صامدين في الميدان ينقلون حقيقة البشاعات والمجازر التي يرتكبها جيش الاحتلال ضد البشر والشجر والحجر.
ان الكيان المحتل الذي كان يعوّل على التعتيم وقتل الحقيقة وجد نفسه أمام كاميرات صحافيي غزة عاريا أمام الإنسانية بعد أن نجحوا في فضح وحشيته وبشاعته وكشفوا كل أكاذيبه وأسمعوا العالم الصوت الآخر للحقيقة لذلك فمن البديهي أن يعتبرهم أعداء لا يقلّون شأنا وخطورة على وجوده عن مقاتلي حماس ومن هذا المنطق كان لابد من اسكاتهم ولو كان ذلك بصوت الرصاص.
لقد شكّل نجاح صحافيي غزة في كسر الحصار المفروض على قطاعهم وتحطيم السردية الإسرائيلية بنقل الرواية الأخرى بعد أن توقفت كاميرات وميكروفونات شاشات الاعلام الغربي العريق عند تاريخ السابع من أكتوبر وتحولهم لشهود على العار الذي سيلاحق الاحتلال ومن ورائه الغرب المتباهي بقيمه الديمقراطية وحقوق الانسان ومواثيقها ومعاييرها، هزيمة أخرى يتكبدها الكيان المحتل الذي لم ينجح منذ نحو شهر ونصف من القتل والتدمير في تحقيق مكاسب تحفظ ماء وجهه بعد أن تلقى قبل شهر ونصف أكبر صفعة في تاريخه منذ أزيد من سبعة قرون.
لن تكون فرح ولن يكون ربيع آخر شهداء الحقيقة في غزة فالآلة العسكرية الوحشية للاحتلال لن تتوقف عن ارتكاب الفظاعات ضد المدنيين والصحفيين على حد سواء طالما لم تحقق أهدافها التي رسمتها وأعلنتها منذ السابع من أكتوبر الماضي وهي لذلك لن تتوانى عن قتل المراسلين واستهدافهم بشكل مباشر أملا في أن تنطفئ عين الحقيقة مع كل صحفي تغتاله بيد أنها لا تدرك أن عشرات مثل فرح وربيع يولدون كل يوم في غزة ليسيروا على نفس الدرب وأن الحقيقة لن تموت.
مع الأحداث : لماذا أعطى بايدن الضوء الأخضر لكييف لاستعمال الأسلحة الأمريكية؟
يحبس العالم أنفاسه وهو يتابع التطورات الأخيرة في أوكرانيا حيث ظهرت أسلحة تستعمل لأول مرة و…